عجز السوريين

عجز  السوريين
لم يعد السوريون قادرين على الخروج من دوامة العنف التي أوقعهم النظام فيها ، لم يعودوا قادرين على الحوار ولا على التفاوض  ، ولا على التفاهم ولا على الحب و لا  على الانتظام في منتخب كرة قدم حتى.

إن  إفشال اخصاب أية محاولة للوصول الى نقطة ارتكاز بات هو ديدن هذه المرحلة ، فسوريا  الان منقسمة الى قسمين ، قسم يطلب المستقبل بالحرية وقسم يطلب الماضي بذريعة حماية الدولة ..إن أبلغ نموذج على ما يحدث في المسالة السورية يبدأ من على صفحات منصات التواصل الاجتماعي  مروراً بالأرض والمعارك و ينتهي في مدينة جنيف التي لا تنتمي إلا إلى نفسها بين معسكري الشرق والغرب ...ويبدو أن سوريا والشعب السوري الآن يقف في نقطة جنيف ، نقطة اللاانحياز ...وهي برأيي نقطة تنتمي الى الماضي ، حيث يراد للشعب السوري أن يبقى أسير الفساد وانعدام الشفافية و انعدام المحاسبة و اللاديمقراطية والبقاء في الرمادية  ..

نقطة جنيف تعني أن يبقى الشعب السوري الذي انقسم بفعل الواقع الى معسكرين دون تحديد أحجام هذين المعسكرين ..أن يبقى في برزخ اللاقرار و اللاحسم ..السوريون باتوا عاجزين عن التقدم في الحوار فكل طرف يرفض التنازل عما حققه بعد خمس سنوات من الصراع ، المعارضة لن تتنازل عن حصولها على حرية الشعب التي باتت تمثله أمام العالم و أمام التاريخ ، والنظام يعلم أنه إن تخلى عن شبر مما لديه فهو سوف يرمى وبلحظات في مزبلة التاريخ .وستبقى طاولات الحوار تدور الى ما لا نهاية حتى تتدخل القوى كبرى على ما يبدو لإقصاء الطرفين من عملية دفع العربة،ولفرض قرار أممي تحت الفصل السابع يجيز ويتجاوز السوريين بشكل كامل لفرض حل يعيش فيه هؤلاء السوريون ضمن عقد اجتماعي و نظام دولة لم يستطيعوا التوافق حولها ..

إنه العجز بكامل تفاصيله، لقد أفرغت سياسات النظام وعبر خمسين عاماً قدرة السوريين على الحوار ، وعلى المفاوضة ، فالتفاوض كفن ، يحتاج الى مهارات و أدوات وأساليب لغوية و جسدية و فكرية و دبلوماسية لم تعد موجودة لدى السوريين ، بعد الاخصاء الممنهج الذي مورس عليه في مختلف تفاصيل المجتمع والدولة ...فمن غير المنطقي أن يخرج رئيس وفد النظام على الاعلام ليشتم الوفد المقابل، و من غير المقبول مواجهة الشتائم بالشتائم ، فنحن خرجنا على النظام رفضاً للتشبه به ، وبسلوكياته و تجاوزاته وممارساته .

ويبدو أن تلك الدوامة لن يحسمها سوى مجلس الأمن وعصا البند السابع، لفرض دولة ودستور على السوريين أن يقبلوه دون أن ترمش أجفانهم .

 

 

بعد نصف قرن من العنف ، أين يقبع العقل ؟. بعد نصف قرن من المواجهة والصدام والغاء الآخر قبل أن يقول رأيه، أين هو الحوار؟، ربما ستعود المعارك وسيعود القتل و الذبح ، ولكن في لحظة ما يجب على القاتل أن يرحل، وحينها يبدأ الحوار الحقيقي بين السوريين، حوار على المستقبل المشترك لبناء دولة دون أحقاد، دولة لن تكون لنا ولجيلنا، دولة ستكون للأحفاد والأجيال القادمة، وليس لأحد فينا أن يدرك هل ستكون حقاً للسوريين .أم ستكون رؤى الدول الكبرى لمستقبلنا الذي سيكون،  أأعجبنا الأمر أم لا .

مجازر ثلاث لإلغاء المفاوضات ، يقررها من يجلس خلف مقود العربة السورية ، ثلاث مجازر والمفاوضات تتأرجح على دمنا ودم شعبنا ، وأغاني عبد الحليم حافظ التي تدعو السلاح أن يبقى صاحياً ،وصوت محمود درويش يصرخ :

 كل شيء معد لنا فلماذا تطيل التفاوض يا ملك الانتظار .

فليبك السوريون حينها كالنساء على بلد لم يحافظوا عليه كالرجال ،أو لم يتفاوضوا من أجله كالرجال.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات