سقوط ورقة التوت من نظام ولاية الفقيه

سقوط ورقة التوت من نظام ولاية الفقيه
في 15 من هذا الشهر أنهت قمة الدول الإسلامية اجتماعها الثالث عشر في مدينة اسطنبول وأصدرت بيانها الختامي المكوّن من 218 بندا بشأن معظم القضايا التي تهم العالم الإسلامي أهمها قضية فلسطين لكن العنوان العريض الذي احتل مانشيتات الصحف وتصدّر وكالات الأنباء كان إدانة إرهاب النظام الإيراني وحزب الله.

والمهم هوأن جميع الدول الإسلامية، أي ست وخمسين دولة، ما عدى إيران نفسها، أيدت المواد التي تدين إرهاب نظام ولاية الفقيه وتصرفاته وممارساته، كما أن الأغلبية الساحة من هذه الدول، ماعدى ثلاثة لبنان والجزائر واندونيسيا، أدانت حزب الله اللبناني أيضا.  وهذا معناه أن إجماع البلدان الإسلامية يقف وقفة واحدة ضد نظام الملالي ويقول لا لنظام ولاية الفقيه ومواقفه وتصرفاته.

المواد التي تخص النظام الإيراني هي المادة 30.31.32.33 و المادة 105 تخص حزب الله. وأدان المؤتمرفي هذه المواد تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء، منها البحرين واليمن وسوريا والصومال، واستمرار دعمها للإرهاب. ويطالب نظام ولاية الفقيه بأن تكون علاقاته مع الدول الأخرى قائمة على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها. كما أدان المؤتمر الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة العربية السعودية في مدينتي طهران ومشهد في إيران والتي تشكل خرقاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية والقانون الدولي الذي يحمي حرمة البعثات الديبلوماسية. ورفض المؤتمر التصريحات الإيرانية التحريضية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من مرتكبي الجرائم الإرهابية في المملكة العربية السعودية. وأدان المؤتمر حزب الله لقيامه بأعمال إرهابية في سوريا والبحرين والكويت واليمن، ولدعمه حركات وجماعات إرهابية تزعزع أمن واستقرار دول أعضاء في المنظمة.

وقوف جميع البلدان الإسلامية ضد الملالي كان نكسة كبيرة وغير مسبوقة لهم وحتى يمكن القول أنه كان أكبر نكسة سياسية ودبلوماسية في تاريخ هذا النظام. لأن الملالي في إيران دائماً كان يقول أن "الاستكبار العالمي» والدول الغربية لاتريد أن تكون هناك دولة إسلامية ودائما كان يتبجح بمؤازرة وتأييد عديد من الدول الإسلامية. وفعلا هكذا كان، حيث أن العديد من هذه الدول كانت خلف النظام الإيراني في قضايا المنطقة وفي القضايا التي تهم العالم الإسلامي وخاصة في الأمم المتحدة هذه الدول صوّتت ضد قرار إدانة انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.

وفي مواجهة هذه  الإدانة الموجعة صرّح عباس عراقجي نائب وزير الخارجية بقوله بأن هذه الدول التي أدانت النظام الإيراني ستندم مما فعله. وهذا الموقف تهديد مبطّن ضد جميع البلدان الإسلامية. ولا مغزى لهذا الموقف سوى أنه جاء ليثبت أن إدانة ارهاب النظام الإيراني كان حقا وفي موقعه. كما أن ظريف نفسه ألقى باللوم على مجموعه الدول الإسلامية لأنها أيدت صدام حسين في الحرب الإيرانية العراقية. لكن ظريف نسي او تناسى موضوعين مهمين الأول سبب تأييد البلدان الإسلامية لموقف العراق وثانيا نتيجة تأييد هذه الدول على مجريات الحرب الإيرانية العراقية. لأن من المعروف أن بعد خروج القوات العراقية من الأراضي الأيرانية في صيف عام 1982 فالعراق كان يطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب لكن زعماء نظام الملالي أصروا على استمرار الحرب لمدة ست سنوات. فكان موقف منظمة المؤتمر الاسلامي أنذاك منسجماً مع مبادئ الإسلام ومبدأ السلام. ودليل أحقية ذلك الموقف أن نظام الملالي لم يستطع من النجاح في تلك الحرب حيث انتهت بهزيمة ولاية الفقيه وتجرّع خميني السمّ!

وجانب آخر من مواقف النظام الإيراني ودعاياته يركّز على تأثير المملكة العربية السعودية على هذا القرار ويذهب زعماء النظام الإيراني بعيدا في هذا المجال الي القول بأن أموال السعودية المغدقة على الدول الإسلامية هي التي جاءت بهذه النتيجة. هذه المواقف والأدبيات قبل كل شيئ‌ تشير إلى تخبط النظام الحاكم في إيران ووقاحته وصلفه لأنه يقول أن مواقف مليار وسبعمائة مليون مسلم رهين للأموال السعودية، ولايمكن إهانة المسلمين والبلدان الإسلامية أكثر من هذا. وفي هذا الموقف اعتراف ضمني بفشل النظام الإيراني في استقطاب العالم الإسلامي ونجاح السعودية في هذا المجال. لكن الحقيقة هي أن للسعودية كان دور في نضوج هذه الفكرة وضرورة إدانة نظام ولاية الفقيه من قبل الدول الإسلامية لكن هذا الدور جاء على أرضية حقيقة دامغة يشاهدها المسلمون وجميع شعوب العالم وهي تورط النظام الإيراني في أكبر كارثة إنسانية ضد المسلمين وهي قتل مئات الألاف من أبناء الشعب السوري وتشريد ملايين منهم وارتكاب مئات الحالات من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. كيف يستطيع المسلمون تجاهل هذه الجرائم الفظيعة المروّعة التي تذكّر بجرائم المغول ضد البلدان والشعوب الإسلامية. وبذلك سقطت ورقـة التوت لولاية الفقيه. ناهيك أن جرائم هذا النظام لاتنحصر في سوريا بل العراق أيضاً كانت خلال هذه السنوات مسرح صولات وجولات الجرائم والفساد وارتكاب المجازر خاصة بحق اهل السنة. بشاعة وفداحة الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الشيعة التابعة لقوات القدس في العراق تجعل الإرض خصبة لأمثال داعش بل وتدفع السنة بأن يستيجروا من نار قوات القدس إلى رمضاء داعش. وفي لبنان قام هذا النظام باحتكار قرار الوطن العربي من خلال حزب الله وفي اليمن كان بالكاد أن يجعلها ذيلاً من أذياله من خلال نسخة حزب الله اليمني والذي يسمونه «أنصار الله». وفي البحرين  والسعودية والكويت وفلسطين و... الباكستان وآذربيجان افغانستان و... وقبلها إيران الشعب نفسه ... و لم يسلم أي شعب عربي ومسلم من نار الحروب الطائفية التي أشعلها، حيث لايمكن لولاية الفقيه إلا وأن يعيش على إيقاع هذه الحروب. هذه الحقائق ماثلة أمام أعين العالم وهذه هي الأرضية التي تدفع الشعوب والدول الإسلامية  إلى إدانة نظام الملالي.

وكان هذا النظام منذ البداية تقول بأنها تدافع عن المسلمين وعن جميع «المستضعفين» في العالم. وإذا تصفحنا أدبيات النظام خلال هذه السنوات الثمانية والثلاثين نجد ذروة الدجل حيث كان المحور الثابت هو الدفاع عن المحرومين والمستضعفين وأن الشعوب المضطهدة والإسلامية بشكل خاص هي العمق الستراتيجي لنظام ولاية الفقيه. كما أن الولي الفقيه يصف نفسه رسميا بـ«ولي أمر المسلمين في العالم». وليس بغريب أن إمام جمعة طهران العاصمة الملا موحدي كرماني المنصوب من قبل خامنئي شدّد في الجمعة الأخير أن على جميع المسلمين من الشيعة والسنة اتّباع ولي الفقيه!

تشدّق هذا النظام بالمعاداة للإستكبار العالمي ولإسرائيل في الوقت الذي قدّم أفضل خدمة لأمريكا ولجميع المستعمرين لكنه استطاع من خلال هذه الدعايات من كسب بعض السذج من المسلمين.  وفي الحقيقة لم يكن لهذا النظام أي رصيد غير ذلك الذي كسبه باستخدام منتهى الدجل وبالعزف على وتر المشاعر الدينية لكننا نرى الآن أنها خسر كل ما ادخره خلال هذه السنوات بفضل الدماء الطاهرة التي اريقت من أبناء الشعب السوري والعراقي واليمني وغيرهم، وقبل كل ذلك من أبناء الشعب الإيراني.

فالظاهرة الجديدة هي أن الشعوب المسلمة أدركت مدى توغل نظام الملالي في هذه الجرائم وهي وقفت ضد كيان ولاية الفقيه. ويكفي أن نلقي نظرة عابرة الى المقالات التي تنزل في الصحافة العربية بمختلف توجهاتها حتى نشاهد هذه الحقيقة. لم يعد هناك من يدافع عن نظام الملالي بل اصبح الجميع ضده بشكل يمكننا أن نقول اصبح نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران اول عدو للإسلام وللمسلمين.

 إذن يمكن اعتبار قمة اسطنبول انجح قمة لمنظمة التعاون الإسلامي خلال تاريخ وجودها ونشاطها لأنها لأول مرة وقفت في وجه أشرس عدو للإسلام والمسلمين. فلا شك بوجوب مباركة هذه الخطوة من قبل جميع المسلمين من السنة والشيعة. لكن هناك خطوات أمامنا وأمام الدول العربية والإسلامية أولها ضرورة طرد هذا النظام من منظمة التعاون الإسلامي وقطع العلاقات كاملة مع هذا النظام الذي لا يرقب إلّا و لا ذمّة حيال الشعوب المسلمة. ثانيا يجب التأكيد على أن الشعب الإيراني تبرأ من ممارسات وتصرفات هذا النظام وأن هذا الشعب هو الضحية الأولى لجرائم هذا النظام. ألا يكفي إعدام أكثر من مائة وعشرين ألفا من المعارضين وسجن وتعذيب أكثر من مليون معارض سياسي وقمع الأقليات القومية من العرب والكرد والبلوتش والتركمان وكذلك الاقليات الدينية خاصة اهل السنة ليثبت ذلك؟ إذن الخطوة القادمة التي يمكن  اتخاذها هي الاعتراف بحق الشعب الإيراني بمقاومة ومقارعة هذا النظام الذي يعد نظاماً مارقا خارجا عن الإسلام وعن القيم الإنسانية والأعراف الدولية.

التعليقات (1)

    العراك

    ·منذ 8 سنوات 3 أسابيع
    على الشيعة أن يتقوا الله ويعودوا إلى القرأن وسنة الرسول الكريم وما ولاية الفقيه إﻻ تكريس للإشراك بالله فهذا الذي يدعي وﻻية الفقيه ليس إﻻ شيطان فارسي ﻻ يفقه شيء من دين الإسﻻم أو العربية ويدعوا حزبه لأن يكونوا من أصحاب السعير يا أخي الله أعطاك عقﻻ لتميز الخبيث من الطيب وهذا الولي والذي ﻻيفقه ﻻ يدعوا إﻻ للخبيث أحكموا عقولكم و اسألوا الله الهداية وسيهدي الله كل صادق محب لله ولرسوله الكريم
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات