ولا شك أنه ينبغي أن نقول كلمة الحق ولو على أنفسنا وننقد الممارسات الخاطئة من كل محسوب على الثورة عسكرياً كان أم سياسياً لكي نحافظ على بوصلتنا في الاتجاه الصحيح، لكن المصيبة الأعظم هي المبالغة الشديدة من المجتمع الثوري ووسائل إعلامه في ردة الفعل على أخطاء الثوار، وجعل صداها يصل للسماء، وهذا لم يجلب لنا في كل مرة إلا المزيد من السعار الإعلامي من كل حدب وصوب، ولنا في مثال "أبو صقار" عبرة حيث أصبح الجيش الحر مجموعة من آكلي لحوم البشر كما أكد أبو شهرزاد الجعفري في مجلس الأمن أمام العالم أجمع.
نحن نعلم كيف تتلقف معظم وسائل الإعلام المتربصة بنا مثل هذه الأخطاء وتلبسها لنا ككل وتجعل صورة السوريين تبدو وكأنهم مجموعة من الهمج المتوحشين، بينما يتغاضى نفس الإعلام عن أشنع الجرائم الصادمة التي يمارسها الحشد الشيعي بحرق المدنيين أحياءً والتنكيل بهم وتدمير قراهم عن بكرة أبيها، والملفت للنظر أن ماكينتنا الإعلامية نفسها لا تتفاعل مع جرائمهم بنفس القدر الهائل الذي تستنكر به أي حادثة قد تحصل بين الفينة والأخرى في أي فصيل محسوب على ثورتنا.
إنها خمس سنوات طويلة... آن لنا أن نتعلم الدرس!
من المؤكد أن مجرد ظهور صورة إعدام الشاب على الانترنت كافي لوضع الفصيل المعني في مأزق وسيدفعه للتحقيق في الحادثة، ولا داعي لكي نتنافس في الاستنكار والتهويل كمشهد الطفل الذي يهرع لأمه ليقول لها "لست أنا من كسر الصحن في المطبخ" لترضى عنه.
نحن يتامى... وليس لدينا أم، بل والذين نهرع إليهم هم أسوأ من أسوأ خالة مرت أب، والأمثلة التي حصلت على مر السنين السابقة كافية لتعلمنا "السياسة"، فمثلاً في نفس اليوم الذي حصلت فيه الحادثة الأخيرة، قامت قوات الأسايش بقتل الطفل "آبكو محي الدين – بعمر 16 عام" بطلقة في الرأس، وقامت بعض وسائل الإعلام والناشطين الأكراد باستنكار هذه الجريمة ولكن لم يتحول كل نظر الإعلام الكردي لتهويل الموضوع ونشره على أوسع نطاق.
ومن المؤكد أن الشبيحة من النظام وحزب الله وغيرهم يرتكبون الجرائم بحق بعضهم البعض وتحدث بينهم مشاكل وزعرنات لكنها تبقى طي الكتمان.
لقد وفرنا من حيث ندري أو لا ندري على النظام مئات ملايين الدولارات في الحملات الإعلامية ضد الثورة والثوار من خلال مثل هذه الأفعال والمبالغات في استنكارها على حد سواء، أما آن الآوان لنتوقف عن إسداء الخدمات المجانية له ولهذا العالم القاتم؟
التعليقات (62)