خالتي فرنسا.. عن يزبك ووازن ودرويش والأسد

خالتي فرنسا.. عن يزبك ووازن ودرويش والأسد
الشهرة بعض المجد، وفي أيامنا هي معظم المجد، يذهب المفكر المصري المسيري إلى أن الشهرة الطارئة بسيف الإعلانات، هي أفلام وبرامج تحضّ على "مكارم" الإرهاب، وهكذا سنرى روبي بطلةً للعالم العربي في سباق الدراجات، فلا أرضاً قطعت ولا ظهراً أبقت، ونانسي عجرم بطلةً في أغاني الأطفال الكبار المحرومين، وشهرتهم تفوق شهرة كبار العلماء والأدباء المساكين الذين سنجد بعضهم في السجون، وآخرين لمّا يلحقوا بهم، بل إن بعض مقدمي الإعلانات نجوم وأماجد وملوك لهم رعايا، المجد للسيف كمازعم أبو تمام،  لكن أبا تمام كان يقصد السيف في وجه العدو، والإعلام سيف ماض حاد مهند هذه الأيام.

وأمضى من الكتب دائماً نجمة خالتنا فرنسا  الكاتبة السورية الشقراء كما وصفها  كاتب جريدة الحياة، تصدرت الصحف والمجلات الفرنسية، ونالت مجداً لم يسبقه أحد من السوريين، لثلاث: الشقرة، والطائفة، وقد أضاف كاتب صحيفة الحياة سبباً آخر إلى الشقرة العنصرية الغربية اللونية، وربما الجمالية، هو الحظ، يقابله على الطرف المقابل مجد الكتب، الذي يحظى به الشيوخ والكهول أمثال نجيب محفوظ على روايات لم يكتب مثلها ماركيز، المحظوظة الشقراء في منتصف العمر، الاستعمار الفرنسي لسوريا لم ينته، وهو يجني ثمار استثماره الكولونيالي في الأقليات، ويعرض هذه الثمار في مجلاته وصحفه، ويروج لها خير ترويج.

 كاتب صحيفة الحياة ذكر في مقاله فضله على المحظوظة تصحيحاً وتحريراً وترويجاً، لكننا نعتقد أن الحظ منهاج غربي وماكينة تعمل بكفاءة، فهو يجلس على كنوز الحظ ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة وقد يذكرنا بزميلتها الباكستانية تسليمة نسرين غير الشقراء من الأكثرية انتساباً، لكن من الأقلية فكراً ومعتنقاً يتذكر خيري الذهبي منذ سنوات  أنه قرأ مقالاً في مجلة نيوزويك وكان يتحدث عن "معجزة" البنغال تسليمة نسرين،  وقدم لها نصاً شعرياً ترجمته مايلي:

إذا طاردك كلب، فاحذري، واهربي فلربما نقل إليك عدوى مرض السعار الكلبي.. وإن طاردك رجل، فكوني أكثر خوفاً، وأسرع هروبا،  فلربما نقل إليك مرض الإيدز، ثم يعلق الكاتب: بربكم هل يمكن تسمية هذا الهراء شعراً؟

 ويستغرب  كاتب صحيفة الحياة مديح الكاتب المعروف أمين معلوف لسمر يزبك، وهو بخيل بالمديح عامة، ونالت على كتبها نجومية لم يحظ بها سوري قط، شعب "الأكثرية" يلد نجوماً وشقراوات كثيرات لا يأبه بهن أحد مليون بين شهيد وشريد ليس بينهم نجمة واحدة مثل نجمة خالتي فرنسا.

معلوف قرأ الكتاب مترجماً على الأغلب الغرب يشبه النظام، والنظام السوري يشبهه، بل هو خليفته في الأرض، ولو لم يكن لما أظله بنعمة السكوت عن جرائمه، بل إنه كان يستقبله استقبال الفاتحين، ويخلع الألقاب عليه وعلى زوجته "زهرة الصحراء"، النظام  أيضاً كان  يبحث عن النابغات والنابهات المتمردات في الطائفة الأم الأمة، ويمكن أن تكون نجاح العطار مثالا على أقلية الأكثرية، نظام فحولي في الباطن، أنثوي في الظاهر، مغتصِب في السجون، ذو ضفائر وأحمر شفاه على التلفزيون.

ديمستورا أيضاً يقدر مواهب الأسد وعظامه الكثيرة التي تركها في عرينه، وقد اختار نساء، كان بينهن محجبة واحدة منسوبة للنظام وإحدى صنائعه، ولم تظهر في الصورة الشهيرة، ولا في المؤتمر!  الصورة ترعب الغرب، بخلوا علينا حتى بصورة تشبه أخوات السوريين وأمهاتهم.

المؤكد أن الأسد كان قد خطط لدولة باسمه تمتد خمسة قرون مثل الدولة العباسية، لكنه فرط بها، لكنه وللحق ادّخر في "عرينه" كثيراً من العظام، و قد نالت هذه العِظام في الغرب عظمةً كبيرة: أمثال المناضل مازن درويش، الذي سمت أمريكا باسمه شارعاً مجيداً، والكاتبة صاحبة تقاطع نيران، أو تقاطع جوائز، أو بوابات أرض النجومية، نتذكر الأماجد:  ونبيل فياض .. وأدونيس طبعاً.

قد نبالغ إذا قلنا  إن غيرة كاتب صحيفة الحياة  من تلميذته  "خلاف عائلي"، فإذا حكّمنا معيار  قياس المواهب، فلن,  تجد موهبة فذة  أو لامعة مثل  موهبة أحلام مستغانمي على سبيل المثال أو غادة السمان،كما لن تعثر على  نص فريد مثل  كتاب القوقعة،  أو في مقالات كثيرة نقرؤها في الصحافة،  لكنها نصوص جيدة. نجومنا وأبطالنا  الذين يصدّرهم الغرب غالبا من أبناء الأقليات، تجربة مازن درويش التي رواها في حلقتين على تلفزيون ألماني،أو يوميات الشقراء العلوية المحظوظة  لا تعادل  يوما من آلام سوري في سجون الأسد.  النص لا يوازي الواقع وليس "معادله الموضوعي" بالقياس الأكاديمي.

الماغوط السوري بلغ مجداً لم يبلغه نزار قباني، بمفارقات لفظية، كما كان سليم يسخر منه من غير أن يسميه، أما أدونيس فهو امرؤ القيس السوري المعاصر، مرشح سوريا الدائم على نوبل، الحاصل على اثنتي عشرة جائزة أوربية، جوائز بالجملة والمفرق.

وقد أكرمته ألمانيا مؤخراً  بجائزة لم تجدِ معها كل احتجاجات السوريين وعرائضهم، فكان أن خرجت ببدعة قالت فيها  إنها منحته الجائزة على السلام ومساواة الأنثى ( بالذكر)، وليس على الحرية، الأنثى أهم من حرية الرجال العرب المسلمين يا عمتي ألمانيا! محكّمو جائزة أوسنا بروك للسلام -التي تحمل اسم الأديب الألماني الراحل "إيريك ماريا ريمارك" المعروف برواياته حول السلام وتجسيم فظائع الحروب والديكتاتوريات-قرروا منح هذه الجائزة التي تبلغ قيمتها خمسة وعشرين ألف يورو  هذه السنة لعلي أحمد سعيد المعروف "بأدونيس"، "تقديراً لإسهاماته بفصل الدين عن الدولة، ومساواة النساء في العالم العربي،  وتنوير المجتمعات العربية"، ومن  الجدير بالذكر أن نبشر القراء بأن أدونيس الذي لم يخفِ ميوله للأسد المنتخب، يعتقد أن الإرهاب أصله الدين، أي الإسلام، وقد أمسى عضوا في لجنة تحكيم دولي لاختيار أفضل خمسة شعراء في العالم.

غرب أناني واستعماري وعنصري ومتمركز حول الشهوات والغرائز وأولها: الأنثى، ويعادي الإسلام ليلاً ونهارا، سراً وجهاراً، ويحب المسرح، ويمقت المساجد، مسارح العرب المسلمين، ومآذنها التي تشبه الصواريخ، إنه يقوم بفصل البيض عن السود السوريين.

 كنت أحسب أن الأسد بعد هذه المجازر  والأخبار سيغدو مجرماً مؤكداً، لكن تقريراً تلفزيونياً في فضائية ألمانية مدح أفعال الأسد بعد تحرير مدينة تدمر وأنقذها من بين براثن داعش، فتذكرت  تضخيم الإعلام لكوباني، التي تكررت في تدمر، فالأسد ضد داعش، وعدو عدوي صديقي، وداعش صديق في هيئة عدو، وداعش وثنية، وهذا ما سأبرهن عليه في مقال لاحق،  فكل من يؤمن بالحواس الخمس وثني، داعش مسحوق غسيل دكتاتوري ممتاز، ويلنا من الداعشين: داعشنا الوثني المتقنع بالدين، والداعش الغربي الشامل الناعم اللذيذ الأشقر، الذي  لما نتحرر منه بعد.

 ختام القول: حبذا لو صار مازن درويش رئيس سورية، كمرحلة انتقالية تطول عشرية أو اثنتين، وتصير سمر يزبك مستشارة له، أما أنا فلا أحلم سوى بمنصب سيادة المواطن.

التعليقات (5)

    الكذب والنفاق والجهل لا ينتصر على الظلم

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    هل يوجد عنصر واحد من داعش مسلم غير سنى؟

    مسلم كردي

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    مقال رائع يبين حجم النفاق والكذب في المجتمع الغربي لكن الحق علينا نحن المسلمين لأننا نتبع ونقلد الغرب كالاعمى فيأسفاه على حالنا...

    روضة برهان

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    قالت لي "صديقة" سويدية إنها تكره المآذن لأنها تشبه الصواريخ فأجبتها: هل هناك مصنع إسلامي أو عربي للصواريخ أو لأي نوع من أنواع الأسلحة؟ فأشاحت بوجهها وابتعدت. مقال رائع، كثيف، غني كما هي سائر مقالات المبدع أحمد عمر.

    عدولة

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    سوال سخيف...وهل جند النظام سوى ضباطه السنة والمسجانين السنة مغسولي الدماغ لأطلاقهم فيما بعد ليكونوا داعش

    مقالة دفن الرأس في التراب.

    ·منذ 7 سنوات 11 شهر
    مقال يغذي فكرة بأن الإسلام والمسلمون مظلومين بالرغم من أنهم حمل وديع. .. غض النظر عز زواج الأطفال، جرائم الشرف، عن مقولة الرجال قوامون على النساء، أن يتحكم الأخ البالغ من العمر 10 سنوات باخته ذات 18 ربيعا ويضربها. النظر بشكل عادي الى تعليب وتغليف النساء لانها عوراء وسبب كل مشكلة عنف يقوم بها الرجل. رجم النساء حتى الموت، قطع يد السارق ، تفجير أحزمة الموت في وسائل النقل، و.و.. لا تتوقعوا من الغرب أن يصدق مطالبكم للحرية لطالما أنكم تحرموا نسائكم منها تحت مسمى طاعة.
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات