أنا مواطن من جمهورية الموز!

أنا مواطن من جمهورية الموز!
روي أحد السياسيين المخضرمين في لبنان ضاحكاً عن حادثة تعرّض لها فيقول: "كانت مرّت سنة واحدة على دخولي البرلمان، وكنت حديث العهد في السياسة حين راجعني أحد الناخبين بقضيّة قضائيّة سيصدر حكمٌ ضدّه فيها، وطلب منّي الاتصال بالقاضي لتغيير حكمه، إستغربت الطلب كثيراً، ولكن، بعد إصراره، اتصلت بالقاضي الذي لم أكن أعرفه ولا سمعت باسمه حتى، وطلبت منه تغيير الحكم وكان لي ما أردت". يضيف النائب: "حينها أدركت فعلاً بأنّني نائب في جمهوريّة موز"!

ربما هذه الحادثة تكشف بشكل أو بآخر عن واقع مرير وعدالة بائسة يعيشها اللبناني في جمهورية الموز، في ظل مناخ التفلت من العقاب وثقافة الاستقواء بالسلاح وتفكك الدولة والمجتمع والخروج الجماعي على القانون وضحالة محاولات التصدي لمناخ التفكك، حيث يتسم ظهور من يستثمر في الخراب مصالحه وسر وجوده وقوته، مثَله مثَل الديدان والحشرات المرافقة لتحلل الجثث وتعفنها. وها هي جثة الدولة اللبنانية مرمية على قارعة الطريق تفوح منها الروائح النتنة من دون أن يقترب أحد لرفعها.

عُرف لبنان تاريخياً بأنه ملاذ ناشطين سياسيين ومفكرين هربوا إليه، جراء تضييق سلطات بلادهم الخناق عليهم، على اعتبار أنه يتمتع بمقدار أكبر من الحريات العامة وفي مقدمها حرية التعبير والرأي والإعلام، ولكن لبنان "المستعمرة" الإيرانية أصبح ملاذاً للمجرمين والقتلة والتفلت من العقاب، لأن الدستور اللبناني والقانون في قاموس مليشيا "حزب الله" هو عبارة عن حبر على ورق، فـ"حزب الله" يلعب متعمداً دور المخرب والمعطل للدولة، أجبر على إبعاد رؤساء حكومات، ومنع ترشيح رؤساء للجمهورية، وأوقف العمل النيابي، ليحقق هدفه بشلّ مؤسسات الرئاسة والحكومة والجيش، ويضع البنك المركزي في دائرة الشبهات الدولية، ووزارة الخارجية ملحقة بوزارة الخارجية الإيرانية.

حزب الله يريد تحويل لبنان إلى مستعمرة إيرانية، وما ممارساته المتتالية إلا مسبحة مشروع نظام ولاية الفقيه، بالهيمنة على العراق وسوريا ولبنان بعد هذا كله، لم يبق هناك منطق في سياسة تقوية الجيش والأمن وتدريبه وتسليحه وتدمير المؤسسات القضائية تدميراً ممنهجاً، ليضع الجميع تحت قضاء "الفقيه" وقدره.

في دويلة حزب الله لا عدالة ولا قضاء، فهناك خلطة أخرى، من تعميم مفهوم احتقار الدولة وقوانينها، إلى تشريع السلاح غير الشرعي، وشريعة الغاب، بدلاً من الاحتكام إلى عدالة القانون، هي ثقافة القتل وحماية القتلة والمجرمين وتحويلهم إلى قديسين، هي ثقافة تهلل لمن يقتلون الأبرياء في وضح النهار، وآخرهم والد العسكري في الجيش اللبناني الشهيد محمد حمية، معروف حمية، الذي تحول من رجل مكسور الخاطر، إلى مجرم طريد العدالة ولكن تحت حماية مليشيا إلهية.

أسوأ ما في هذا المشهد، أن وسائل إعلام فتحت الهواء للقاتل، لتسأله إذا كان مرتاحاً بعد قتل بريء، في حين أن الأجهزة الأمنية تصدر بيانات أنها تداهم منزل القاتل لاعتقاله، فعلاً أنه مشهد مضحك مبكي، فالصحافة تتهافت على القاتل وتتحدث معه مباشرة على الهواء، والأمن يبحث في مكان آخر هذا مشهد طبيعي في مربعات حزب الله الأمنية حيث لا تستطيع الدولة إمساك من لا يريد الحزب تسليمه.

رصاصات حمية في جسد الشاب البريء حسين الحجيري، العامل في وكالات الإغاثة، جاءت بعد يومين من اغتيال مشابه، لكن برصاصة طائشة، للشاب وسام بليق على يد القيادي في مليشيا سراي المقاومة التابع لحزب الله والذي عمل على تهريبه فوراً الى سوريا لأسباب جهادية.

بالطبع ما سبق ليس إلا غيث من فيض، فإذا أردنا الدخول في تفاصيل شريعة الغاب اللبنانية، لن ننتهي من تعداد آلاف الحالات والأمثلة في دولة قيل يوماً إنها سويسرا الشرق، لتعود وتتدهور الى ما دون جمهورية الموز لأن من يحكم لبنان "المستعمرة" هم وحوشاً من غير طبيعة البشر يستغلون هذا البلد حتى نقطة الدم الأخيرة، خدمة لولي إستحضر وفرض علينا بغير وجه حق، ويريدون أن نصدق أنها إرادة إلهية، وإن لم نقتنع فعلينا الاختيار بشكل ديمقراطي إحدى التهمتين الجاهزتين : أنت "تكفيرياً" أو "عميلاً" صهيونياً.

التعليقات (2)

    حسان

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    صدقت والمخفي اعظم بس شو الحل للتخلص من سرطان ادهى واشرس من سرطان تل ابيب والمحير في الامر ان الدول العظمى ترعاه بكل قوتها بشكل علني ومخفي اكثر مما رعت كيان إسرائيل والهدف السنة ومسحيين العرب بكل بساطة

    عبدالله

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    كلام من ذهب فالرجل المحترم السيد طوني بولس يعرف حقيقة حزبالة ومشروعه التخريبي بقيادة المجرم نصر اللات.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات