لبناني يصف خروجه من سجن تدمر بـ العودة من جهنم

لبناني يصف خروجه من سجن تدمر بـ العودة من جهنم
بكل ما للكلمة من معنى (عائد من جهنم – ذكريات من تدمر واخواته) هو عنوان الكتاب الذي أصدره رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية والمعتقل السابق في سجني تدمر وصيدنايا علي أبو دهن يروي فيه مشاهداته الحية لواحدة من أبشع الأساليب الهمجية في التعامل مع البشر على مر التاريخ.

يصف أبو دهن لحظة وصوله إلى السجن في صحراء تدمر الذي يعد أحد أبرز ملامح عقلية وطبيعة نظام البعث في سوريا.. (توجّب علينا المرور بين عشرين شرطياً وقفوا على جانبي الدرب بكل عتادهم: كابلات عريضة، قضبان حديد بقطر ستة ملم وفي اختصار شديد: كل ما يؤلم مسموح به، ولم نعد نعلم أي صنف من المخلوقات نحن. اما وضعي فكان سيئا جدا، أنزف من جرح فوق عيني ومن رأسي، وقد كسر أنفي... كل ذلك بأقل من خمس دقائق)، إنها البداية فقط في مرحلة عصيبة من حياة أبو دهن استمرت 13 عاماً منذ لحظة اعتقاله في مدينة السويداء عام 1987.

تفاصيل دقيقة يشيب لها شعر الرأس يرويها أبو دهن كأنها تحدث أمامه الآن لشدة هولها، لحظة بلحظة، الأصوات والوجوه والأسماء، رائحة الدماء والمكان ما تزال عالقة في أنفه. يصف سنة 1989 بأنها كانت سنة الموت في تدمر بسبب العذاب الشديد والضرب المبرح حتى الموت عمدا.. (كانت ادارة السجن آنذاك في عهدة العميد المجرم غازي الجهني، وكانت ساحة الباحة السادسة الأوسع لكونها تحتوي على أكثرية من الإخوان المسلمين، وهم الفريسة المفضلة للتعذيب والقهر). وعن وفاة المعتقل اللبناني حسن هوشر كتب أبو دهن يصف المشهد المأسوي.. (افطرنا شايا باردا وملعقة من اللبنة وبرغلا باردا، وأصيب حسن بإسهال شديد وبعد ساعتين تبع الإسهال إعياء مريع. عند الثانية صباحاً إشتد المرض على حسن، فقرع المسؤول الصحي الباب مطالباً بحضور طبيب مختص. وبعد محاولة إسعافه بحسب خبرته القليلة، وهو سجين متطوع في الصليب الاحمر اللبناني، لم يعرف كيف يعالج الموقف. وبقي حسن ينازع، وصلٌينا له جميعا باكين عليه وعلينا، الى ان فارق الحياة).

ثقوب رصاص ودماء مطروش على جدران المهجع الذي وضع فيه أبو دهن، عندما سأل عنها قالوا أنها آثار المجزرة التي ارتكبت بحق معتقلين أخوانيين آمر بقتلهم رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد عام 1980, ويضيف (روى الذين سلموا من المجزرة من أعضاء حزب البعث العراقي فصول ما شاهدوا من شاحنات تنقل الجثث إلى مقابر جماعية سيكشف النقاب عنها في يوم من الأيام).

بعد خمس سنوات في سجن تدمر نقل أبو دهن ومجموعة من رفاقه الى سجن صيدنايا، حيث عاش هناك فصولاً أخرى من المعاناة لكنها لا تقارن بما يجري في سجن الصحراء المخيف، يروي عن تلك الحالة: (طلبنا جريدة فجاؤونا بصحيفة البعث وصعقنا عندما علمنا أن الاتحاد السوفياتي تفكك فيما اتحدت ألمانيا). ويذكر أبو دهن في كتابه أن معتقلين أخوان سوريون قالوا له قبل أن يفرج عنه.. (السوريون تركوا لكم شوية حرية رأي بلبنان، وخاصة عند الاخوة المسيحية لا تنسونا رجاءً).

في حديث صحفي أجراه مع موقع إلكتروني قال أبو دهن أن هناك610 معتقل لبناني في السجون السورية سيخرجون بعد سقوط النظام، وأضاف.. ليس لدينا معلومات اليوم عن المعتقلين سوى ما تركناه بعد رحيلنا وهم كانوا على قيد الحياة.

التعليقات (2)

    عبد المجيد

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    خمس سنوات بدايتها 1987 في تدمر تعتبر رحلة اصطياف حيث ما جري قبل 1987 اضعافا مضاعفة من العذاب

    خالد ابو عمر

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    التعذيب بدرجات متفاوتة موجود في الغالبية الساحقة من سجون العالم .. الا ان التعذيب بالسجون الايرانية والعراقية الان ومنذ وصول الصفويين للحكم والسجون السورية منذ وصول العلويين للحكم يعتبر شيئا مختلفا تماما ويتميز بالحقد والشحن الطائفي المريع وغالبا ما يشمل الجيران والاقارب والاصدقاء وكل من يعرفه المتهم خاصة ان كان مسلما حتى لو كان غير ملتزم .. بالاضافة الى الافلات التام من العقاب او المحاكمة لزبانية هذه الانظمة وتغاضي او تراخي ما يسمى جمعيات حقوق الانسان الدولية حيال هذه الجرائم
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات