المملكة الداعشية في حضن الغرب

المملكة الداعشية في حضن الغرب
كثر هي التقارير  التي تغطي المعركة الآن في المحافظات السورية بين النظام والثوار , لكن منسية نسبياً تقارير الحصار على المناطق التي تسيطر عليها داعش , وهذا تعتيم مفضوح، في تجاهل شبه تام لمناطق سيطرت داعش.

ولأمرٍ ما تبالغ، عن قصد، بعض التقارير في تصوير قوة داعش والبغدادي من لبنان إلى العراق مرورا بسوريا، فمن يقرأ يظن أن أرض العرب بُسطت لهم.

فالبغدادي يضرب في بيروت وفي حلب وإدلب والرقة وفي الفلوجة والرمادي والموصل ويترك بصماته في سيناء والغرب ما من أحد يحرك ساكن , فقط الروس طائراتهم تسرح وتمرح في سماء سوريا كـالطيور الخفاقة وتضرب غرباً وشرقاً , كأنها تمتلك ( كرت صلاحية ) بالتجوال حيثما شائت .

هي لعبة استخبارية لا تُحسن بعض الأجهزة غيرها، لكنها كثيرا ما تنقلب عليهم، تُدار خيوطها وتُحبك قصصها وتلفق أخبارها في دوائر التأثير الدعائي الإستراتيجي.

الحرب استخبارية في المقام الأول، مهمتها الأساسية إجهاض تحرك الشعوب وثوراتها، تعتمد على إستراتيجية الاختراق والتفجير من الداخل: معلومات متضاربة، شحن، تضليل، دعاية مضادة، تحريش، اندساس، فتح معارك جانبية وتزوير الأخبار وما إلى ذلك، هذا الكم الهائل من الأدوات تُستخدم أحيانا دفعة واحدة لاستنزاف الثورة وإنهاك قواها بضربات متسارعة متلاحقة تعصف بالعقول، تجرَ إليها البعض وتستدرجهم إلى الغرق في مستنقعات التصعيد الداخلي.

وترمي بأوراقها وتنوع تأثيراتها وتتسلل عبر التناقضات والثغرات، هي لا تواجه مباشرة، وإنما تراهن على الاستنزاف وإطالة أمد الصراع من وراء لافتات وشعارات وحجج ودعاوى، ولا يعني هذا أنها بارعة وفائقة الذكاء والدهاء، ولكن لأن البعض من المحسوبين على الثورة لديه القابلية والاستعداد الذهني والنفسي للانجرار والتجاوب مع مثل هذه المخططات، وتصلبه وانغلاقه وعناده يسهل عملية زرع الألغام ونصب الفخاخ.

هي تُدرك أن القاعدة لا تمثل إلا جزءا يسيرا وأحيانا جانبيا من المشهد الثوري، ولكن عملية النفخ والتهويل والربط المضلل والتمدد الدعائي المغرض العابر للحدود يراد لها أن تصنع الصورة الطاغية المهيمنة على الوضع، وبهذا أمكن صناعة الخوف والترويع ومن ثم الابتزاز والتركيع.

ولو كانت القاعدة (داعش تحديدا) معضلة داخلية معلومة في العراق وسوريا لأمكن احتواؤها من عقلاء الثوار وحكمائهم، ولكن لأنها كيان هلامي غامض مجهول الحال (وأقصد الدائرة القيادية المغلقة) لا يُعرف عن رؤوسها إلا القليل وأظهرت ولعا بتجنيد المقاتلين الأجانب، سهُل اختراقها والتلاعب بمسارها، بل وأُريد لها أن تعيش في ظلام دامس، وأثارت بهذا الكثير من الزوابع وأحدثت ثغرات وتصدعات مربكة ومستنزفة.

ومحاولات واجتهادات الثوار في سوريا والعراق لمعالجة هذه المعضلة مهمَ للحدَ من مخاطرها وانتشارها، بما يحقن دماء مقاتلين غُرر بهم ويمنع اتساع رقعة الاقتتال الداخلي والفقدان التدريجي للحاضنة للشعبية ويقطع على المتربصين والأعداء المحاربين الطريق لاستنزاف الثورة من الداخل بعدما أعيتهم المواجهة المباشرة.

التعليقات (1)

    ابو نضال

    ·منذ 8 سنوات 3 أشهر
    يا استاذ حسن هل تعلم ان عصب كتاءب الاقتحامت هم من جبهة النصرة و أنه لا توجد في العراق مقاومة غير جماعة الدولة الإسلامية فأرجوا أن تكون مهنين في تعليقاتك
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات