إنه الغاز أيها الغبي!

إنه الغاز أيها الغبي!
توصلت تركيا وإسرائيل الأحد 26 يونيو/حزيران 2016 إلى اتفاق على تطبيع العلاقات بين البلدين، إثر 6 سنوات من التوتر بدأت مع شن هجوم إسرائيلي على سفينة تركية كانت تنقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، بحسب ما أعلن مسؤول إسرائيلي، وقد تم التوصل إلى اتفاق وستعرض  تفاصيله اليوم  خلال مؤتمر صحفي يعقد في روما.

ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو موجود حالياً في روما، حيث من المقرر أن يعقد لقاء مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وأعلن المسؤول الإسرائيلي أن هذا الاتفاق لا يزال بحاجة لموافقة الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة ليصبح نافذاً، ومن المقرر أن يلقي رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم الإثنين، كلمة حول الاتفاق في أنقرة في الساعة 13،00 (العاشرة ت. غ) بحسب ما أفاد مصدر تركي.

وكانت العلاقة بين البلدين قد توترت  عقب هجوم البحرية الاسرائيلية على أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات إنسانية، في 31 مايو/آيار 2010، وأسفر الهجوم، الذي وقع في المياه الدولية، عن مقتل 9 ناشطين أتراك كانوا على متن سفينة "مافي مرمرة"، فيما توفي آخر في وقت لاحق، متأثراً بجراحه التي أصيب بها جراء ذلك الهجوم.

وعقب الهجوم، استدعت تركيا سفيرها من تل أبيب، وطالبت إسرائيل بالاعتذار فوراً عن الهجوم، ودفع تعويضات لعائلات ضحاياه، ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة.

ولم تتخذ إسرائيل أي خطوات في هذا الاتجاه؛ ما دفع تركيا إلى تخفيض علاقاتها مع إسرائيل إلى أدنى مستوى؛ حيث خفضت التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم بالأعمال، وعلقت جميع الاتفاقات العسكرية بين الجانبين.

وفي 22 مارس/آذار 2013، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء التركي، آنذاك، رجب طيب أردوغان، اعتذاراً باسم إسرائيل بخصوص قتلى ومصابي مافي مرمرة، وقبل أردوغان الاعتذار باسم الشعب التركي.

وفي أوقات لاحقة، جرت مفاوضات بين البلدين لإعادة تطبيع العلاقات بينهما، بينما تصر أنقرة على تنفيذ تل أبيب شرطيها المتبقيين، وهما: دفع تعويضات لعوائل ضحايا الاعتداء على سفينة "مافي مرمرة"، ورفع الحصار عن قطاع غزة.

وقد تسارعت الاحداث يوم  الجمعة الماضي عندما وصلت الى نتنتاياهو رسالة من نظيره التركي  بن علي يلدريم. وكتب رئيس الوزراء التركي يقول: «نحن نصل إلى النقطة التي يعبر فيها الطرفان عن ارادة مصممة على التصالح». 

وتسلم يلديرم مهام منصبه منذ أقل من شهر وكان وزير المواصلات السابق، بعد هذه الرسالة تطورت الأمور بسرعة ونشرت صحيفة «حريات» عنواناً عن الجدول الزمني للمصالحة المقتربة. 

وأول أمس، أكد رئيس الفريق التركي المفاوض فريدون سينيرلولو بأن الإعلان عن التوصل إلى اتفاق مصالحة بين إسرائيل وتركيا سيصدر هذا الأسبوع وفق جدول زمني محدد يبداً بعد نهاية شهر رمضان ويعقد مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد في أنقرة أغلب الظن، ليعرض تفاصيل الاتفاق الذي ينهي ست سنوات من العداء والقطيعة شبه التامة للعلاقات الرسمية. 

بعد خمس سنوات من الاتصالات المكوكية وراء الأبواب المغلقة جرت خلالها انعطافات حادة في أنقرة وتل أبيب ففي الجانب الإسرائيلي قاوم نتنياهو كثيراً ووافق في البداية على الإدلاء بتصريحات يعبر فيها عن الأسف وليس الاعتذار كما طالب أردوغان، على موت تسعة مواطنين أتراك ومواطن أمريكي ـ تركي في الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي على سفينة مرمرة، في أيار 2010 وهي في طريقها إلى غزة. 

كما أن إسرائيل وافقت على دفع 21 مليون دولار لـ «صندوق تعويضات» تأسّس من أجل عائلات القتلى. عملياً، كان يمكن الإعلان عن الاتفاق وإعادة السفيرين حتى قبل ثلاث سنوات، وعندها أدخل أردوغان موضوع قطاع غزة إلى المفاوضات وطرح  مطلب رفع الحصار عن القطاع كشرط ثالث لاتفاق المصالحة، وأعلن بأنه يعتزم الوصول بنفسه إلى غزة ورفض إغلاق مكاتب حماس في تركيا، وتفكّكت المفاوضات وعاد الوسطاء إلى بلدانههم قبل أن يعود الملف إلى التسخين قبل ثلاثة أشهر، وعليه، فماذا تغير؟

تقول مصادر اسرائيلية إن نتنياهو تغلب على كراهيته لـ أردوغان بسبب صفقات الغاز الطبيعي، «فمع اكتشاف مخزونات الغاز في حقل لافيتان (حوت)، فإن إسرائيل باتت تستعد للحفر وللبيع، فالحديث يدور عن ارباح بمقدار مئات مليارات الدولارات وإسرائيل بحاجة إلى السوق التركي. وحسب المعلومات  فان إسرائيل ملزمة بالحفاظ على علاقات سليمة مع تركيا كي تمرر عبرها انبوب الغاز الذي سيصل،، إلى الاسواق في أوروبا. وبدون المحطة في تركيا سيتبخر الغاز، مثلما ستتبخر المليارات». 

وتضيف المصادر الإسرائيلية أن تركيا المأزومة جداً في علاقاتها مع واشنطن ومع علاقات مع موسكو وصلت إلى مستوى الحرب الباردة بدت معنية هي أيضاً بالتوصل لاتفاق لم يبقى من أجل إتمامه سوى عقبة حركة حماس وعندما بدا أن الاتفاق بات قريباً استدعى أردوغان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس وأطلعه على المفاوضات وخصوصاً الفوائد المتعلقة بقطاع غزة التي من بينها إقامة ميناء بحري في غزة باستثمارات تركية و توسيع مجال العمل البحري للصيادي، رفع الحصار، توسيع قائمة البضائع التي تدخل إلى القطاع، ومستشفى جديد (بتمويل الماني ـ تركي)، تحسين البنى التحتية، بناء أحياء سكنية لسكان المناطق التي هدمت في الهجوم الإسرائيلي الأخير على القطاع والأهم أن الرئيس التركي طمأن حماس بأن وضعها لن يتغير في تركيا ولن يغلق مكتبها في أنقرة.

ولكن القضية الشائكة لم تكن تتعلق بحماس فقط بل بالرجل الذي تقول إسرائيل إنه خلف العمليات الأخيرة في القطاع صلاح العاروري الذي لايبدو أحد متأكد من أنه يعمل لمصلحة حماس أم قام بإنشاء منظمة منافسة.

وكان العاروري قد أطلق سراحه في إسرائيل في ذروة اتصالات حول موضوع الأسير الاسرائيلي جلعاد شاليط ولكن تل أبيب رفضت السماح له بالانتقال إلى غزة. فوصل إلى تركيا. وحصل على مكاتب واقام لنفسه «منظمة» تتماثل مع حماس ولكنها لا تطيعها مئة في المئة.

وفي ذروة الحماسة لإتمام صفقة المصالحة بين أنقرة وتل أبيب اختفى العاروي من تركيا ويقال إنه يتنقل الآن بين الخرطوم والدوحة وتبدو حماس غير معنية بمصيره فإضافة لقيامه بمنافستها لاتبدو الحركة اليوم معنية باستئناف الكفاح ضد إسرائيل بعد التدهور الحاصل في علاقتها بمصر وشعورها بالضعف أمام الحركات الصاعدة في القطاع وخصوصاً داعش التي تتمدد على جانبي الحدود بين مصر وغزة.

وتقول مصادر مواكبة للاتفاق إن مصالح عدة التقت حتى أمكن التوصل للاتفاق فحماس تنظر بقلق شديد لمشاريع تطبخ في بعض العواصم لإعادة تمكين محمد دحلان في قطاع غزة والاتفاق بالنسبة لها فرصة لإنعاش الوضع الاقتصادي البائس مع الاستثمارات التركية الضخمة المتوقعة, وبالنسبة للرئيس أردوغان سيتيح له الاتفاق التفرغ لإعادة تصميم وجه الحكم في تركيا مع الدستور الجديد الذي سيطرح للناخب التركي ويعطي الرئيس صلاحيات واسعة كما أن السياح الاسرائيليون سيعودون إلى تركيا التي تعاني السياحة فيها بشدة مع عزوف السياح والأوربيون مع تصاعد حملة العنف التي يشنها حزب العمل الكردستاني وغياب السياح الروس بسبب التوتر مع موسكووالعلاقة الجديدة التي تنسج الآن بين أردوغان ونتنياهو ستسمح للرئيس التركي أن يطلب من اكثر شخص كان يكره في الماضي بنيامين نتنياهو أن يتدخل مع الرئيس الروسي بوتين لإصلاح العلاقة بين أنقرة وموسكو والأهم من كل هذا وذاك المصالحة ستخدم مصالح إسرائيل وتركيا وتمكنهما من الاستعداد لما ينتظرهما إذا ما وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

التعليقات (3)

    عمار الشامي

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    فعلا إنه الغاز أيها الغبي وماخفي كان أعظم ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين

    أبو سالم

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    عدم ثقة الطرفين بالعرب هي التي أدت لهذا التصالح وإن كان التركي قلق فالإسرائيلي قلق لكن سلام تكتيكي يخدم البلدين ويهمش التواجد الروسي الإيراني بالقرب من حقول وحدود كلا البلدين.

    مصطفى خضير

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    خطوة رائعة وتفكير ذكي من الطرف التركي ولكن السؤال هنا ؟؟ ان توطدت العلاقات بين تركيا ورسيا ماهو مصير الازمة السورية بعد هذه المصالحات؟؟
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات