نعم، أشهرت هوية عبدالله في وجوهنا لا لشيئ سوى لتبرير ذبحه، بحسبهم فإن عبدالله في عمر يسمح بجز العنق، نحن نحب الأطفال ولا نريد ذبحهم لكن عمر عبدالله ١٩ عاما فلا داعي لكل هذه الفجيعة،
ولمن لا يعرف، فمرض الثلاسيميا يخطف الأرواح باكراً ولا يتيح للأطفال حياة مديدة بعد أن ينهش في الجسد لكن هذا لم يمنع النظام من تجنيد عبدالله ولم يمنع من استقووا على ضعفه من تجاهل تقرحات جسده وجروحه ولا ضآلته بل هم فاخروا بما ارتكبت أيديهم فرفعوا رأسه عالياً في لحظة انتصار وحشيتهم..
هناك من اختبأ تارةً خلف صور ضحايا قصف قوات التحالف الغربي في منبج وتارة خلف صور قصف النظام السوري في حلب ليموه ويبرر ويغطي دماء وأنات عبد الله بدماء كثيرين غيره..لكن دماء الأطفال وأرواحهم لا تبرر بدماء أطفال آخرين وقتل عبد الله عيسى أفظع من قتل طائرات التحالف والنظام لسبب جوهري لايمكن القفز عنه وهو أن عبد الله عيسى قتل على يد من يقولون أنهم يريدون إنقاذ السوريين من بطش بشار الأسد ونظامه.
كانوا كثر أولئك الذي احتاروا في كيفية التهوين مما ارتكبته تلك العناصر الهائجة التي انقضت على رأس عبدالله لتجتزه في مشهدية دموية مقززة: من أهل الصحافة ومن صلب أهل "الثورة" ومن المثقفين ومن دخلاء على تلك القيمة المسماة رفض الظلم والتي كانت في أساس الملحمة السورية التي اندلعت عام 2011 والتي بسببها دفع مئات الآلاف أرواحهم..فبين ستاتوس فايسبوكي وآخريمكن أن تقع أعيننا على بعضً ممن جمعهم أمران: إما تجاهل وإما تبرير ذبح عبدالله.
باتت الإشكالية الآن هل كان عبدالله طفلا أم لا.. لكن بما أننا واقعين في تلك الحفرة العميقة يجدر بكل من انقض بقلمه ومشاعره على عبد الله عيسى أن يتذكر مراهقي وأطفال درعا. نعم، كانوا أطفالً أولئك الذين قلع النظام السوري أظافرهم وعذبهم لأنهم خطوا على الجدران عبارات الحرية متهماً إياهم بتهديد النظام والأمن وجميعنا استفظع حينها الأمر.
لكن النظام كانت تبريراته حاضرة دائماً. حمزة الخطيب كان طفلاً وهو الذي اتهمه النظام بأنه كان مغتصب نساء وكان مسلحاً! محمد ضاحي أيضاً كان طفلاً لكنه عذب وقتل في سجن النظام بعد أن وجد على هاتفه أغنية ثورية، إنه نظام يكره الأطفال وهو أكثر من عذبهم وسجنهم وقتلهم لكنهم كانوا بحسبهم متآمرين خطرين. فلماذا يستعيد الموتورون نفس الحجج المريضة مع عبدالله عيسى، وهنا لا حاجة للابتزاز العاطفي المقيت برفع لواء ضحايا منبج أو حلب. ليست المسألة منازلة بين ضحايا فنستخدم صوراً لنرد بها على أخرى. المواجهة حين تقوم على قاعدة طفلنا دمه لنا وطفلكم مهدور دمه أو حتى ضحيتنا لنا وضحيتكم مصيرها القتل الجبان هنا تصبح المواجهة بين وحوش تتساوى في الدم وليس أقل من ذلك.
التعليقات (37)