ترياق الأباطرة

ترياق الأباطرة
خبرٌ مضحكٌ مزعجٌ, عارٍ عن الصحة في آنٍ, تناقلته بعض الصفحات الإلكترونية منذ شهور في خضم موجة ردود الأفعال حينها على إعدام الطيار الأردني الكساسبة  على الطريقة الإسلامية العتيدة  ذات النزعة الهوليودية , الخبر يفيد بأن الرفيق القائد رئيس الجمهورية الديمقراطية الشعبية الكورية الشمالية " كيم جونغ أون " ابن " كيم جونغ إيل " قد أعلن إسلامه على الملأ , والأسباب ليست أقل غرابة من الخبر ذاته إنّه "شريط داعش" .

ربّما تجد في نفسك حسرة وفي حلقك غصّة و لأول مرّة من نبأ إسلام شخص ما, هو ليس أي رجل مغمور أو متوسط الحال شهرةً أو تأثيراً , بل هو رئيس دولة ذات ( 25 ) مليون نسمة وكل فرد في هذه الدولة مستعدٌ لفداء قائده المعظّم ومتابعته خطوةً بخطوة , ولو اقتضى الأمر أن يصلَى نار جهنم كرمى لعينيه الجميلتين , كل هذا بحسب استطلاعات الرأي الرسمية المنشورة طبعاً, بمعنىً آخر فإسلام شعب من(25 ) مليون إنسان قاطبةً أضحى مسألة وقت فقط  _اللهم لك الحمد_ , والأخطر من هذا وذاك أننا نكسب هنا حليفاً نووياً ( أو شبه نووي على الأقل) إلى صفّ قضايانا الإسلامية العادلة التي أصبحت معروفة لدى القاصي والداني .

ومن يدري فربما يكتمل بسبب ذلك  محور الشر ويتكامل , ولكن وفق منظومة دول إسلامية  شمولية هذه المرّة هي: ( كوريا الشمالية , سوريا , إيران ) ولكن مهلاً , ألم يدخل صاحبنا في الإسلام من منطلق الإعجاب بجماعة محسوبة على أهل السنة عملياً ,إذاً فقد وجب على إيران إعادة حساباتها , أما سوريا النظام فهي الحليف الاستراتيجي مؤخراً وبين البلدين تبادل علني وسري للخبرات العسكرية وشبه النووية .

المشكلة هي أنّ الموقف المعلن للنظام السوري من " داعش "  يتناقض مع أساس إيمان الزعيم المعظّم وأصله ,الأمر الذي وضع سيادته في خضمّ  بحرٍ عقائدي متضارب متلاطم الأمواج لم يجد نفسه فيه من قبل , اقتضى هذا كله خلوةً روحيةً صوفية تنازعت فيها شبهات الرأي مع شهوات النفس , وامتزجت في خاطر عظمته أثناءها مشاعرُ إيمانيةٌ عميقة جيّاشة مرتبة ترتيباً على الشكل التالي : إسلامية , بوذية ,علمانية, أناويّة (والترتيب تصاعدي) .

تظهر النتيجة على نشرة الأخبار الرسمية للقناة الحكومية وتذيع النشرة المذيعة الغضوب المعروفة بنبرتها التهديدية التي لا تنبئ بخير تقول :

( بيانٌ من المكتب الرئاسي : اللجنة العليا المنبثقة عن الهيئة العلمية المكلّفة بشؤون صحة عظمته ( الجناح النّفسي ): إنّ قرار سيادته الأخير جاء نتيجة شعور افتقاري ل " التنوع السادي " حيث انعدمت ومنذ فترة ليست بالقصيرة ميزة التجديد والتنوّع في هذا القطاع الحيوي من حياة سيادته النفسيّة المقدّسة , وتدهورت صحة فخامته بشكل خطير و غير مسبوق, وإذ نضبت الأفكار الألمعية لدى سدنة سيادته وكهنته , الأمر الذي استدعى " حقناً نفسيةً " من العيار الإسعافي الثقيل "ساديستالين", لم يتسنّ الوقت لإنتاجها محلياً وفور البحث عبر " حواضر النت " ظفر الفريق العلمي المكلّف بالعملية البحثية بالمطلوب, وحالفه التوفيق بالمقطع التسجيلي المنتَج داعشياً والمتضمّن لتفاصيل عملية حرق الكساسبة المسمى:"شفاء الصدور" الذي كان لحضرة فخامته اسما على مسمى , أو كان له بمثابة المشروع النووي المكتمل والذي لم يبق لإنجازه غير قصّ الشريط الحريري بشماله المخمليّة الكريمة, وفي اختبار قدَريّ حتميّ لإخلاص البطانة المحيطة بسيادته كان القرار الحكيم  الصائب منهم  في تلك المرحلة  الحساسة والتاريخية من تاريخ شعبنا , أن يتم تحميل المقطع بدقة عاديّة لا كما أُنتج بدقّة " إتش دي " الأمر الذي سيتطلب دقائق أكثر في بلدنا الحبيب كما هو معلوم , "دقائق" كانت فيها مصائر البلاد والعباد على المحكّ , لن ننسى ما حيينا ما كنّا حياله فيها من هول المُصاب وشدة البلاء . وبعد أن عادت الأمور إلى نصابها والمياه إلى مجاريها لم تنتهي المهمة , فعلى مدى أيام ثلاثة ؛ جهد جيشنا الإلكتروني ووصلوا الليل بالنهار , وبذلوا الغالي والنفيس ولم يألوا جهداً في خدمة شعبهم الجبّار إلى أن تمّ تحميل المقطع كاملاً بدقة " إتش دي ".

ليُصار بعد ذلك ووفقاً لأوامر عُليا عليّة إلى جمع "الحشود العسكريّة الملوّنة " وعرضهم على" المقطع التسجيلي" أو عرض المقطع عليهم_ لافرق_ من خلال شاشات ضخمة تمّ استيرادها خصّيصاً من أبناء العمومة الجنوبيين الخونة ذوي البشرة الصفراء.

وكما هو متوقع , فقد ظهرت بوادر الترحيب الشعبي العارم والتي تجلّت على شكل انهيارات نفسية وإغماءات متتابعة  ذات طابع "مازوخي " بين الجنود والمواطنين على حدّ سواء , وهذا  إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أن شعبنا العظيم لا يزال ينبض حباً ووفاءً و ولاءً للقائد المفدّى ,الأمر الذي عاد على صحة عظَمته ونفسيته المستقيمة الطاهرة بالوفرة والاستقرار , ولكنّ الفرحة لم تتم إذ إنّ أحد المنافقين المندسين بين صفوف الشعب و "الجيش الملوّن " صاح بصوت ضعيف ولكنّه مسموع : ( كوريا بدها حريّة ) .

التعليقات (1)

    مالك

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    طريقة الربط بين الاطراف الثلاثة مثالية.. مقال اكثر من رائع
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات