"حزب الله" وزوّارنا "المجاهدون"

"حزب الله" وزوّارنا "المجاهدون"
ذات مرّة كتب الشاعر اللبنانيّ الراحل محمّد العبدالله "ونظرت من الشبّاك فإذا هي حرب أهليّة". فهل سننظر من الشبّاك هذه المرّة لنجد "عشرات، بل مئات الآلاف من المجاهدين" اليمنيّين والعراقيّين والإيرانيّين والأفغان والباكستانيّين يتدفّقون على لبنان، وفقاً لخطاب حسن نصر الله، الأمين العامّ لـ "حزب الله" في "يوم القدس"؟

هذه الفقرة في الخطاب قد تكون تهويلاً محضاً من النوع المعتاد، وقد تكون مسايرة للوجهة التي افتتحها “حزب الله” في سوريّة، حيث حضرت جيوش وميليشيات لا تُعدّ لقهر الشعب السوريّ، وقد تكون رفعاً لمعنويّات ليست في أحسن أحوالها.

لكنْ تبقى مسألتان يثيرهما خطاب الأمين العامّ، بل يثيرهما كلّ خطاب يلقيه علينا: ما موقف الدولة اللبنانيّة، وحكومتها التي يشارك فيها الحزب، من كلام كهذا؟ ثمّ إذا كان مئات الآلاف من هؤلاء سيأتون لإنجادنا، فإلى من تعود هذه الـ “نا”؟ هل تشعر أكثريّة اللبنانيّين بأنّها عشيّة حرب تستدعي استقبال “مجاهدين” بمئات الآلاف، أم أنّ هذه الأكثريّة ستتساءل، وهي تسمع خطاب الأمين العامّ: خير إن شاء الله؟

أكثريّة اللبنانيّين الكبرى مهتمّة اليوم بإنجاح مواسم السياحة والاصطياف. يوم الأحد الماضي أقيم مهرجان لإحياء شارع الحمرا في بيروت (ولو أنّ عنوانه كان سمجاً ولا يمتّ بصلة إلى كوزموبوليتيّة الحمرا التي يراد إحياؤها: “لبنانيّ قحّ”). شوارع أخرى في العاصمة وبلدات ومدن في لبنان سبق أن أحيت مهرجانات مماثلة. اللبنانيّون، عن خطأ أو عن صواب، يريدون استقبال آلاف السيّاح والمصطافين، “بل مئات آلافهم” إن أمكن ذلك. الأمين العامّ يريد لهم أن يستقبلوا مئات آلاف “المجاهدين”.

مرّة أخرى يتّضح أنّ حروب “حزب الله” هي، بالضرورة والتعريف، من نوع تآمريّ: تُفرض على المجتمع من وراء ظهره وضدّاً على إرادته. إنّها حروب الوظيفة الإقليميّة غير المعنيّة بهذا البلد لا من قريب ولا من بعيد. لهذا تبدو تلك الحروب شبيهة بأفلام الكوارث والرعب: زلزال أو طوفان غير متوقّعين بتاتاً يضربان الحياة اليوميّة والعاديّة للسكّان.

فوق ذلك فإنّ تلك الحروب ذات طابع ملحميّ، إن لم يكن في الواقع الفعليّ، ففي الصورة المخيفة التي تُرسم لها: تخيّلوا مئات آلاف “المجاهدين” وهم يتدفّقون على البلد “للدفاع عنه”!

إنّ الحروب التآمريّة مضطرّة، كي تُكسب نفسها بعض الواقعيّة وبعض التبرير، إن لم يكن بعض الشعبيّة أيضاً، إلى استعارة هذه المبالغات الملحميّة. ضعف التمثيل، في أمر يعادل الحياة والموت، يستدعي نفخ كلّ شيء آخر: نفخ الخطر. نفخ العداوة. نفخ الأعداد التي ستقاتل. نفخ معنى الانتصار...

لكنْ إذا كانت مأساة “حزب الله” أنّ عليه تغيير المجتمع نفسه من أجل أن يضفي الشرعيّة على حروبه، فإنّ مأساة هذا المجتمع هي أنّه، في آخر المطاف وفي ما هو أساسي، محكوم بـ “حزب الله”!

التعليقات (3)

    ali

    ·منذ 6 سنوات 9 أشهر
    اول شي على مايبدو الكاتب مراهق..إنه يحلل و يتكلم بمنطق الأطفال و لايفهم عن ماذا يتكلم..اولا الحزب الذي امتصر في القصير ويبرود لا يمكن أن ينفخ في اشياء غير موجودة ليعيد إحياء عظمته؟؟الا تعرف أيها الارهابي ان شيعة لبنان هم حزب الله ان لم يكن ابني في الحزب فهو اخي او ابن اخي او ابن عمي..نحن حزب الله..و نحن فقد ننتظر إشارة من السيد لنبيد من يريد..فهو إن وعد إنتصر..وعد في الانتصار و الصمود في سوريا..و ها هو اليوم قد حقق إنجازا و إن لم تعترف به حضرتك إسرائيل تعترف و ترتعب..لا يهم نظرتك للأمور نحن

    علي

    ·منذ 6 سنوات 9 أشهر
    لايهم نظرتك للامور لأن ليس أنت او غيرك الهدف نحن هدفنا أن نرعب إسرائيل التي باتت الان تعمل على وضع جدار و نقل مفاعيلها النووية و تدفع الملايين لضع مضدات للصواريخ.ووو...و ثانيا اصبح لحزب الله قوة سياسية في سوريا بل اصبح عنصر مهم وله مواقعه الإستراتجية..هل تعلم انا كشيعي عندما أذهب لسوريا امر بطريق عسكري و لا من يدقق باوراقي و غيره ..بينما السوري يقف و يتم تفتيشه و عداك البحث في اوراقه و كم من الوقت يبقى في الطرقات..اوليس هذا نصر لنا...عندما طالب بقدوم االحرث الثوري عادي حليفنا على الأرض شو الغريب

    علي

    ·منذ 6 سنوات 9 أشهر
    وهذه الايام كل له حليف..فإذا فكرت إسرائيل في إعلان الحرب على لبنان لماذا لا يكون لديه حليف..حليف قوي تمكن من فرض نفسه..حزب الله ليس بحاجة لأحد لينتصر..لكن لينهي إسرائيل يجب ان يكون لديه حلفاء اقوياء..هذا حقنا في الجنوب و من لم يعجبه الحال يشرف يحمل سلاح و يحمي الجنوب..بس ماتقول الجيش ..سؤال وين كان الجيش من قبل بس كان الجنوب محتل ..لو مانحن اهل الجنوب دافعنا قاومنا ماانتصرنا..وين كان الجيش بحرب تموز..هيدي ارضنا اسمحولنا ماحد يساومنا عليها..نحنا مهددين بأي لحظة إسرائيل تفوت علينا بس ولادنا
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات