تختلف الدول فيما بينها وتتباين "سياسياً" تبعاً لنظام حكم كل دولة. فأنظمة الحكم كثيرة ومتعددة من إشتراكية وديموقراطية ودينية...إلخ. وبما أن الحديث والحدث في أيامنا الحالية هو الدين، فمن الطبيعي أخذ الأنظمة الدينية حيّز من الإهتمام. ومن أكثر الأنظمة الدينية تأثيراً على السياسة الإقليمية والدولية هو النظام الإيراني.
أخذ النظام في إيران الطابع الديني بعد ثورة عام 1979، عندما وضع آية الله الخميني الدستور الذي يبنى على تعاليم المذهب الشيعي الإثني عشري موضع التنفيذ، ومنذ ذاك الحين بدأت عملية واسعة من التغييرات في السياسة الإيرانية بدءاً بطرد السفير الإسرائيلي من سفارة إسرائيل بطهران والتعاطف الإيراني تجاه الفلسطينيين بتبني قضيتهم.
ولكن إذا عدنا إلى الوراء ما قبل إيران وإسرائيل أي إلى حقبة الفرس واليهود، نرى التعاطف الكبير واللحمة القوية بين الشعبين فلولا الفرس لما كان هناك وجود لليهود إلى يومنا هذا عندما قام نبوخذ نصَّر بأخذ اليهود سبايا من السامرة إلى بابل، ولكن تدخل الإمبراطور "قورش" الفارسي قام بهزم البابليين وخلاص اليهود، ومن الأمثلة "استر" ملكة فارس اليهودية وزوجة الملك "هامان" والتي أنقذت اليهود من تصفية حتمية.
أما إذا دخلنا إلى المجتمع الإيراني نجد أنه لا يزال يتمسك بأمجاد الماضي الزرداشتي، فأطول عطل في الدولة هي السنة الفارسية الجديدة وعيد النيروز، والتي تتجاوز مدتها عطلة الأعياد الدينية.
إسرائيل تريد بناء دولتها من النيل إلى الفرات، كذلك إيران تسعى إلى استعادة أراضيها التي تصل إلى مسقط وذلك بالإعتراف أن الخليج هو فارسي وليس عربي، وتركيا إلى حد كبير تحاول استعادة أمجاد الدولة العثمانية. فالتاريخ لم يشهد أبداً حروب بين تركيا وإيران وإسرائيل. في ظل هذا المخطط الرهيب الذي لا يمكن للعقل العربي أن يفهمه، العرب هم ضحية هذا الطوق الثلاثي الأجنبي الذي يتغلغل باسم الدين أو المال أو مكاسب سياسية.
وإذا نظرنا أبعد من ذلك نجد ترابطاً عسكرياً وسياسياً بين الولايات المتحدة وإيران، فوراء البرنامج النووي الإيراني فكر ودعم أمريكي لتعزيز الدور الإيراني في المنطقة، كذلك كانت إيران هي من استفاد من الإحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان. وقد ظهر التعاون الأمريكي-الإيراني بشكل واضح في صفقة إيران-كونترا عندما قامت الولايات المتحدة وإسرائيل ببيع أسلحة لإيران أثناء حربها مع العراق والتي استمرت طوال الفترة 1980-1988. فهذه الحادثة ما زالت حديثة العهد ولايمكن التشكيك بصحتها، فلماذا تريد أمريكا وإسرائيل بيع إيران الأسلحة ودعم صمود النظام الديني الذي يصفها بالشيطان؟
التعليقات (19)