تعيش الأوساط المصرية على ايقاع أخبار هامة منتظرة على هامش زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الى القاهرة ٫ بعد فترة تراشق اعلامي بين القاهرة والرياض على خلفية الخلاف على كل الملفات الاقليمية تقريبا من العلاقة مع طهران الى الوضع اليمني والسوري.هل يصطحب الملك سلمان السيسي إلى اسطنبول
وتقول المصادر إن العاهل السعودي يسعى إلى إحداث تهدئة وانفراج في العلاقات المصرية التركية ٫التي تضررت بشدة بعد أحداث الثلاثين من حزيران يونيو عام 2013 ٫ والتي أدت الى الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي وإيداعه السجن وانتهت بوصول الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الى الحكم .
وبحسب المصادر٫ تعرف الرياض تعقيدات المشهد في العلاقات بين أنقرة والقاهرة والتي انجرفت بعيدا في الموقف الذي اتخذته أنقرة من الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر , ويبدو هذا الموضوع مجرد قشرة في العلاقات بين البلدين اللذين يتنافسان على النفوذ في عدد من الساحات بينها سوريا وليبيا
وكانت الرياض قد اتخذت جانب القاهرة في الصراع ٫ ولكن عددا من التحولات الاقليمية دفعها بعيداً عن مواقف الرئيس السيسي من بينها موقفه من بشار الاسد والحرب في اليمن والتحالف العسكري الاسلامي الذي أظهرت القاهرة بروداً غريبا نحوه .
مرسي إلى الحرية مع إقامة جبرية
تضيف المصادر أن العاهل السعودي قد حصل على وعدٍ بصدور عفو رئاسي عن الرئيس محمد مرسي ٫مع تشديد القاهرة على مطالبته بالتنازل رسميا عن الرئاسة٫ وعدم اعتبار نفسه الرئيس الشرعي للبلاد , وتؤكد القاهرة في هذا السياق على أنه وبالرغم من الموافقة على اطلاق سراحه سيبقى الرئيس مرسي رهن الإقامة الجبرية في منزله ٫ مع منع قيامه باتصالات للم شمل تنظيم الاخوان المسلمين بعد الضربة الامنية التي تلقاها ٫ والتي ادت الى غياب أي عنصر قيادي ممكن ان يلتف حوله الإخوان
ووصل التفاؤل ببعض الأوساط المصرية على قيام العاهل السعودي بإقناع السيسي بمرافقته إلى اسطنبول لحضور القمة الإسلامية هذا الاسبوع ولإجراء مصالحة تاريخية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ٫ حيث من المقرر أن تستضيف تركيا أعمال قمة منظمة التعاون الإسلامي خلال الفترة من 10 إلى 15 أبريل/نيسان المقبل لتتسلم تركيا رئاسة الدورة المقبلة بعد مصر.
وكان الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز قد احدث انعطافا دراماتيكيا في الاحداث عام ٫2010 حين اصطحب بشار الأسد الى بيروت بعد حرب إعلامية على خلفية مقتل رئيس الحكومة اللبنانية الشهيد رفيق الحريري .
بدورها أنقرة وجهت الدعوة للحكومة المصرية وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، أن مصر هي من ستقرر مبعوثها إلى القمة الإسلامية
ولم يعرف إذا كانت هذه الاجراءات في حال حدوثها ستكون كافية لإقناع أنقرة بالصلح مع مصر ٫ خصوصاً أنها اشترطت بأنه لا صلح مع القاهرة دون خروج السيسي من الحكم وإلغاء نتائج ما يعرف بثورة الثلاثين من حزيران يونيو عام 2013 وإعادة ترتيب الوضع السياسي المصري .
تحالف المأزومين
كل هذا الأمور كانت أقرب إلى الخيال حتى الأسابيع الماضية ٫ ولكن جملة من المشاكل الكبرى قد أجبرت كل من الرياض والقاهرة وأنقرة على تليين مواقفها , فالرياض لا تزال غارقة في حرب تبدو بلا نهاية مع الحوثيين في اليمن ٫ مع تزايد الضغط الايراني على السعودية في أكثر من ساحة٫ إضافةً الى تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية .
أيضاً القاهرة تواجه مشاكل من النوع المستعصي مع تزايد تدهور الحالة المعيشية ٫ وارتفاع الدولار ومشكلات الإرهاب في سيناء ٫ مع انهيار شبه تام لدورها العربي بعد عزلتها عن الرياض ومحور الدوحة انقرة٫ وهي تواجه الآن مشكلات خطيرة مع الاتحاد الأوروبي على خلفية مقتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني وتصاعد المطالب داخل الاتحاد الأوربي بتقليص العلاقة مع مصر , كما أن علاقاتها بواشنطن لا تمر بأحسن أوقاتها مع مطالب في العاصمة الأمريكية بالتخلي عن السيسي
وقبل نحو أسبوعين نشرت «نيويورك تايمز»، صحيفة الادارة الامريكية المفضلة، مقالاً افتتاحياً دعت فيه أوباما إلى هجران مصر كحليف. ونشرت الصحيفة المقال على أساس رسالة علنية للرئيس من أعضاء «مجموعة العمل في الموضوع المصري»،حثوه فيها على اشتراط استمرار المساعدة العسكرية والإقتصادية لمصر بتحسين وضع حقوق الانسان في الدولة. وكانت القاهرة قد أخذت أوكسجين من التدخل الروسي في سوريا٫ ولكن سرعة الرئيس بوتين في الإنسحاب جعلها تفكر في مآلات التحالف مع موسكو .
وفي الجهة المقابلة أنقرة أيضاً لا تعيش أسعد لحظاتها منذ وصول حزب العدالة والتنمية في الإنتخابات عام ألفين وأربعة عشر , فعلى الرغم من فوز الحزب الحاكم بأغلبية مريحة في الانتخابات الأخيرة٫ إلا أن المشاكل تحاصر تركيا وبدأت تدق أبوابها في الداخل وعلى الحدود ٫ فالأكراد يتوسعون في حدودها الجنوبية ويقيمون فيدراليات والحرب مشتعلة في ديار بكر , وبعد الإتفاق النووي الإيراني مع الغرب انهارت علاقة أنقرة بطهران ٫وإذا كان كل ذلك ليس كافيا كانت زيارة أرودغان لواشنطن الطامة الكبرى حيث استمع لتقريع حول حقوق الإنسان في تركيا والحريات الصحفية وكان الرئيس أوباما قد استبق زيارة أردوغان بحديث صحفي مع مجلة أتلاتنتك ٫ وصف فيها الرئيس التركي بالديكتاتور الصغير .
إذا هو تحالف المأزومين داخلياً وإقليمياً , وفوق ذلك علاقة متوترة مع واشنطن , العواصم الثلاث ترى الآن الحل هو تحقيق تحالف إسلامي سني موسع في المنطقة٫ لإرسال رسالة إلى واشنطن مضمونها أننا مازلنا رقماً صعباً في المنطقة ٫ والعلاقة التي تنسجها واشنطن الآن مع طهران لن تستطيع تعويضها عن تحالفات استغرق إنشاؤها جهود كل الإدارات الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية .
التعليقات (15)