إيران تجند سراً مئات من الشيعة في أفغانستان
وكشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تحقيق لها أن إيران تقوم سراً بتجنيد مئات من الأفغان الشيعة لإرسالهم للقتال في صفوف قوات بشار الأسد، وإبعادهم عن الصراع الدائر في بلدهم للانخراط في صراعات تدور في بلد آخر لا تلعب فيه بلادهم أي دور رسمي.
وأكدت الصحيفة أن غالبية الجنود الأفغان الذين يحاربون في سوريا يعانون من العوز، ويتصفون بالالتزام الديني، وبعضهم منبوذ من المجتمع ويبحث عن المال والقبول الاجتماعي وتحقيق الذات، وكلها أمنيات فشلوا في تحقيقها في بلادهم.
في المقابل، أنكر مصدر في السفارة الإيرانية في كابل تقديم إيران "أي إغراءات أو محاولة إجبار" لتجنيد أفغان للمشاركة في الحرب في سوريا.
تصاريح عمل في إيران ونحو 500 دولار كراتب شهري
وكان همزة الوصل في عملية التجنيد الحالية داخل أفغانستان، فهم أشخاص، مثل "جواد" الذي يعمل ضابط شرطة بالنهار و"وكيل سفر" بعد ساعات العمل الرسمية.
يقول "جواد" إنه عمل على مدار عام كامل كوسيط للحرس الثوري الإيراني عندما سعت إيران لتشكيل ميليشيا شيعية أفغانية أطلقت عليها اسم "لواء فاطميون" عام 2014 للحرب في صفوف قوات النظام السوري.
ومن خلال "وكالة السفر" التي أسسها في مكتب لا يحمل أي لافتات في الطابق الثاني من مبني إداري، كان جواد همزة الوصل بين المجندين والسفارة الإيرانية في كابل، وكان دور السفارة تسهيل استصدار تأشيرة الدخول وعملية السفر، وسداد مبلغ العمولة لجواد نظير خدماته.
وفى مقابل القتال، يمنح الجنود الأفغان تصاريح عمل في إيران ونحو 500 دولار كراتب شهري، وأشار إلى أن الغالبية تتوجه لسوريا من أجل المال، وفق جواد، مرتدين ملابس جينز ونظارات ريبان مقلدة، في حين يذهب آخرون للدفاع عن ضريح السيدة زينب في دمشق.
إيران تستخدم الأفغان كدروع بشرية
وكان جواد يستعد للسفر إلى سوريا بنفسه في المرة الأولى التي التقت به صحيفة الغارديان البريطانية، فقد كان مطالباً بالمساعدة في إطلاق سراح 12 مقاتلاً أفغانياً في ضواحي دمشق، أسرهم تنظيم "الدولة" (داعش) وكان جواد هو من قام بتجنيدهم.
غير أنه بدا مهتزاً بدرجة كبيرة عند عودته من سوريا الشهر الماضي، وأظهر صورا في دمشق وقال إنه تفاوض مع الخاطفين، إلا أن الصور أوضحت أيضا كيف أن "الإيرانيين يستخدمون الأفغان كدروع بشرية".
وأضاف أنه سيتوقف عن العمل كوسيط مع الإيرانيين، مضيفاً: "أشعر بالخجل لإرسالي هؤلاء الناس إلى هناك".
وقالت الصحيفة إنه قد يكون هناك سبب آخر لتغيير مشاعر جواد، فعند عودته ألقت جهاز الاستخبارات الأفغانية القبض على جواد وتحفظت عليه لمدة 48 ساعة وقالوا له "لا تبع إخوتك لبلد آخر".
20 ألف مرتزق أفغاني
يشار أن طهران جندت نحو 20 ألف مرتزق أفغاني في صفوف ما يسمى بميليشيات "فاطميون"، منذ اندلاع الثورة السورية، وأنفقت عليهم أكثر من 4 مليارات دولار خلال 5 سنوات، لتجنيد وتدريب وتسليح وإرسال هؤلاء الميليشيات للقتال إلى جانب نظام الأسد
وتقوم إيران بتجنيد اللاجئين الأفغان المتواجدين على أراضيها عبر إغراءات مالية ومنح إقامات لهم ولأسرهم، مستغلة بذلك فقرهم وظروفهم المعيشية الصعبة لتزج بهم في معارك سوريا لحماية نظام بشار الأسد.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان، جمعت في تقرير لها في يناير الماضي، شهادات تفيد أن الحرس الثوري الإيراني جند آلاف اللاجئين الأفغان في إيران، وتحدثت عن تجنيد قسري للبعض منهم.
وكان الجنرال سعيد قاسمي، قائد مجموعة "أنصار حزب الله" وهي من جماعات الضغط المقربة من المرشد الأعلى الإيراني، انتقد الشهر الماضي، دفن العشرات من قتلى الميليشيات الأفغانية (فاطميون) والباكستانية (زينبيون) في الحرب بسوريا، في مقبرة مدينة قم، بالقرب من طهران، على أنهم "مجهولو الهوية".
وقال قاسمي إن السلطات تتعامل بتمييز واضح بين قتلى الحرس الثوري وبين قتلى الميليشيات، حيث تقام للإيرانيين مراسم جنائز عسكرية مهيبة، بينما لم تقم جنائز للأفغان والباكستانيين، ويتم دفنهم بخفاء ودون اهتمام رسمي أو إعلامي وحتى عدم القيام بتسجيل أسمائهم "بقوائم الشهداء"، على حد تعبيره.
التعليقات (3)