ورغم احتلال ميليشيات إيران في الأيام الماضية أحياء (القابون، برزة، تشرين) وبساتين حرستا الغربية، وحشد عناصرها وآلياتها العسكرية لاقتحام حي جوبر، إلا أن قادة الغوطة قرروا مواصلة القتال فيما بينهم دون الاهتمام للخطر المحدق الذي ينتظر المنطقة بالكامل، ومصير عشرات آلاف المدنيين المهددين بالتهجير والقتل والاعتقال بأي لحظة في حال تمكنت الميليشيات من تحقيق مشروعها الاحتلالي وتأمين العاصمة من أي تواجد للجيش السوري الحر.
تجييش من قبل شرعيي الفصائل
وفي آخر التطورات الميدانية حاول عناصر من جيش الإسلام يوم أمس الخميس التقدم إلى بلدتي "بيت سوى" و"مديرة" واللتين يسيطر عليهما فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام عبر قنوات الصرف الصحي التي تربط بين البلدات، وأسفرت المعارك بحسب المصادر المحلية عن مقتل عشرات المقاتلين من جيش الإسلام بعد كمين نفذه عناصر من "تحرير الشام".
ورغم كل المحاولات لإيقاف الاقتتال الدائر بين الفصائل، يبقى للشرعيين كلام آخر عبر سياسة التجييش والتخوين التي يتبعونها وإصدار الفتاوى المتنوعة التي تشرعن قتل عناصر الفصيل الثاني. وهو ما أكده الناشط "أبو خليل" قائلاً: "إن حالة الاحتقان في الغوطة وصلت إلى الذروة فكل فصيل يريد القضاء على الفصيل الآخر والخاسر الوحيد من العملية الأهالي، الذين باتوا في حالة يرثى لها، وخاصة مع الهدن التي يقوم النظام بتوقيعها مع باقي المدن والبلدات".
اعتقال مدنيين وناشطين ومسعفين
وأضاف: "الأمر لم يعد يقتصر على الاشتباكات بين الفصائل بل تعداها وأصبح كل ناشط ومسعف ومدني معرضا للاعتقال لمجرد انتمائه لأحد الألوية، فخلال الشهر الحالي قام فيلق الرحمن وجيش الإسلام وهيئة تحرير الشام باعتقال عشرات المدنيين والناشطين والمسعفين"، مشيراً إلى أن خطب الجمعة في الغوطة تحولت خلال الأشهر الماضية إلى منابر "لإثارة الفتن" وتخوين باقي الفصائل، فشرعيو جيش الإسلام يتحدثون عن عمالة هيئة تحرير الشام وإيقاف جبهات القتال مع النظام، أما شرعيو الهيئة والفيلق يتحدثون عن بيع جيش الإسلام للجبهات مقابل دخول مساعدات إنسانية لدوما، وتوقيع هدن مع روسيا والنظام وسحبه كافة العناصر من جبهات الغوطة حتى تتمكن ميليشيات الشبيحة من السيطرة عليها.
وفي وقت سابق أعلن مجمع "اليمان" الطبي العامل في الغوطة الشرقية، تعليق عمله، وأصدر بياناً قال فيه إن أحد عناصر فيلق الرحمن اعتدى على المجمع، وأطلق النار بين أقدام العزل، وطالب المجمع في بيانه قيادة فيلق الرحمن بمحاسبة هذا العنصر، كما طالب كافة الفصائل بكف أذاهم عن المرافق العامة، وخاصة الطبية منها، كما أعلن المجمع إيقاف عمله الطبي بسبب "اعتداء أحد الحواجز العسكرية على الكوادر الطبية في بلدة مديرا".
مناشدات لإيقاف الاقتتال
بدوره طالب المجلس المحلي في مدينة حرستا، الفصائل المتقاتلة بفتح الطرق للمدنيين، وعدم التعرض لكوادر الإسعاف والدفاع المدني، وأضاف المجلس: "إننا كفعاليات مدنية ناشطة في المدينة نرفض رفضاً تاماً جميع مظاهر التضييق على أهل غوطتنا – الصامدين الصابرين على الحصار والقصف – وتحديداً الاعتقالات التعسفية وإغلاق الطرقات بوجه المدنيين، آملين من جميع إخواننا في كافة الفصائل فتح الطرقات الواصلة من وإلى مدينة حرستا".
وبلغت حصيلة القتلى جراء الاقتتال الدائر بين فصائل الغوطة 250 مقاتلاً خلال شهر واحد، بالإضافة إلى عشرات الجرحى والأسرى من كل جانب، وكلف الاقتتال خسارة القطاع الشرقي من دمشق والمكون من أحياء (القابون، تشرين، برزة) بعد استغلال النظام للخلافات الدائرة في الغوطة عبر شنه حملة عسكرية شرسة على هذه المناطق.
إحياء ذكرى الاقتتال الأول!
وكان "جيش الإسلام" شن بتاريخ 28 – 4 من العام الحالي هجوماً على مواقع "هيئة تحرير الشام" في الغوطة الشرقية، وذلك بعيد توجيه عضو المكتب السياسي في جيش الإسلام "أبو عمار دلوان" اتهاماً مباشراً إلى "الهيئة باختطاف رتل مؤازرة بالكامل يعود لجيش الإسلام كان متوجهاً من الغوطة الشرقية إلى حي القابون شرقي دمشق، بهدف تحصين الجبهات ضد محاولات قوات الأسد لاقتحام المنطقة.
وخرج عشرات المدنيين وعلى رأسهم أعيان ووجهاء مدن وبلدات الغوطة الشرقية وحي جوبر شرقي دمشق بمظاهرات دعوا من خلالها إلى التهدئة ووقف الاشتباكات لحقن الدماء، وسحب المظاهر المسلحة في الغوطة.
وتزامن اندلاع الاقتتال الحالي بين الفصائل في الغوطة، مع ذكرى "الاقتتال الكبير" في 28 نيسان من العام الماضي، بين "جيش الإسلام" وفيلق الرحمن" المتحالف مع "جيش الفسطاط" المكون من "جبهة النصرة وفجر الأمة وأحرار الشام" على خلفية محاولة اغتيال تعرض لها الشيخ "سليمان طفور"، حيث أسفر الاقتتال عن مقتل وجرح عشرات العناصر من كلا الطرفين وسط تبادل الاتهامات عن اقتحام مقار عسكرية لهما، والتي انتهت بوساطة قطرية.
التعليقات (7)