سوريا لا تحتاج لمعارضة علوية .. بل إلى "علويي سفارة"!

سوريا لا تحتاج  لمعارضة علوية ..  بل إلى "علويي سفارة"!
أتفق، مع جانب مما كتبه الأستاذ حازم صاغية، في صحيفة الحياة، بشأن "علويو المعارضة السورية". وما يتعرضون له من حملة تشكيك، بنكهة طائفية. هي أكثر ما تمناه، وسعى إليه بشار الأسد، منذ الأيام الأولى للثورة. عبر تبني مبدأ ثابت في إعلامه، مفاده أنه يواجه (تجمعات من "المتشددين" ثم "التكفيريين" لاحقاً). بل أزيد بأن جهات معارضة سياسية نافذة، انغمست "بدورها، في مغامرة "تطييف الثورة". لحساباتها، و توهماً منها، بأنه الطريق الأقصر للتعبئة الكفيلة، بحسم "الصراع" مع "لأسد". ولعل الانقلاب المفاجئ، في تسمية  "أيام جمع التظاهر" و "الفصائل المقاتلة. من أسماء ذات دلالة وطنية جامعة، إلى أخرى تنفث مذهبية وطائفية، ما يُدلل على ذلك.

لكن، بالمقابل. وكي ننظر إلى المسألة بعينين اثنتين، كما طالب الأستاذ صاغية في مقاله. لابد  أن يتحمل هؤلاء العلويون أو أكثريتهم نصيبهم من المسؤولية. بالانغماس في وحل الطائفية، الذي تفيض به، وسائل التواصل الاجتماعي، وقنوات التلفزيون.

لا جدال، بأن الطائفة العلوية بأغلبيتها. اتخذت قرارها، بالاصطفاف خلف الأسد، منذ أول "صرخة حرية  وكرامة"، إن لم يكن قبلها، لأسباب كثيرة ومُعقدة أهمها الطائفية. ولم تنفع في التأثير بقرارها شبه الجماعي، كل صيحات (الشعب السوري واحد). وعلى مدار ستة أشهر من المظاهرات السلمية الخالصة، كما اعترف "الأسد" نفسه. ما ولد خيبة أمل شديدة، تلامس اليأس لدى الطرف. الذي هو بغالبيته "سني"، بحكم التركيبة السكانية.   

هذا الاصطفاف الطائفي العلوي، لم يقتصر دوره، على تأمين العنصر البشري الأساسي المُسلح، لحرب بشار الأسد. إنما يشمل تحصين مجتمع الطائفة من الداخل. من خلال ممارسة ضغوط هائلة، على كل مؤيد علوي للحراك. بدءاً من عزله، وانتهاء بنبذه اجتماعياً، واتهامه بخيانة الطائفة. و هي ضغوط أفلحت، في ثني الكثيرين من العلويين، عن تأييد الثورة، أو التعاطف معها، وصولاً إلى معاداتها. في حين لازمت "عقدة خيانة الطائفة"، معظم أولئك الذين تمسكوا بتأييدهم للثورة، خصوصاً المثقفين منهم، أو غالبيتهم. وهم قلة، بكل الأحوال.

ليست المشكلة، بأن يبدو الشغل الشاغل لهؤلاء، هو الدفاع عن العلويين كطائفة. بقدر ما هي  بالانحدار إلى مستوى إنكار البديهيات  مثل "الحالة الطائفية الداعمة لبشار"، أو وجود "تحالف للأقليات" ، ابتكر"الأسد الأب" وصفته في دمشق، وجربها علناً في بيروت. واعتبار ذلك كله، مجرد شائعة طائفية مُغرضة.

لا شك، بأنه أداء استفزازي. لكنه يتحول إلى كارثة، حين يُترجمه بعض متصدري واجهة "المعارضة العلوية"، إلى نشاط يومي. يتبنى خطاباً. ويُنادي بحلول، أقرب إلى منطق "الأسد". بل ينجح باستدراج ردود أفعال طائفية وسياسية، تتفوق عليه استفزازاً. ولا تخلو بالمجمل من خلفيات شخصية، و نكايات سياسية. من الطبيعي أن تهوي إلى التشكيك، والتخوين المُتبادل. وهو اتهام منتشر في الساحة السورية، لا يوفر أحداً. بغض النظر عن طائفته، أو اصطفافه، أو حتى حياديته، للأسف.

إذا، "المعارضة العلوية"، ومثقفوها. يتحملان جزءاً ليس بقليل من مسؤولية الفشل، ببلورة خطاب وطني جامع. كما لم يمتلكوا الشجاعة الكافية، في مواجهة "الطائفة" بجرائمها، لثنيها عن مواصلتها. بدلاً من الانخراط العبثي، في إثبات براءتها المُطلقة. أو منحها درجة التساوي بالمسؤولية، عن دمار سوريا. مع غيرها من مكونات الشعب السوري، وتحديداً "السُنة".

ما تحتاجه الثورة السورية. هو "حالة علوية"، أشبه "بشيعة السفارة" في لبنان "بحسب ما أسماها نصر الله". وما تمثله  من تمرد شيعي، على استبداد حزب الله، وإجرامه، وسلطته، وفكره، في عقر بيئته. تقوده نُخبة مثقفة، تُسمي الأشياء بمسمياتها، دون "رعب"، أو تزوير أو تجميل مذهبي. وتترفع عن صغائر "الجكر الطائفي".

ما سبق، لا يعني التعميم. كما لا يعني أن لوثة الطائفية، لم تجتاح صفوف "مثقفي الأكثرية" بلا "صغرة".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات