كيمياوي بوتين.. الأسد

 كيمياوي بوتين.. الأسد
ارتفاع وتيرة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، عدداً وكماً ونوعاً، من قبل القوى العسكرية الروسية، وبالطبع الأسدية، يدلل على جملة معطيات أساسية، أهمها أن صراع موسكو – واشنطن، يشهد فترة احتدام في معارك الاستحواذ على مناطق الشمال السوري. وأنهما لم يستطيعا التفاهم على تقاسم النفوذ هناك حتى الآن.

معطيات اخرى، تتمثل بمدى فداحة الإجرام، الذي لا يجد من يشير إليه، أو يفضحه، أو يدينه من قوى المجتمع الدولي التي يفترض انها تراقب السلم العالمي. حديث الولايات المتحدة الخجول تجاه ماتقوم به موسكو في سوريا، هدفه إحراج الشريك المفترض، وليس بالقطع السعي لإيقاف تلك الجرائم المضطردة.

في الواقع، المازق الذي وصلت غليه العمليات العسكرية الروسية، في انها لم تستطع تحقيق اهداف جديدة، بعد تسلّم تدمر من داعش، في الوقت الذي  تسارع فيه واشنطن لتحقيق هدف مقابل عبر قوات سوريا الديمقراطية، بعد أن تكللت قرابة عامين من عمليات التحالف بالفشل.

حلب مرة اخرى – ودائماً – تبدو مكسر عصا بين الطرفين. في خلفية الصراع على هذه المدينة بأريافها، استخدام مكشوف لكل وسائل الحرب بأعلى درجات الفوضى والبشاعة والإجرام. لا يلتزم أي طرف بأية قواعد أو قوانين، ويتم استهداف المدنيين بصورة مباشرة وتامة، لإخلاء المناطق من السكان والسيطرة عليها، عبر الحرق والتدمير.

استخدام القنابل الفوسفورية مؤخراً، سبقه قصف حلب ومدن وأرياف اخرى بالمقذوفات الفراغية، إضافة لما يتكفل به النظام من استخدام روتيني للمواد السُّمْية والحارقة والخانقة. تدلل عليها صورة الخراب الكبيرالذي يحصل في كل مكان يتم استهدافه. الملاحظ أن مجلس الأمن ومنظمة حظر استخدام السلحة الكيمياوية يلتزمان الصمت حيال الجريمة الروسية الأخيرة، على الرغم من توافر صور تؤكد حصول اختراق للمعاهدة الدولية، وهذا يعني ان احداً من القوى الدولية لن يحرك ساكناً، في ظل تفاهم على استمرار الحرب التي يشنها بوتين – الأسد – خامنئي على السوريين، واعتبار مايجري هو مواجهة دولية للإرهاب، الذي ساهمت تلك القوى، بإطلاق تنظيماته وتقديم التسهيلات التي مكنتها من التسلح والتمدد، واحتلال المدن السورية الخارجة عن سيطرة نظام الأسد.

لم تكتف موسكو باستخدام أسلحة الإبادة الشاملة، من قبل قواتها الاحتلالية، بل إنها سبقت ذلك بدأبٍ على نفي أي اتهامات بشان استخدام النظام الأسدي، أسلحة كيمياوية، وعملت في غير مرّة على تحريف الحقائق متهمة – بالمقابل – المعارضة السورية باستخدام أسلحة محرمة دولياً. تبدو حادثة خان العسل الشهيرة، في ريف حلب مثالاً لذلك، حتى  وإن تمكن المجتمع الدولي من تحجيم الترسانة الكيمياوية السورية، عبر الولايات المتحدة. لكن مانسبته 8% من تلك الترسانة لا يُعرف مصيرها حتى اليوم، سوى أنه من الثابت استمرار حيازتها من قبل نظام الأسد.

لم تشر تقارير منظمة حظر السلحة الكيمياوية- في حينها – بعد استلام شحنات الكيمياوي، إلى تدميرأاو مصادرة المعدات التي تُمكّن نظام الأسد، من غعادة انتاج مواد كيمياوية تستخدمها في ارتكاب مجازر جماعية ، ضد تجمعات مدنية سكنية في المناطق الغير خاضعة لسلطتهان المناطق التي رفضت استمرار استعبادها واذلالها من قبل الطغمة الاستبدادية المتحكمة في سورية. وقد صمت المجتمع الدولي برمته عن ذلكن على الرغم من التحذيرات التي قالت بوضوح ، إن إمكان استخدام الكميات المتبقية لدى النظام، تشكل تهديداً كبيراً وخطيراً على المدنيين، وان النظام مؤهلٌ لإعادة الانتاج لسببين اساسيين، أولاهما إمكانية الانتاج بطرق اولية بدائية، بمعنى انها لا تحتاج إلى تقنيات متطورة. وثانيها الدعم الغير محدود الذي تقدمه كل من موسكو( عسكري و أمني ) وطهران ( عسكري  ومالي و أمني ) لطاغية دمشق.

لقد اقرت منظمة حظر الاسلحة الكيمياوية، ان استخدام نظام الأسد لغاز السارين في غوطة دمشق، يعتبر الحدث البرز في استخدام سلاح كيمياوي على مستوى العالم منذ 25 عاماً، واشار التقرير(2014)إلى إتمام التدمير، لكنه لم يتحدث عما تبقى من مخزون، ولم يشر إلى التأكد تماماً من تدمير مرافق الإنتاج، ومن عدم مقدرة النظام على إعادة الانتاج.

هذه الثغرات لم تكن لتوجد، لولا الدعم الروسي، الذي انجز اتفاقاً دولياً رعته الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، يسمح للنظام باستمرار ارتكاب مجازر جديدة بالسلاح الكيمياوي، بوسائل وانواع مختلفة، شديدة البدائية، فادحة الأضرار، وهو ما استمر عليه نظام الأسد منذ ديسمبر مكانون الاول 2012، أي قبل كيماوي الغوطة بثمانية اشهر. وقد طور النظام وسائله التدميرية الإجرامية، مستخدما مزيجاً من المواد الكيمياوية، في كثير من المناطق خاصة مدن وأرياف إدلب وحلب والرقة، قوامها المكونات المدمرة. سواء عبر رؤوس المقذوفات الجوية والصواريخ الأرضية، والبراميل المتفجرة، وصولاً الى جديده المتمثل  " بالأنابيب ".

استمرار النهج الروسي الأسدي في إبادة السوريين، هو شكل آخر للصراع في المنطقة التي لا يريد أحدٌ إطفاء حرائقها، وليس أداة من اجل تفعيل السعي من اجل حل سياسي تفاوضي، فما تريده موسكو، ويبدو ان أوباما لا اعتراض لديه، بأن يتم فرض استمرار نظام الأسد، بإشراك مرحلي للمعارضة السورية، تتقاسم فيه واشنطن وموسكو ادارة المناطق السورية، ومواردها الغنية، وموقعها الاستراتيجي في حروب وصراعات مستقبل الفوضى الخلاّقة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات