ملاحظات سريعة على تراجعات أردوغان الأخيرة

ملاحظات سريعة على تراجعات أردوغان الأخيرة
هذه ملاحظات سريعة قد يراها البعض قاسية، إلا أنها تنطلق من محبة لا خصومة، ولا تقلل من أهمية رجل له تاريخ حافل بالإنجازات والمواقف، لكنّ أحدا ليس معصوماً من الأخطاء.

تنازلان صعبان قدمهما أردوغان خلال أيام، وكلاهما نتاج أخطاء سابقة، الأول تنازله بتطبيع مع الصهاينة، والثاني اعتذاره لبوتين عن إسقاط الطائرة.

إسقاط الطائرة كان خطأ، ثم إدارة الورطة بعد ذلك؛ لأن دولة كبرى في حالة صعود كما يعتقد جنرالها (بوتن)، لم تكن لتقبل إهانة من ذلك اللون الثقيل.

في السنوات الأخيرة مال أردوغان إلى خطاب عقائدي ومواقف حدية لا يمكنه احتمال تبعاتها، وها هو يجني نتاج ذلك، بتقديم تنازلات تضر بمصداقيته.

أردوغان ليس كبوتين، أو الحكام العرب، فهو يقود بلداً منقسمًا، وسيطرته على الجيش مشكوك فيها، ولهذا تأثير كبير على صناعة القرار.

في قصة الكيان الصهيوني؛ ورث أردوغان عضوية في الناتو، وعلاقة متينة جدّا مع الكيان، وحين صعّد في قصة سفينة مرمرة، لم يأخذ ذلك في الحسبان، مع كيان له أذرعه في مفاصل العالم المهمة.

دعم الشعب الفلسطيني له طرائق شتى أفضل من الخطابة، وكان بوسعه أن يدعم من دون خطابة وتصعيد لا يحتمله وضعه الهش داخلياً وخارجياً. 

السياسة مصالح ومفاسد، وقليل دائم خير من كثير منقطع، ودليل خطأ السياسة هي التراجع عنها، كما حصل في اتفاق التطبيع الأخير، وفي الاعتذار لبوتين. 

وقف العلاقة مع كيان العدو كان واجباً؛ لأنها علاقة مُدانة، لكن التخلص من علاقة راسخة كان يتطلب إدارة ذكية وعملية تدريجية، بدل تصعيد غير مدروس ثم تراجع مفاجئ.

مكاسب العدو من اتفاق التطبيع أكبر من مكاسب تركيا، أما غزة فلم تربح سوى أشياء هامشية قد يتم التراجع عنها لاحقا، وتبقى قضية فلسطين، وهي خاسرة في هذه اللعبة.

مع ذلك؛ أي تطبيع عربي أو إسلامي مع إسرائيل مرفوض ومُدان؛ ولو كان ثمنه رفع الحصار عن غزة، فضلاً عما دون ذلك، قضية فلسطين أكبر من حصار القطاع.

في الملف المصري بالغ أردوغان في التصعيد، وكان بوسعه أن يأخذ الموقف الأخلاقي الأولي من الانقلاب، ثم يكتفي بذلك مع نظام مستقر لأكبر دولة عربية؛ يدعمه العالم أجمع.

عدم التصعيد، فضلاً عن التطبيع، مع نظام انقلابي عربي، وتاريخنا مليء بالانقلابات، وهذا ليس أولها، وقد لا يكون آخرها. في الملف السوري كان موقف أردوغان مزيجاً من العقائدية والبراغماتية، لكن الملف كان أكثر تعقيداً من قدرته على إنجاز أي حسم، وهذه قصة طويلة.

السياسة لا ترحم أحداً، إذا أخطأت فستجني نتاج أخطائك، وها هو (أردوغان) يجني ثمار أخطائه، ويذهب نحو توجهات تؤثر على مصداقيته.

معضلة الإسلاميين عموماً، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أنهم يتجاهلون في كثير من الأحيان موازين القوى وتقديرها بدقة، فيصطدمون بالجدار المسدود.

من يقرأ سيرة نبينا، سيجد إدارة بالغة الحكمة والذكاء في صياغة التحالفات وإدارة المعارك والتقدم والتوقف، هذه السيرة تستحق قراءة أعمق من كل الإسلاميين.

ضربة مطار اسطنبول كانت إجرامية وقاسية، وهي تتطلب تعزيز الإجراءات الأمنية، مع تدقيق أكثر عمقاً ودقة لكل خطوة سياسية. حفظ الله تركيا وأهلها.

هناك فوضى في المشهد الدولي والإقليمي والعربي، ولا أحد يدري إلى أين تمضي الأوضاع، لكن حريق المنطقة يجب أن يتوقف.

عندما ينتهي الحريق بتفاهم بين محاوره، ستتوقف مكاسب الصهاينة، وسيكون بالإمكان التفاهم بين المحاور العربية والإسلامية على مسار جديد.;

التعليقات (5)

    يارب تحمي السعودية وتركيا وقطر

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    أتمنى أن تنسق تركيا مع السعودية فكلاهما وقفا مع الشعب السوري المظلوم وبدون أطماع , لايمكن لتركيا أن تتراجع عن مطالب الشعب السوري وتأمين حل عادل للشعب السوري ليتمكن من العودة الى بلده وتخفيف الضغط على الأقتصاد التركي , الوضع الحالي لتركيا أفضل بكثير مماكانت عليه قبل شهر , فالمصالحة مع روسيا وأسرائيل ستفتخ لتركيا مجال للضغط على أمريكا وأوربا لحل القضية السورية , فتركيا تنازلت لروسيا وأسرائيل مقابل حل عادل للأزمة السورية على رأسه أبعاد بشار , حيث يبدو أن الغرب وأمريكا لا يريدوا حل في

    انسان

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    اردوغان ببساطة حاول ان يجمع بين الاخلاق والسياسة ففشل لأن هذا العالم حقير لا مكان فيه للاخلاق

    عواذ

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    عن اي دول عربيه تتحدث كلها تابعه للقرار الامريكي يا سيدي لا يفل الحديد الا الحديد اتركو الشعوب تتحرر

    عواذ

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    انا سوري السعوديه عباره عن تابع امريكي ولا ينفي هذا الا كل اخرق وهي عملت بامر امريكي على اجهاظ الثوره من داخل الجيش الحر بالسيطره عليه ماديا السعوديه اكبر عدو للثورات واقصد هنا الحكام طبعا اما ابناء الجزيره فما شهدنا اشجع و اكرم منهم في محنتنا

    صريح

    ·منذ 7 سنوات 10 أشهر
    نحن أي معشر الكهول نشأنا على حماقات زعمائنا أن لا سبيل إلى علاقات مع الكيان بحال من الأحوال . فليت شعري من أين جاؤوا بهذه السياسة الرعناء! فإن الرّسول عليه الصلاة والسلام كان يبيع اليهود ويشتري منهم ولم يبلغنا قط أنّه أمسك بالكلّية عن التعامل معهم. ثمّ أمر آخر لم يتفطن له أحد وهو أنّ أعظم محرّض على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي روبرت مردوخ الصهيوني المهيمن على الاعلام الانجليزي والامريكي ومراده تمزيق الاتحاد شذر مذر فتنفرد أمريكا بتركيا فأدرك اردوغان المكيدة فبادره بالصلح مع روسيا والكيان.
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات