هل تمضي الولايات المتحدة وإيران في درب الصدام بسوريا؟

هل تمضي الولايات المتحدة وإيران في درب الصدام بسوريا؟
بالرغم من مضي قرابة الأسبوع على الغارة الأمريكية التي استهدفت ميليشيات شيعية تابعة لإيران، عند محاولتها التقدم من منطقة التنف السورية، ما تزال نتائج تلك الضربة غير واضحة حتى الآن بسبب غموض الموقف الأمريكي، وتحاول مجلة "فورين بوليسي" في مقال تحليلي للكاتبين ("بول مكلاري" و"دان دي لوك")، قام بترجمته موقع أورينت نت القسم الإنكليزي، الإحاطة بنتائج ودلالات الضربة الأمريكية وهل هي تغيير في استراتيجية الإدارة الأمريكية تجاه إيران وميليشياتها في سوريا أم هي، كما تنقل المجلة عن أحد الضباط الأمريكيين، مجرد "مسألة ترتبط بحماية قوات العمليات الخاصة الأمريكية".

تمثل الغارة الجوية الأمريكية على مقاتلين مدعومين من إيران جنوبي سورية الأسبوع الفائت مرحلة جديدة متقلبة من الصراع قد تؤجج مواجهة أوسع بين الولايات المتحدة وإيران وحلفائهما على الأرض.

الخلاف على السيطرة.

نجحت الولايات المتحدة وإيران حتى غارة الأسبوع الفائت في تجنب أي مواجهة مباشرة في العراق وسوريا، حيث يوجد لكل منهما مئات المستشارين العسكريين على أرض الميدان ضمن عديد القوات المحلية. 

يتقاسم الطرفان عدواً واحداً في العراق هو تنظيم الدولة؛ ويشن كل منهما حروبا مختلفة في سوريا، إذ تمضي الطائرات وقوات العمليات الخاصة الأمريكية قدماً في دحر مسلحي تنظيم الدولة، بينما تدعم إيران نظام الأسد في مواجهة قوات المعارضة في سياق حرب متعددة الأطراف.

لكن حدة الخلاف ازدادت بين الولايات المتحدة وإيران مع تراجع السيطرة الميدانية لتنظيم الدولة وتنافس شركائهما المحليين على السيطرة على المناطق الهامة على طول الحدود السوريا العراقية.

للمزيد: أمريكا تؤكد استهداف رتل لقوات الأسد قرب التنف وتحمل روسيا المسؤولية

لا تغيير في الاستراتيجية

هاجمت طائرات إف-16 الأمريكية خلال غارة الثامن عشر من أيار/مايو قافلة مقاتلين شيعة تسلحهم إيران، ولم يلق أولئك المقاتلون بالاً للتحذيرات ضد الاقتراب من قاعدة في التنف قرب الحدود الأردنية والعراقية التي تستخدم من قبل القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية لتدريب مجموعات تقاتل تنظيم الدولة. 

مثلت الغارة أول هجوم للقوات الأمريكية على وكلاء إيران في سوريا. وذكر البنتاغون الثلاثاء أن وكلاء إيران عادوا إلى تلك المنطقة بعد عدة أيام، وأن الطائرات الأمريكية حلقت على مقربة منهم في تحذير واضح يطالبهم بالابتعاد. 

وقلل ضباط أمريكيون من أهمية تلك الحوادث قائلين بأن الغارة كانت مجرد مسألة ترتبط بحماية قوات العمليات الخاصة الأمريكية في الجنوب الشرقي للبلاد.

وذكر ضابط أمريكي رفيع المستوى تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه: "لا يمثل هذا الأمر أي تغيير في الاستراتيجية."

دير الزور بعد الرقة

ركزت الاستراتيجية الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب وعهد الرئيس السابق باراك أوباما على هزيمة قوات تنظيم الدولة في ميدان القتال وتجريده من أراضيه في العراق وسوريا. وباستثناء الضربات الصاروخية ضد سوريا في الشهر الماضي رداً على استخدامها للأسلحة الكيماوية، ارتأت إدارة ترامب لغاية الآن عدم الدخول في أي مواجهة عسكرية مع نظام بشار الأسد في سوريا أو مع رعاته: إيران وروسيا.

يعقد القادة العسكريون الأمريكيون العزم بعد اندحار تنظيم الدولة عن جزء كبير من الشمال الشرقي لسوريا على طرده من آخر معقل لهم ضمن المدن في الرقة. 

وقد شرعت قوة أمريكية التسليح والتدريب مكونة من مقاتلين أكراد وعرب بمحاصرة الرقة؛ ويأمل الضباط الأمريكيون بعد سقوط المدينة في ملاحقة تنظيم الدولة في الجزء الشرقي من محافظة دير الزور ووادي نهر الفرات، حيث يتواجد التنظيم بأعداد كبيرة. 

آلاف العناصر الشيعية

غير أن قلق إيران ازداد بسبب الحضور المتزايد لقوات العمليات الخاصة الأمريكية جنوبي سوريا وتقدم القوات السورية الكردية والعربية في ميدان القتال، حيث تحرص إيران على تأمين ممر يربط طهران ببغداد وسوريا ولبنان؛ وزعم التلفزيون الرسمي الإيراني أن القوات الأمريكية موجودة في منطقة الحدود لقطع أي خطوط إمداد لإيران.

نشرت طهران بالمقابل آلاف المقاتلين الشيعة الأفغان والعراقيين وأرسلت خلال الأسابيع الماضية ثلاثة آلاف من عناصر ميليشيا "حزب الله" اللبناني إلى المنطقة الجنوبية الشرقية بين التنف ودير الزور، وذلك وفقا لتقارير لوكالة فارس للأنباء التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وقد أرسلت قوات حزب الله إلى منطقة التنف حسبما أوردت وكالة فارس "لإعداد الجيش السوري وحلفائه لإفشال المخططات الأمريكية في المنطقة وإرساء الأمن على طريق تدمر- بغداد" قبيل ساعات من الغارة الجوية الأمريكية. وقد تعمل تلك القوات أيضاً كقوة معيقة تمنع المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة من التحرك شمالاً انطلاقا من التنف.

للمزيد: إيران تغير "ممرها البري" للمتوسط والسبب أمريكا!

منحدر زلق!

تزامن ارتفاع حدة التوتر بين واشنطن وطهران في سورية مع لغة خطاب أكثر حدة تبناها الرئيس ترامب تجاه إيران. ووصف ترامب إيران خلال كلمة له في السعودية هذا الأسبوع بأنها مصدر "الدمار والفوضى" ودعا دولاً في المنطقة لتشكيل جبهة موحدة ضد إيران.

وبالرغم من تعهد ترامب اتخاذ موقف أكثر عدائية من إيران، لا يزال البيت الأبيض يجري مراجعة لسياسته تجاهها ولم تبين الإدارة بعد الأهداف الأمريكية على امتداد الحدود السورية العراقية.

وقال السفير الأمريكي السابق في سوريا والزميل الحالي في معهد الشرق الأوسط روبرت فورد: "لم يتضح لي بعد وجود استراتيجية واضحة لدى الإدارة حيال كيفية إدارة وجودها ووجود حلفائها شرقي سوريا. وإذا لم تكن الإدارة حذرة ستكون على منحدر زلق. ويبدو أن هناك إمكانية لتفاقم الصراع."

الطريق إلى دير الزور

وقد منحت إدارة ترامب القوات الأمريكية سلطة نشر ألف جندي أمريكي غالبيتهم من قوات العمليات الخاصة في سوريا، ونشروا في عدة قواعد أمامية صغيرة في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمالاً، وفي قاعدة قيادة نيران قرب الرقة، وفي التنف جنوباً، ويفصل بين تلك القواعد الأمامية الصغيرة مئات الأميال من الأراضي التي يفقد تنظيم الدولة سيطرته عليها باستمرار، والتي ترى قوات النظام وحلفاؤها الإيرانيون فيها أرضاً خصبة لإعادة إرساء سيطرتها عليها.

يراقب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الميلشيات بعناية، وأخبر أحد مسؤولي وزارة الدفاع "فورين بوليسي" بأنهم يتابعون شق الميلشيات لطريقها بحذر شرقاً باتجاه دير الزور، حيث أبقى نظام الأسد قاعدة عسكرية أمامية هامة ومعزولة، وظلت تلك القاعدة منفصلة عن باقي مناطق سيطرة النظام الأخرى ويمكن إعادة تموينها فقط من خلال إلقاء المؤن جواً، لكنها عززت مؤخراً بحوالي ألف عنصر مانحة بذلك النظام بعض القوة القتالية في المنطقة.

وما انفك قادة عسكريون أمريكيون عن القول بأنهم يتوقعون تراجع تنظيم الدولة باتجاه وادي نهر الفرات الذي يربط الرقة بالحدود العراقية، وتابعت الطائرات الأمريكية وطائرات التحالف ضرب أهداف داعش في الوادي لعدة شهور. ونفذت الطائرات الأمريكية مزيداً من الضربات الجوية في المنطقة خلال الأسبوع الحالي. 

ازدحام أرض المعركة

مكث بعض مقاتلي الميليشيات المدعومة من إيران قرب التنف رغم الضربة الجوية الأمريكية وتحذير الأسبوع الماضي، وقال المتحدث باسم البنتاغون النقيب جيف دافيز لمراسلين يوم الثلاثاء: "إذا واصلوا تقدمهم، ستقوم قوات التحالف بالدفاع عن نفسها."  

وأضاف مسؤول عسكري آخر: "نعي جيداً أنهم يريدون مواصلة التحرك شرقاً باتجاه دير الزور، ونرصد المقاتلين بعناية عن قرب."

لدى انتقال القتال نحو وادي الفرات في دير الزور، ستزداد مخاطر الاشتباك غير المقصود.  ويخشى البعض من أن ازدحام أرض المعركة قد يؤدي إلى حوادث غير مرغوب بها، وذلك مع تحرك قوات الجيش السوري الحر المدعومة أمريكياً من الجنوب، وتقدم "قوات سوريا الديمقراطية الكردية والعربية" من الشمال والغرب، ومحاولة الميلشيات المساندة للنظام دخول المنطقة، وتحليق كل من الطيران الأمريكي والروسي عن قرب في الأجواء. 

التعليقات (1)

    احمد الديري

    ·منذ 6 سنوات 10 أشهر
    لا اعتقد انه سيكون هناك صدام حقيقي بين الولايات المتحده وايران ، لكنها مجرد تمثيليه وحرب وهميه لا اكثر لأنه هناك مصالح مشتركه بين الامريكان وايران
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات