مقتل الجنرالات في سوريا.. نيران الثوار أم تصفية حسابات

مقتل الجنرالات في سوريا.. نيران الثوار أم تصفية حسابات
بعد أن شهدت الأحداث مؤخراً سقوط العديد من الجنرالات الروسية و الإيرانية و اللبنانية على جبهات الحرب في سوريا، رجح الصحفي اللبناني "فداء عيتاني" من خلال سرده لوقائع و تفاصيل دقيقة أن يكون سبب تكرار مشهد قتل الجنرالات ابتداءً من مبعوث الرئيس الروسي ايغور سرغون الذي قضى بشكل مريب في سوريا "أو لبنان" وانتهاءً بمصطفى بدر الدين وعشرات الجنرالات من جيش النظام، والحرس الثوري الايراني، وميليشيا حزب الله اللبناني والروس، هو مجرد عملية تصفية حسابات بين إيران وروسيا وميليشيا حزب الله اللبناني.

الجنرال الروسي

ويبدو الأمر واضحاً عندما ربط "فداء عيتناني" الأحداث عبر مدونته، حول مقتل الجنرال الروسي ايغور سرغون في ظروف غامضة لم يتم الإفصاح عنها بشكل رسمي من قبل السلطات الروسية.

وشرح ذلك "فجأة في الثالث من كانون الثاني ٢٠١٦، يموت الجنرال الروسي ايغور سرغون (٥٨ عاما) بعد أسابيع من إرساله من بلاده الى سوريا، والجنرال الروسي سرغون هو نائب قائد القوات المسلحة وقائد جهاز المخابرات العسكرية في الجيش الروسي، وموفد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى سوريا لإجراء مباحثات مع الرئيس السوري بشار الاسد".

وبرزت التناقضات حول الروس أنفسهم حيث أعلنت الصحافة الغربية قبل مقتله أن الجنرال موفد من أجل الطلب من بشار الأسد التنحي، وسط الاستعداد لبدء جولات مفاوضات جنيف، في حين أن المسوؤلون الروس نفوا الأمر، ولم يحددوا سبب الوفاة ولا مكانه، فيما سارعت الصحف البريطانية وخاصة "الاندبندنت" قالت أن الرجل قتل في بيروت، بينما اعتبر موقع" ستراتفورد" الأمني الخاص أن سرغون مات في لبنان ليلة رأس السنة ٢٠١٦.

وعن حادثة مقتله أيضاً وجه الكاتب جان عزيز في جريدة "الاخبار" الممولة من حزب الله والمؤيدة لنظام الأسد، وهو ينقل عن ديبلوماسي "مقيم في لندن" رواية حول دور تركي في قتل الجنرال الروسي.

ولكن ما يدعو الاستغراب أن يموت جنرال روسي بهذه الرتبة فجأة في لبنان، بعد أسابيع من إرساله إلى سوريا، كما أن القاعدة كانت وحتى التدخل الروسي ان كل طرف يدخل الى أرض المعركة يبدأ من سبقه بفقدان جنرالات وقادة في ظروف غامضة

.

الحرس الثوري أعدم ضباط النظام

وفي شهر شباط من العام ٢٠١٥ ومع فشل قوات الهازارة الافغانية والحرس الثوري الايراني وحزب الله في اسقاط مناطق مثلث درعا- القنيطرة – ريف دمشق، عمد الحرس الثوري الى الدخول إلى مواقع لجيش النظام في الصنمين وأهمها الفرقة التاسعة، واللواء 79 والامن العسكري، وأعدموا ميدانيا ١٢ ضابطا من جيش الأسد بتهمة الخيانة والتعامل مع العدو.

مع بدء التدخل الروسي بدأ الجنرالات الايرانيون بالتساقط

ومع بدء التدخل الروسي في تشرين الاول من العام ٢٠١٥، بدأ الجنرالات الايرانيون بالتساقط، حيث سجل منتصف الشهر نفسه مقتل خمسة من الجنرالات، منهم: عزة الله سليماني، حسين همداني وهو أحد ابرز قائدة الحرس الثوري، بالإضافة إلى فرشاد حسوني زاده، وحميد مختار بند، وايمان خوزاي.

ومنذ ذلك الحين بدأ الضباط الايرانيون يتساقطون كالذباب، ويأتي نعي كل منهم لسبب مختلف، من مواجهة داعش إلى جبهة النصرة وغيرها من المعارك، فضلاً عن المواجهات والكمائن في مناطق مختلفة في سوريا.

إلى أن سقطت خان طومان بيد الثوار وجبهة النصرة، وحاولت قوات الحرس الثوري والقوى الملحقة بها استعادة المنطقة عدة مرات وفشلت، حينها اتهم الروس بانهم تركوا ١٣ من ضباط الحرس الثوري يسقطون عبر عدم تقديم الدعم الجوي اللازم.

ولا يمكن إنكار بأن المعارك تكفلت بجزء من هذه الخسائر، كما تكفل الطيران الاسرائيلي باغتيال عدد من الجنرالات الايرانيين وربما اهمهم الجنرال محمد علي الله دادي الذي قتل الى جانب جهاد مغنية (ابن عماد مغنية القائد الجهادي الاسبق في حزب الله) في كانون الثاني العام ٢٠١٥. كذلك مقاتلوا الجيش الحر وتنظيم الدولة الاسلامية تكفلوا بقتل عدد اخر.

حرب الجنرالات الباردة تدور في سوريا

ومنذ أن دخل ميليشيا حزب الله، والحرس الثوري إلى سوريا وحرب الجنرالات الباردة بدأت، كما بدا واضحاً أن حياة رستم غزالة انتهت بشكل غامض رسمياً في الفترة التي اتضحت فيها معالم فشل تمدد الحرس الثوري في جنوب سوريا، على الرغم من كل التسريبات التي أفادت بأسباب مقتله وخلفيات اعتراضه على وجود وممارسات حزب الله في سوريا.

كما اغتيل في العام ٢٠١٣ القائد في حزب الله حسان اللقيس أمام منزل زوجته الثانية في الضاحية الجنوبية، وأعلن حزب الله مسؤولية اسرائيل، بينما نفت اسرائيل ضلوعها في عملية قتله.

مصطفى بدر الدين حسن

في ١٣ أيار أعلن حزب الله مقتل قائده العسكري مصطفى بدر الدين، وهذا الجنرال أيضا رحل بشكل لا يقل غموضا عن الباقين، حيث جاء في بيان حزب الله الثاني حول مقتل بدر الدين بأن نتيجة التحقيق تشير الى "أن انفجاراً كبيراً استهدف أحد مراكزنا بالقرب من مطار دمشق الدولي، ما أدى إلى استشهاد الأخ القائد مصطفى بدر الدين (السيد ذو الفقار) وإصابة آخرين بجراح وسيعمل التحقيق على تحديد طبيعة الانفجار وأسبابه، وهل هو ناتج عن قصف جوي أو صاروخي أو مدفعي، وسنعلن المزيد من نتائج التحقيق قريباً".

وبالتالي فأن الحزب وجه الأنظار واشار سلفاً إلى مقذوف وليس عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة، كما حصل مع عماد مغنية في دمشق إلا أن البيان أشار إلى انفجار كبير وهو الأمر الذي نفاه البيان التالي الذي تحدث عن نتائج التحقيقات وقال أن بدر الدين قتل بقذيفة، حيث جاء في بيان الحزب التالي يوم ١٤” ايار ان الإنفجار الذي استهدف أحد مراكزنا بالقرب من مطار دمشق الدولي والذي أدى إلى إستشهاد الأخ القائد السيد مصطفى بدر الدين، ناجم عن قصف مدفعي قامت به الجماعات التكفيرية المتواجدة في تلك المنطقة".

وعلى افتراض ان القصف المدفعي لم يكن يستهدف بدر الدين فلا شك بان "القوى التكفيرية في المنطقة" على حد زعمهم، هي القوى المنتشرة في جنوب الغوطة الشرقية و القريبة من مطار دمشق، وهي قوات لا تملك المدفعية المناسبة للاستهداف الدقيق ولا الخبرات اللازمة، كما أنها لم تصدر بيان عن استهداف محيط دمشق، فور اطلاق القذيفة الاولى، وكانت تلك الفترة هي مرحلة التوتر والتقاتل الداخلي بين المكونات الموجودة في الغوطة، ولم يكن أي عمل عسكري ليوجه قذائفه إلى منطقة المطار.

أما تنظيم الدولة الإسلامية فهو يبعد عشرات الكيلومترات الى الشرق، وحين يتمكن من التسلل يتم رصده قبل الدخول إلى الدائرة الفعالة في محيط مطار دمشق الدولي، وحتما قدرته على الاستهداف معدومة في حالة بدر الدين.

حزب الله نفسه اسبتعد العامل الاسرائيلي، وهو في استعراضه لقوته في مراسم تأبين مصطفى بدر الدين في السيدة زينب في دمشق كان يوصل رسالة اخرى تماما، ليست موجهة الى التكفيريين ولا الى الاسرائيليين.

وبالتزامن مع هذه الرسالة الاستعراضية، ومع خطابات الامين العام للحزب التي تنص على ارسال المزيد من القوات الى سوريا، كان حزب الله ايضا يرسل عبر تسريبات اعلامية رسالة مفادها بانه لن يخضع للاستنزاف في سوريا، بل سينسحب الى مواقع يعتبرها استراتيجية ويعمل على الدفاع عنها، وهي حتما مواقع القلمون الغربي، ودمشق ومحيطها، وبعض النقاط الرئيسية، وهي اشارة الى انسحاب من معارك يومية، او هجمات وعمليات تقدم تنفع روسيا في تعزيز موقعها التفاوضي.

إيران لوحت بالانسحاب

في المقابل اعلنت ايران، وأيضا بشكل غير رسمي في السادس عشر من شهر ايار عن عدم استعدادها لإرسال المزيد من القوات الى سوريا، وتكفلت محافظة مازندران الايرانية في ١٦ من شهر ايار ٢٠١٦ بالاعلان عن سحب قواتها في الجيش المنتشرة في خان طومان، وعدم ارسال المزيد.

هذا الإجراء، الرمزي بطبيعة الحال، يشير ايضا الى عدم الرغبة الايرانية في توظيف خسائرها في مصلحة التفاهمات الروسية الاميركية، وإبراز دورها كلاعب رئيسي وصاحب قرار في سوريا، عبر التلويح بسحب قوات المشاة، وترك الارض نهبا للجيش الحر والفصائل الاسلامية.

وهي ليست المرة الاولى التي تلوح فيها ايران إلى الانسحاب من سوريا، اذ سبق في الثامن من شهر شباط ٢٠١٦، وايضا خلال العملية التفاوضية في جنيف، ان لوح قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري باحتمال الامتناع عن ارسال المزيد من المقاتلين الى سوريا.

طبعا هناك خلفية إضافية لهذا التصريح، ألا وهي الصراع الداخلي الذي حدى بالرئيس حسن روحاني إلى إرسال جنود من قوات النخبة الايرانية من اللواء ٦٥ الى سوريا ضاغطا على الحرس ومؤكدا ان دور الحرس الثوري تقرره مصالح الدولة، وليس مصالح الحرس ورؤيته الخاصة للمسارات السياسية المحلية او الاقليمية أو الدولية.

وبالعودة إلى البدء في هذه الصورة المعقدة من العلاقات ما بين حزب الله وايران من ناحية وبين روسيا من ناحية اخرى، وبين مصالح مختلفة مع كل لحظة يتقدم فيها الحل السياسي، ومع رغبة روسية ماضية برحيل بشار الاسد لتسريع الحل، وإرادة ايران ببقاء القائد الضعيف لسوريا للحفاظ على سيطرة شبه مطلقة على البلاد ومصيرها.

ويمكن بسهولة مطلقة ملاحظة مقتل الجنرالات وتبادل القتل بين إيران وحزب الله وروسيا، والذي بدأ من مقتل بدر الدين الغامض مقابل مقتل أيغور سرغون الأشد غموضاً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات