دير الزور في عين حزب الله

دير الزور في عين حزب الله
تتوالى خسائر "حزب الله اللبناني" المتدخل في الصراع السوري بتكليف من المرشد الأعلى لما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية "آية الله علي خامنئي". 

تلك الخسائر التي باتت تشكل على الحزب وعلى أمينه العام "حسن نصر الله" عبئا إضافياً وضغوطاً متزايدة في الداخل اللبناني، وانهياراً متسارعاً لسمعة الحزب في محيطه العربي الذي لم يعد يصدّق ادعاءات الحزب بالمقاومة والممانعة المزعومة.

صحيح أن إدارة التخطيط الإعلامي لحزب الله تتكتم على قتلاه في سوريا، وتسرّب أسماء القتلى وأعدادهم تدريجياً، لكن هذا التكتيك لا يكفي للتغطية على خسائر الحزب التي لا تخفيها آهات الأمهات كل يوم.

هذا كله يعدّ ثانوياً في حسابات الإدارة السياسية للحزب فيما لو قورن بالصدامات المتكررة بين ميليشيا الحزب والقوات التابعة لنظام الأسد، وكان آخرها ربما تلك المعركة الحقيقية تلك التي نشبت في « تلة الميسات والبريج » في ريف ‫‏حلب‬ الجنوبي بين قوات النظام السوري وعناصر ميليشيات "حزب الله" ‬، وصلت إلى حد أن يستهدف الطيران الأسدي حزب الله بثلاث غارات ، مما أسفر عن سقوط العشرات من الطرفين . حدثت تلك الاشتباكات على خلفية انسحاب جنود ‏النظام‬ سريعاً من مواقع قدّم "حزب الله" الكثير من الخسائر البشرية لتحصيلها. تلك الاشتباكات ذكّرت النائب السوري «شريف شحادة » - المشهور بتشبيحه الإعلامي - بالسيادة الوطنية ، فقال في تعليق على الاشتباكات : السيادة الوطنية خط أحمر ، والكلمة الأخيرة للبوط السوري .

وإذا قبلنا بفرضية أن النظام السوري هو من يقف وراء مقتل « مصطفى بدر الدين » قرب مطار دمشق الدولي في سوريا فإن ذلك أضاف ضغطاَ كبيراً على "حزب الله" منذ شهرين ، وزاد في يقين الحزب بأن نظام الأسد يمارس أقصى درجات الانتهازية حيال الحزب ، الذي بات يشعر بأن المطلوب منه أن يزج بكوادره وعناصره في الصفوف الأولى للمواجهة ، ليذوقوا طعم الحريق السوري ، ويكتووا بلظاه ، في الوقت الذي يتوجب على الحزب أن يقدم للنظام المساحات التي يتقدم فيها ، ليفتخر النظام بجيشه الفاشل المهزول ، ثم يعود فيخسرها في أول مواجهة مع الثوار ، فتضيع تضحيات "حزب الله" هباء منثوراً .

ويعلم «بشار الأسد» أن شريكه "حسن نصر الله" محكوم بتنفيذ أوامر « الولي الفقيه » ، باعتبارها أوامر إلهية ، لا يستطيع حسن مغالبتها ، لذلك يتسنّد الأسد على عمق إيمان حسن بقداسة « الخامنئي » الذي يتدخل لدى حسن بضرورة متابعة العمل والصبر على « ثقل ظل الأسد » الذي يبقى نسبياً بعيداً عن « تهامسات الشيعة » فيما بينهم .

لدى "حزب الله" اليوم توجه لتغيير قواعد اشتباكه في سوريا، وتغيير خططه الميدانية العسكرية في سوريا، ويتمثل ذلك بالتوجّه للسيطرة على مدينة «دير الزور» شرقا، بمساندة قوات سورية وإيرانية ودعم روسي ، من أجل فتح شريط بري مباشرة بين إيران والبحر الأبيض المتوسط .

وأفادت مصادر بأن الحزب اللبناني بات يعتبر السيطرة على «دير الزور» أولوية ، لأن دخول « دير الزور والبوكمال » في شرق سوريا يفتح الطريق المباشر والقصير نحو « البحر الأبيض المتوسط  » . وعند تحقق تلك السيطرة سيكون الشريط الواصل بين « إيران » والمتوسط مفتوحاً ، بدءاً من الحدود « العراقية – السوريا» ، ومروراً « بدير الزور » فتدمر في البادية السورية التي تسيطر عليها قوات موالية لإيران ، ثم شرقي « حمص » التي سيسيطر عليها الحزب ، وتليها « جبال القلمون » ومدينة « القصير وتلكلخ » ، وجميعها تحت سيطرة الحزب وإيران ، وصولاً إلى « طرابلس » في لبنان .

لهذا السبب باتت مدينة «دير الزور» السورية هي الأولوية الآن، وقد حشد لها الحزب احتياطيه العسكري، وأرسل أعداداً إضافية من المقاتلين في لبنان، ونقل الكثير من المقاتلين من مناطق سوريا إلى الشرق السوري للمشاركة في عملية السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية بالنسبة له ولحلفائه.

وبدأت قوات من ميليشيات "حزب الله" تساندها ميليشيات موالية لإيران وقوات تابعة للنظام السوري بالحشد لمعارك «دير الزور» التي تبعد عن مدينة تدمر 165 كم، تحت ذريعة صدّ هجمات «تنظيم الدولة» وفصل مناطق نفوذها بين سوريا والعراق، وأعلن الحزب عن مقتل اثنين من مقاتليه في دير الزور على يد عناصر «تنظيم الدولة».

ثمة أسباب كثيرة تدعو "حزب الله" لهذا التوجه، وأهمها الابتعاد عن مناطق الثوار التي بات يخسر فيها كثيراً من عناصره، والتوجه إلى مناطق «تنظيم الدولة» حيث يسهل تحقيق إنجازات على التنظيم الذي يدار من غرفة عمليات إيرانية، تجعل التنظيم يتقدم ويتراجع وفقاً للمصلحة الإيرانية.  ومنها التقليل من الاحتكاك بقوات الأسد الهزيلة أصلاً، كما أن من الأسباب أيضاً محاولة الحزب نيل شيء من الثقة الدولية والأمريكية على وجه الخصوص، بعد حادث الهجوم على الملهى الليلي «أورلاندو» في ولاية فلوريدا الأمريكية، وتزايد المطالبة بإدراج "حزب الله" على لائحة الإرهاب، بجناحيه السياسي والعسكري، ومن دواعي هكذا توجه أيضاً حاجة الحزب لأي انتصار وهمي تعيد له شيئاً من المهابة التي تهاوت تحت ضربات الثوار.

هناك دلائل عديدة تؤشر لتوجه "حزب الله" نحو مدينة «دير الزور» الواقعة مناصفة تحت سيطرة «تنظيم داعش» وقوات النظام الأسدي، الدلائل على هذا التوجه تبقى أقوى من إعلان "حسن نصر الله" في كلمته يوم الجمعة بمناسبة أربعينية «بدر الدين » أن معركة حلب هي المعركة الاستراتيجية ولها الأولوية .

قام "حزب الله" الإرهابي عملياً بتشكيل «لواء زين العابدين» في «دير الزور» ، بالتزامن مع ضغط إيراني هائل بواسطة الميليشيات الشيعية في غرب العراق ، انطلاقاً من « الفلوجة » وباقي مدن الأنبار على ضفتي نهر الفرات ، وهو ضغط لا يسعى فقط إلى تحرير غرب العراق من « تنظيم الدولة » بل إنه سيمتد إلى شرق سوريا.

فعندما ينسحب « تنظيم الدولة » من غرب العراق ، فسوف تدخل الميليشيات الإيرانية إلى كامل ضفتي « نهر الفرات » طولاً ، ولن تتوقف عند الحدود العراقية السوريا، وهم لديهم المبرر ، فهم سيزعمون بأنهم يطاردون عناصر تنظيم الدولة في الأراضي السوريا، وهذه الأراضي السورية هي بطبيعتها الحالية خالية من أي قوة أخرى غير قوة التنظيم ، وهي أراض متصلة ومشابهة لمدن الأنبار تضاريسياً . ففي حال انسحاب التنظيم فإن أحداً لن يستطيع أن يجزم بأن ميليشيات إيران لن تكمل مسيرها على امتداد الضفتين داخل الأراضي السوريا، وهو أمر يشير بوضوح إلى أن هذا التقدم سوف يسمح لقوات الأسد بتأمين المنطقة واعتبارها تحصيل حاصل مؤجل سيستفيد منه النظام لتعزيز أوراقه التفاوضية عندما يحضر الاستحقاق السياسي ، وسيدفع ثمنه أهلنا في أرياف دير الزور وحتى الحسكة والتي بدورها هي الأخرى تحادد محافظة الموصل العراقية الخاضعة لتنظيم الدولة . 

يبدو المخطط  محتملاً جداً ، ومبرراته و دواعيه أيضاً تبدو محتملة وجدية إلى حد ما ، فالإيرانيون يعلمون أن إدارة البلاد القانونية معهم ، و يعلمون أيضاً أن العرب ودول الجوار لا يعلمون عن الأمر شيئاً .

إن من شأن سيطرة الأعداء على آبار النفط أن تغذي النظام بالطاقة تغذية هو بأشد الحاجة إليها ، ناهيك عمّا ستؤول إليه الأمور السكانية من تهجير وقتل وتدمير وانتقام ، على غرار ما حدث لأهالي « الفلوجة والصقلاوية » وغيرها في العراق ، وإعادة رسم الخارطة التي لم يحلم النظام يوماً منذ هزيمته بان يعيد وجوده إليها . مع الأخذ بعين الاعتبار أن المسافة من الحدود العراقية إلى مركز مدينة دير الزور هي حوالي «140 كم » وأن مدن وقرى دير الزور تتواجد على هذا الامتداد على ضفتي النهر . والمناطق التي تلي دير الزور كلها مناطق خالية من الجيش الحر تماما، وأن «غرب العراق هو شرق سوريا».

التعليقات (4)

    محمد جمال

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    ولماذا الجيش الحر والفصائل اﻹسلاميه لاتأخذ المبادره وتتحرك لتحرير دير الزور من النظام وداعش وتفشل خطه حزب الله وإيران ،بس شاطرين التنظيىر وترك اﻷمور حتى يقع الفاس بالراس .

    الدمشقى

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    للأسف لا يوجد لدينا تخطيط أو تفكير عدونا يعرف ردود أفعالنا ولذلك يعرف كيف يصطادنا من خلالها.

    أبو المجد ناصر

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    كان الله في عون الجيش الحر فهو محاصر من الجميع ابتداء بقوات الاسد الهزيلة والمدعومة من الميليشيا الطائفية وليس انتهاء بداعش الغدر والعدوان

    أبو المجد ناصر

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    من لا خطة له فهو جزء من خطط الاخرين
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات