المشهد السابق نقلت تفاصيله صحيفة "ستار أند سترايبس" الأمريكية لمقاتلين مرتزقة أمريكيين في صفوف تنظيم "YPG" الكردي، ومنهم "كيفن هوارد"، ذو 28 سنة، يظهرون في مقطع مصور.
و"هوارد" ليس واحداً من مئات القوات الامريكية المنتشرة في سوريا، إذ جاء هذا المقاتل، الذي سبق له أن خدم في سلاح البحرية الأمريكي، من سان فرانسيسكو إلى الرقة كمتطوع، وهو جزء من مجموعة صغيرة من المجندين المستقلين الذين سافروا إلى سوريا من الولايات المتحدة وأوروبا لمساعدة الأكراد في حربهم.
أيام معركة الرقة الأخيرة
تحولت معركة الرقة في الأيام الأخيرة إلى دوامة موت عنيفة حيث قتل التنظيم عددا لا بأس به من المقاتلين الأجانب، تسوق الصحيفة هنا أسماء ثلاثة من المتطوعين؛ نيكولاس واردن، 29 عاما، من بوفالو، نيويورك، و روبرت غرودت، 28 عاما، الذي ينحدر من سيمي فالي، ولوقا روتر، 22 عاما، من بيركنهيد بإنكلترا. الثلاثة قتلهم تنظيم الدولة بينما كانت القوات الكردية تتقدم في الرقة بغطاء ودعم جوي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الرقة.
"لقد انفطرت قلوب الجميع حزناً على فقدان أولئك الرجال الثلاثة، وخاصة عندما تساورك الفكرة أنهم قتلوا في اليوم نفسه،" يقول لوكاس تشابمان العائد إلى واشنطن هذا العام بعد مهمة قتالية إلى جانب وحدات حماية الشعب الكردية، الجناح السوري لتنظيم "PKK / حزب العمال الكردستاني" التركي.
وقال "تشابمان إن واردن" كان قد عمل في الجيش الأمريكي في أفغانستان ومع الجيش الفرنسي قبل أن يتجه لمحاربة تنظيم "الدولة" في فبراير/ شباط الشهر الذي تبع الهجمات التفجيرية التي وقعت في "سان برناردينو" و"اورلاندو" بولاية "فلوريدا" الأمريكية.
أما غرودت، فقد تخرج من مدرسة مونتي فيستا في وادي سيمي ودرس الفلسفة في كلية موربارك، كان شخصا مثاليا، كما قال أصدقاءه وأفراد عائلته في وصفهم له.
وفي نيسان/أبريل، سافر غرودت إلى سوريا للانضمام إلى وحدات حماية الشعب بعد الاجتماع مع متطوعين آخرين الذين عادوا إلى الولايات المتحدة. ولم يكن يفكر بالانضمام إلى الجيش الأمريكي لأنه لم يكن متأكدا من قبوله في صفوقه، والحديث هنا لأمه، تامي غرودت، من سيمي فالي.
"كانت أسباب انضمامي الى وحدات حماية الشعب هي مساعدة الشعب الكردي في نضاله من أجل الحكم الذاتي في سوريا وفي أماكن أخرى. بذلت قصارى جهدي للمساعدة في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية،" يقول روبرت غرودت في واحد من سلسلة من أشرطة الفيديو التي سُجلت من سوريا وهو يجلس في زي رسمي في حقل ممسكا بندقيته.
وقد قتل غرودت في انفجار لغم في 6 يوليو/ تموز، ونقلت جثته إلى مركز مخصص في مقبرة تابعة لقوات حماية الشعب في القامشلي، وفقا لرواية والدته التي علمت بمقتل ابنها في 8 يوليو/ تموز.
"وزارة الخارجية تعمل على إعادة جثمانه إلى الولايات المتحدة،" تضيف الأم وقد اغرورقت عيناها بالدموع.
لواء "فاطميون وحزب الله وأمثالهم مقاتلون أجانب
أليس المرتزقة في لواء "الفاطميون" وحزب الله الإرهابيين وأمثالهم في سوريا مقاتلين أجانب؟ أم أنهم سوريون وفقا لقاموس بشار الأسد، الذي أقرَّ بمنح الجنسية لمن يدافع عن نظامه؟ " يسأل أحمد الحمادة، الخبير العسكري السوري.
ويضيف "الحمادة" في حديثه لأورينت نت "إن المقاتلين الأجانب سواء كانوا من إرهابي الأسد أو تابعين لحزب العمال الكردستاني أو لتنظيم الدولة يجب معاملتهم على قدم المساواة ويجب أن يقاضوا في نفس المحاكم الدولية، على الرغم من أن إرهابي الأسد لا مثيل لإجرامهم ووحشيتهم وعدم إنسانيتهم، يجب أن تتوقف هذه المسرحية الهزلية."
شهادة أمريكية على تعامل وحدات الكردية مع الجرحى على أساس عرقي
نشر مقاتل أمريكي تطوع سابقاً في ميليشيا "وحدات حماية الشعب YPG" الكردية، يدعى "باتريك راين كاسبرك" عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تدوينة تحدث فيها عن اعتقاله من قبل "الوحدات"، وذلك على خلفية انتقاده لقيادات الميليشيا الكردية بعد أن لاحظ تعاملها مع الجرحى على أساس عرقي، وهوسها بالـ"بروباغندا،" الدعاية، وفقا لـ NSO.
وكان "باتريك" مقاتل متطوع في "الوحدة التكتيكية الطبية" التي تضم عناصر غالبيتهم أجانب يقومون بمهام إسعاف ومعالجة الجرحى من "وحدات حماية الشعب YPG"، والميليشيات المقاتلة بجانبها في خطوط القتال الأمامية"، وقد تم حل وحدته مؤخراً بأمر من قيادي في "وحدات حماية الشعب YPG" الأمر الذي دفعه إلى ترك "الوحدات" والتوقف عن القتال معها.
وبدأ "باتريك" تدوينته مستهزئاً: في المرة القادمة عندما ترى هافال "رفيق" تعرفه أو مقاتلاً أجنبياً توفي جراء إصابته في المعارك عليك أن تشكر "وحدات حماية الشعب YPG" بسبب إغلاقها "الوحدة الطبية التكتيكية TMU".
وتابع "باتريك": تم اعتقالي من قبل "وحدات حماية الشعب YPG" في 11 تشرين الأول 2016 بسبب اعتراضي الشديد على قرار أحد قادة "YPG" واسمه "هافال جانشر" بإغلاق "الوحدة الطبية التكتيكية"، وبعد ذلك تم إنهاء خدمتي في "الوحدات"، وانتقلت بعدها إلى "الوحدة 060" في شنغال.
وأضاف "باتريك" أن هذا القيادي ذاته، في قوات سوريا الديمقراطية، كان قد منع سيارات "الهلال الأحمر الكردي" من معالجة المدنيين العرب في منبج، في حين أجبر تلك السيارات على العمل في مهام عسكرية في منبج، لافتاً أن القيادي طلب من قوات العمليات الخاصة الأمريكية معاملة "الرفاق العرب" بدونية.
وأردف"باتريك": الأحداث التي رافقت وتلت سقوط منبج خيبت أملي في وحدات حماية الشعب YPG مؤكدا أنه لا ينوي مواصلة القتال مع تلك الوحدات المهووسة بالبروباغندا.
معايير مزدوجة في التعامل مع المقاتلين الأجانب
عنونت العديد من الصحف الغربية كثيراً من أخبارها التي تحدثت عن عقوبات بحق مواطنين غربيين كانوا يخططون للانضمام إلى تنظيم الدولة في سوريا أو انضموا إليه بالفعل.
على سبيل المثال، تنقل جريدة الغارديان البريطانية أن أسيل مثنى، الذي كان يخطط أن يكون مدرسا للغة الإنكليزية، قد سافر إلى سوريا عام 2014 بعد إخبار والديه في كارديف بأنه سيذهب إلى منزل أحد الأصدقاء ليراجع بعض مسائل الرياضيات. وصفت الصحيفة كيف تعاملت الحكومة البريطانية مع والده، مجمدة الأرصدة المصرفية للولد على الرغم من نفي الأب وجود أي جنيه إسترليني في رصيد ابنه.
المفارقة هنا أن لم يتم تجميد الأصول أو فرض حظر السفر على أولئك الذين قرروا الإنخراط في دعم قوات سوريا الديمقراطية المرتبطة بحزب البا كا كا المصنف على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على الرغم من أنهم أيضا مقاتلون أجانت، يتسآل مراقبون في الشأن السوري.
والجدير بالذكر أيضاً أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد وافق قبل عامين بالإجماع على تمرير قرار يقضي بمحاربة المقاتلين الأجانب، في إشارة إلى سوريا التي كانت سبب إصدار ذاك القرار.
نبذة عن تاريخ المقاتلين الأمريكيين خارج حدودهم
لدى الأميركيين تاريخ حافل للقتال خارج حدودهم حيث قاتل أبراهام لينكولن الفاشيين في الحرب الأهلية الإسبانية؛ وسافر الطيارون الأمريكيون إلى بريطانيا والصين قبل الحرب العالمية الثانية؛ وقد خدم المواطنون الامريكيون في قوات الدفاع الإسرائيلية أيضا.
وهنا تجدر الإشارة أن عدة مئات من هؤلاء المتطوعين وصلوا إلى سوريا منذ اندلاع حرب نظام الأسد على الشعب قبل ست سنوات، وفقا للتقديرات المحلية، ولا يزال هناك العشرات منهم مرابطين حتى ساعة ترجمة وإعداد هذه المادة.
بعض أولئك المحاربين، مثل هوارد، خدموا في الشرق الأوسط، ويعتقد أنهم تركوا قبل انتهاء عقدهم، أما البعض الآخر فتغريهم فكرة القتال والعنف في أماكن نائية من مناطق النزاعات.
التعليقات (1)