كابوس يؤرّق المدنيين والعسكريين.. هذه حكاية العبوات الناسفة في درعا

كابوس يؤرّق المدنيين والعسكريين.. هذه حكاية العبوات الناسفة في درعا
تشكل ظاهرة انفجار العبوات الناسفة المزروعة على جوانب الطرق الرئيسية خطراً كبيراً يهدد حياة سكان المدن والبلدات المحررة في محافظة درعا، وزادت هذه الحوادث خلال الأشهر القليلة الماضية، في محاولة لاستهداف أكبر عدد ممكن من القيادات والمقاتلين في صفوف الثوار، وراح ضحية انفجارها عشرات المدنيين المارين عبر تلك الطرق أثناء توجههم لمزاولة أعمالهم اليومية.  

استهداف القيادات البارزة والسيارات العسكرية   

عمدت الأيادي التي تقف وراء انتشار ظاهرة انفجار العبوات الناسفة إلى التربص بالقيادات المدنية والعسكرية الفاعلة في صفوف الثوار، بالإضافة إلى السيارات العسكرية التي تنقل المقاتلين إلى جبهات القتال أو نقاط الرباط.    

تكررت تلك الحوادث عشرات المرات، وكان أبرزها محاولة اغتيال الشيخ "عصمت  العبسي" رئيس محكمة دار العدل بعبوة لاصقة وضعت بالقرب من سيارته الخاصة وأدت إلى إصابته بجروح بليغة مع عدد من مرافقيه، بينما نجا القائد العسكري في جيش الثورة  "عماد أبو زريق" من عدة محاولات كان آخرها  زراعة عبوة ناسفة بالقرب من منزله  تم تفكيكها من قبل مختصين مطلع العام الحالي. 

https://i.imgsafe.org/fde3298542.jpg'>

ونالت عدة فصائل  في الجبهة الجنوبية نصيبها من الاستهداف، وبحسب "عمران العيسى" عضو المكتب الإعلامي لقوات شباب السنة، فإن  جميع السيارات العسكرية التابعة لفصائل الثوار باتت عرضة للاستهداف المنظم خاصة سيارات القياديين بعد رصد تحركاتها. 

وذكر "العيسى" لـ أورينت نت بعض الحوادث التي أسفرت عن استشهاد مقاتلين تابعين لتلك الفصائل ومنها تعرض  سيارة عسكرية لقوات شباب السنة أثناء دخولها إلى نقاط الرباط على الطريق الواصل بين بلدة خربة غزالة و مدينة درعا ما أدى إلى ارتقاء 3مقا تلين كانوا بداخلها، وتعرض سيارة أخرى تابعة لفرقة القادسية لانفجارعبوة ناسفة على الطريق الواصل بين بلدتي النعيمة وأم المياذن  ارتقى على إثرها  6 شهداء مطلع الشهر الحالي.  

عبوات وألغام  مطورة من يقف وراء تصنيعها وتفجيرها؟  

وفي إطار البحث عن طرق تصنيع وتنفيذ تلك التفجيرات والجهات التي تقف وراءها شرح أحد المختصين في مجال تصنيع و تفكيك العبوات لـ ورينت نت التفاصيل الدقيقة حول المواد المستخدمة في التصنيع وتطور طرق التفجير وقال: تختلف طرق تصنيع تلك العبوات بحسب الهدف المرجو من استعمالها ، فإذا أراد المصنع استهداف الأفراد فإنه يضع مقدار 2 الى 5 كيلو غرام من مادة  TNT المتفجرة أو السماد، وتتم زيادة الكمية في حال استهداف الجماعات.  

https://i.imgsafe.org/fde304c890.jpg'>

وأوضح  الخبير لـ أورينت نت أن طرق التفجير تقسم إلى قسمين: أولها الطريقة التقليدية حيث يتم تمديد سلك نحاسي من العبوة إلى مكان الراصد، أما الطريقة الثانية والأكثر استخداماً هي التحكم عن بعد عن طريق قبضة مرقمة مربوطة أيضاً بدارة إلكترونية بمسافة لا تزيد عن 3 كيلو متر، أو عبر هاتف محمول يتم وصله بدارة إلكترونية توضع بالقرب من العبوة ويربط منها شريط بصاعق العبوة، وعند مرور الهدف يقوم الراصد بضغط زر التفجير، أو عبر جهازين لاسلكيين يترك أحدهما بجانب العبوة ويبقى الآخر بحوزة الراصد.  

أورينت نت حصلت على صور خاصة  لعدد من العبوات والألغام المتفجرة التي تم تفكيكهما مؤخراً، وظهر أنه تم  تطويرها الكترونياً بطريقة هندسية معقدة بحيث تكون المسافة بين الراصد وأدوات التفجير أطول بكثير من المسافات في النماذج السابقة. 

https://i.imgsafe.org/fde327fe3f.jpg'>

وعند تجميع أدوات التفجير المستخدمة تبين أنها مؤلفة من عبوات عسكرية وضعت بداخلها مادة (TNT) بالإضافة إلى بعض الألغام المخصّصة لتفجير الدبابات وربطت بجهاز لاسلكي بعيد المدى يبقى بحوزة الراصد، وأغلفت بمادة "الفوم العازل" (foam)، ثم طليت بالدهان على شكل حجارة كي تتناسب مع طبيعة المنطقة المراد التفجير فيها، وربطت بمكثف كهربائي ومجموعة من البطاريات وعدسة متحركة وصاعق.  

https://i.imgsafe.org/fde323abc2.jpg'>

وعند مرور الهدف المراد تفجيره يقوم الراصد بتفعيل عمل العدسة المتحركة، فتصدر أشعة تحت الحمراء، وفي لحظة اجتياز الهدف له  تعطي شحنة كهربائية للصاعق ويحدث الانفجار.  

https://i.imgsafe.org/fde2fb9a38.jpg'>

وأكد الخبير أن قوات النظام هي من تقف وراء تلك التفجيرات كونها تقع غالباً في مناطق قريبة من نقاط سيطرته وذلك من خلال الاستعانة ببعض العملاء المأجورين أو تسلل عناصرها لتلك النقاط حيث قام الإعلام الحربي التابع لها بتوثيق  لحظة انفجارها ونشر الفيديوهات بشكل رسمي، وأن خلايا تابعة لجيش خالد بن الوليد المبايع  لتنظيم الدولة وراء التفجيرات التي تحد ث قرب المقرات العسكرية أو بالقرب من سيارات وبيوت الشخصيات االثورية القيادية باعتراف بعض المتورطين  بتلك العمليات بعد اعتقالهم من قبل محكمة دار العدل.  

المدنيون أغلب ضحايا تلك التفجيرات 

لم يسلم المدنيون العابرون لتلك الطرق من الاستهداف أثناء توجههم لعملهم أو تنقلهم بين المدن والبدات حالهم كحال القادة والمقاتلين العسكرين. 

في 25 شباط الماضي انفجرت عبوة ناسفة على الطريق الواصل بين مدينة بصرى الشام وبلدة صماد ما أدى إلى وفاة  "وليد الكحول" من بلدة معربة أثناء توجهه إلى مزرعته القريبة من ذلك الطريق. 

ويعد الطريق الممتد من بلدات المسيفرة مروراً بالكرك الشرقي ورخم وصولاً إلى بلدة المليحة الغربية أكثر الطرق عرضة للاستهداف كونه مكشوف على التلال والقرى التي تسيطر عليها قوات النظام شرقه، وباعتباره الطريق الرئيسي لدخول البضائع والمحروقات ومواد البناء القادمة من منطقة "صمّا" في محافظة السويداء، والرابط بين ريف درعا الشرقي و منطقة اللجاة، تمر عبره مئات السيارات المدنية والعسكرية يومياً. 

أكثر من 15عبوة زرعت على طول ذلك الطريق منذ بداية العام الحالي وقع ضحيتها 10 أشخاص وعدد من الجرحى، وكان آخرها إصابة  "مؤيد العثامنة " صاحب محل لبيع المحروقات من بلدة  الكرك الشرقي إصابة طفيفة. 

"محمد الزعبي " صاحب مزرعة قريبة من الطريق الواصل بين بلدتي الكرك الشرقي و المسيفرة بات يتردد في الذهاب إلى مزرعته  قبل التواصل مع فرق الهندسة العاملة في المنطقة  للتأكد من خلو الطريق من العبوات.  

ويروي "الزعبي" لـ أورينت نت أنه أثناء عمله في مزرعته  يوم الأحد 26 شباط الماضي سمع صوت انفجار قوي على بعد مئات الأمتار من مزرعته، فرأى إحدى السيارات العسكرية وهي تحترق من أثر الانفجار، فهرع  إلى مكان الحادث ليساعد فريق الدفاع المدني بإسعاف جريحين كانا داخل السيارة.  

يعقب "الزعبي" على الحادثة قائلاً: "مات أحد المصابين بعد إسعافه بساعات، وبقي الآخر على قيد الحياة  لكنه توفي بعد الحادث بأيام متأثراً بجراحه".

ويختم  "الزعبي" حديثه شاكياً من غياب الحراسة وضعف التنسيق بين فصائل المنطقة، مشيراً إلى  ضرورة حراستها من قبل تلك الفصائل كي لا تستمر قوات النظام باستهدافها. 

"علي حسين الحريري" وزوجته "أم عمر" من أبناء بلدة المتاعية وقعا أيضاً ضحية تلك الأعمال الإجرامية حيث انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من منطقة غرز الواقعة على الطريق الحربي أثناء ذهابهما لعيادة الطبيب وعلاج طفلهما الوحيد.

https://i.imgsafe.org/fde34a5c39.jpg'>

وبقي الطفل "عمر" على قيد الحياة بعد أن طار من السيارة في السماء وسقط على بعد بضعة أمتار من السيارة المدمرة نتيجة ضغط الانفجار دون أن يتأذى. 

يعيش "عمر" الآن مع جدته مذهولاً، و هو يشاهد أبناء جيله وهم يلعبون مع آبائهم وأمهاتهم، بينما يتلذذ قاتلو والديه باختراع وسائل القتل والتدمير التي راح ضحيتها مئات الآلاف من السوريين الأبرياء مع دخول ثورتهم عامها السابع. 

https://i.imgsafe.org/fde2fd4d3e.jpg'>

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات