استراتيجية روسيا والنظام السوري ما بعد حصار حلب

استراتيجية روسيا والنظام السوري ما بعد حصار حلب
من اللافت أن النظام السوري عمد قبيل بدء إنشاء شريط ممتد من جبهة الملاح – حندرات، حتى الليرمون، يؤدي إلى إطباق الحصار على مدينة حلب، عمد إلى إغلاق طريق إمداد المعارضة السورية الرئيسي مع تركيا "منفذ أعزاز الحدودي"، من خلال عزل مدن الشمال، وعقب ذلك قام بعدة محاولات للتقدم باتجاه حندرات والملاح، فيما يبدو وكأنها مناورات لكشف طبيعة الرد العسكري من الفصائل المقاتلة، فتم التركيز بعد ذلك على معارك التلال في ريف حلب الجنوبي، الأمر الذي أدى إلى استنزاف كبير للفصائل، ولحق ذلك مباشرة شن هجوم واسع بإسناد جوي روسي عنيف، أدى إلى فرض طوق على مدينة حلب. 

باشر النظام السوري وبالتعاون مع روسيا بعد فرض حصاره على مدينة حلب، باتباع استراتيجية تقوم على خطوتين رئيسيتين وهما، التأكيد على فتح ممرات إنسانية لإخراج المدنيين من مناطق سيطرة فصائل الثوار داخل حلب، وتكثيف القصف الجوي على ريف حلب الغربي بشكل غير مسبوق، فيما يبدو وكأنها مساع تمهد لشن عملية عسكرية لقطع ممر إمداد المعارضة المتبقي من جهة معبر باب الهوى الحدودي. 

خطة فتح الممرات الإنسانية: 

سارعت روسيا بعد حصار حلب، لإطلاق خطة "الممرات الإنسانية"، لإخراج المدنيين من المدينة، ودأب النظام السوري لإظهار قدوم عشرات من سكان الأحياء القابعة لسيطرة الفصائل في حلب، نحو مناطقه من خلال المنافذ المشار إليها بالخطة الروسية، لكن المعارضة السورية نفت عبر أكثر من إصدار مرئي وتصريح إعلامي، مرور أحد من السكان، معتبرين أن النظام يقوم بالترويج لهذا المشروع.

وكان النظام السوري قبل فرضه الحصار على حلب، قد قام بتدمير البنية التحتية للمدينة بشكل شبه كامل، ما دعا العديد من المنظمات الحقوقية والدولية للتنديد، والتحذير من خطورة هذا الفعل على المدنيين في حال أتم النظام حصار المدينة، وفي هذا الشأن يقول السياسي السوري والعضو السابق لمجلس القضاء الموحد في محافظة حلب "مروان إبراهيم كعيد"، إن النظام السوري عمل على تضييق الخيارات أمام المدنيين تمهيداً لمرحلة الحصار، وقد سارع إلى ادعاء فتح ممرات آمنة بالتعاون مع روسيا، لكن من المعلوم أن أحداً لا يأمن للنظام وجميع ما يسوغه، وبناءً عليه جاء اقتراح الأمم المتحدة بأن تكون هي المسؤول عن هذه الممرات. 

وعلى الرغم من استبعاد "كعيد" من تولي الأمم المتحدة هذا الملف، إلا أنه لم ينفِ حصوله، الذي قد يؤدي إلى عملياً إلى إفراغ المدينة من الحواضن الشعبية للمعارضة السورية. 

وفي اعتقاده، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال إثنائها على ضرورة أن تكون الأمم المتحدة هي المسؤول عن تنفيذ خطة الممرات الآمنة، إلى إخلاء مسؤوليتها في حال حدوث إبادة داخل حلب، باعتبار أن الأمم المتحدة بترجيحه لن تقدر على فعل شيء، وعبر الاستدلال بحديث الصحافة الروسية عن تجهيز القوات الروسية لسيناريو معركة غروزني في حلب. معتبراً أن خطة فتح ممرات آمنة، تطابق الاتفاق الروسي الأمريكي الذي يقوم على ضرب من يسميهم "الإرهابيين داخل حلب"، وقد يكون ذلك عن طريق خطة فتح الممرات الآمنة، التي طالب فيها النظام الفصائل بمغادرة مناطقهم وتسليم أنفسهم، وعلى هذا الأساس أصدر "الأسد"، مرسوم عفو، وبدأ الإعلام التابع للنظام ببث صورٍ مزورة تبين حالات نزوح المدنيين وتسليم بعض العناصر أسلحتها. وهذا الأمر هو تمهيد لسيناريو الإبادة لمناطق حلب المحاصرة، كما حصل في حمص مسبقاً.

فرض طوق فولاذي على حلب:

مؤخراً، كثف النظام السوري من طلعاته الجوية فوق مدن وبلدات ريف حلب الغربي، ما خلّف العديد من الشهداء المدنيين بينهم نساء وأطفال، وهذا التركيز على الريف الغربي، يُعيد للأذهان العملية العسكرية الخاطفة التي قام بها النظام السوري منذ أشهر، قبل بدء سريان هدنة وقف العمليات العدائية على قرية الشيخ عقيل المطلة على بلدة قبتان الجبل، والتي جاءت بعد حملة جوية واسعة قام بها سلاح الجو الروسي فوق الريف الغربي، ما دعا للاعتقاد بأن النظام يهدف إلى التقدم باتجاه قطع طريق الإمداد من باب الهوى، بعدما قطع طريق إمداد حلب من بوابة أعزاز في الريف الشمالي حينها.

القيادي في تجمع فاستقم كما أمرت، العاملة في مدينة حلب وريفها "طارق محرم"، أكد أن تفسير الحملة الجوية التي يقوم بها النظام على ريف حلب الغربي، يأتي لإرباك الفصائل المتواجدة في المنطقة، كون الريف الغربي، هو طريق إمدادها العسكري. وهذا هو الهدف المنظور، وأما عن الهدف البعيد، فمن الطبيعي أن تكون نوايا النظام هي التقدم باتجاه باب الهوى، وبالتالي فإن تدمير البنية التحتية في المنطقة يعتبر جزءاً من استراتيجية كاملة متبعة في هذا السياق. 

وينبّه القيادي، إلى نوايا النظام الحالية في ظل فرض حالة الإرباك في الريف الغربي، وهي التقدم نحو ضهرة عبد ربه، التي أصبحت خط الدفاع الأول لفصائل الثوار في حلب من جهة الشمال، مشيراً أن أيّة سيطرة للنظام على هذه الجبهة تعني سقوط بلدة سقوط بلدة كفر حمرة، وبدء اقتحام من جهة الطامورة وتل مصيبين، وبالتالي يكون قد أكمل الطوق الفولاذي على حلب. لكن "محرم" يؤكد، أن فصائل الثوار تعي تماماً هذا المخطط، وهي تسعى من الآن لإفشاله بكافة الطرق العسكرية، مشيراً إلى أن جيش الفتح قام بنقل ثقله العسكري لجبهات حلب كافة. 

التعليقات (1)

    عامر

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    اي عمل عسكري يهدف لفك الحصار عن مدينة حلب لا يسعى لتحرير حي الشيخ مقصود من مخلفات اوجلان اذناب الاسد فأنه عمل ناقص بكل ما تعنية الكلمة من الناحية العسكرية والسياسية
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات