هكذا ينتقم نظام الأسد من "سُّنة" اللاذقية

هكذا ينتقم نظام الأسد من "سُّنة" اللاذقية
بالرغم من انتهاء المعارك حول بعض المناطق التي يسيطر عليها النظام ومحاولته إظهار نمط حياة طبيعي وتسيير دفة القوانين بشكل مباشر وقوي، إلا أن حملة الانتقام العنيفة التي تقودها أجهزة النظام، بعنفٍ مستتر، ضد المدنيين لا سيما التجار، افتتحت فصلاً جديداً داخل الساحل السوري، ذلك أن الأمان العسكري الذي استرده النظام بالعنف والسلاح، سيفتح فصلاً  جديداً ومستتراً داخل هذه المدن يهدف للانتقام منها عبر تغيير ديموغرافيتها. 

الدوريات في مناطق السُنة فقط

تخضع اللاذقية عموماً لتقسيم أهلي شبه طوعي، بين مناطق العلويين والسُّنة، فالمناطق التقليدية التجارية في المدينة تقع داخل مناطق السُّنة، ومنذ دعاية الأمان العسكري الأخيرة التي روج لها نظام الأسد في المحيط، وقعت تلك الأحياء في حصارات متعددة تحت سطوة القوانين الإدارية والتموينية والجمركية الجديدة، التي ضاعف بها النظام سعر الغرامات، ورفع من مستوى الرقابة والعقوبة.

ولا تخلو المدينة القديمة وفي كل شارع منها من دوريات الجمارك الضخمة المسلحة، ما جعل الكثير من التجار معتصمين داخل بيوتهم خوفاً من التعرض للمخالفات. 

مناطق المدينة المحاصرة مُحددة، على وجهٍ لا لبس فيه، في مناطق السُّنة والدوريات تعمل منذ الصباح دون كلل، ويتعاون في هذا الهجوم اليومي رجال المحافظة المسلحين أيضاً الذين يرافقون موظفي البلدية والجهات العقارية، خوفاً من نزعة تمردية لدى التجار، خاصة أن نسبة الزيادات على ضرائب الدخل والنظافة والإشغال ...الخ تضاعفت لأكثر من مئة بالمئة، وهذا الارتفاع يستدعي غضباً نامياً لدى التجار إلا أن السلاح يستطيع أن يضبط أي نغمٍ تمردي. وهذا ما أتقنه النظام جيداً.

متاهة بين الجملة والتجزئة والسر في الشريك

 في لقاء مع أورينت نت تحدث العديد من تجار عن صلب القضية، وبين تاجر جملة، مواد تنظيف وتجميل، عدم القدرة على الالتزام بما يطلبه النظام في قوانينه فـ"نظام الفوترة الجديد يجعله شريكاً بالأرباح بشكل لا يُصدق، ونحن لا نستخدمه، والجميع لا يمكنه الالتزام بالفواتير لأن كل مستوردي الخارج لا يعطوننا فواتير بالأصل لكي نعمل على أساسها". 

أما تجار الألبسة فحوصروا من "الجهات الرسمية" بدعوى عدم وجود تراخيص لأصحاب المنشآت الصناعية في المدينة، وهدد مئات التجار بالمخالفة إلا أنه تم دفع مبلغ كبير جداً لدوريات التموين والجمارك لحل القضية.

وقامت دوريات الجمارك بإغلاق أكثر من تسعين متجراً خلال ساعات بحجة عدم وجود فواتير نظامية، رغم أن بائعي التجار المُغلقة متاجرهم للمخالفة كانوا اشتروا البضائع من تجار تسمح لهم الدولة بإدخال بضائعهم للبلاد إلا أنهم لا يعطون تجار التجزئة فواتير نظامية لكي  لا يلتزم التاجر الكبير المستورد بدفع الضرائب اللازمة، ويُعزى التشديد على تجار التجزئة لعلاقة التجار الكبار الشأن مع رجالات النظام الأمر الذي وفر لهم ملاذاً ضريبياً آمناً وانتفاء أي نوع من أنواع الرقابة.

أمان في أحياء العلويين بسبب غياب عناصر الأمن!

ما يشوب هذا الحصار هو تحيزه التام فلا دوريات جمركية وأمنية أو حتى إدارية عامة إلا في مناطق المدينة القديمة أي أحياء السُّنة فقط، وهذا ما عبرت عنه موظفة في التموين "نحن لا نجرؤ على زيارة مناطق العلويين التجارية فالكل مسلح أو له شريك مسلح أو من رجال الأمن" هذا يشمل أيضاً موظفي الكهرباء والتموين والجمارك، أي أن نطاق الحرية التجارية في مناطق العلويين على أشدها ولا يمكن الوقوف حكومياً في وجه تجارها أو مجابهتهم أو إلزامهم بدفع أي ضريبة أو حتى رشوة. 

من جهة أخرى هناك تحطيم آخر لمجتمع المدينة، من خلال الحملات الأمنية المتعددة لاقتياد الشبان إلى التجنيد، فيرسل النظام كل يوم إلى أهم شوارع المدينة أكثر من عشرين حاجزاً أمنياً مستتراً أو مكشوفاً، مما يجعل المدينة خالية خلال ساعة واحدة، على خلاف مناطق العلويين السكنية التي لا يوجد فيها حاجز أمني واحد أو عسكري، وهذا ما يُزعج تجار المدينة أيضاً بسبب خلو الشوارع بعد انتشار الحواجز، وتؤدي خشية الشبان والعائلات الاعتقال للامتناع عدة أيام عن الخروج من البيت خوفاً من السحب إلى العسكرية.

والظاهرة الخطيرة التي رصدتها أورينت نت هو تفضيل الكثير من الأهالي السير نحو المناطق العلوية للتبضع والشراء بسبب الأمان المتواجد هناك جراء ابتعاد عناصر الأمن عن تلك المناطق.

انتقام طائفي من المدينة

وتشهد أطراف مدينة اللاذقية في ريفها العلوي القريب من المدينة، دمسرخو – بسنادا، حالة غريبة، حيث لا تجرؤ أي جهة تابعة لحكومة النظام الدخول إليها، بسبب استلام مجموعات مسلحة إدارة المناطق بها، وخاصة على مستوى عمليات البناء وتراخيصه أو الالتزام بدفع فواتير الكهرباء والماء، وتشهد هذه المناطق ثورة عقارية كبيرة دون أن تخضع إلى أي التزام حكومي أو رقابة إدارية، وتواترت الاعتداءات على موظفين حكوميين حتى أصبح الصعود إلى تلك المناطق أشبه بمغامرة مروعة لأي موظف.

هناك طاقة إقناعية للتقسيم في المدينة، هذه الطاقة يقودها نظام الأسد وأجهزته وليس مسلحيه فقط، بحيث تنتهي المدينة التقليدية وتتغير ديمغرافية البشر فيها، وقد يكون هذا انتقام من النظام، الذي لا تخلو يده من لوثة طائفية، من مجتمع سُّني تُخلق بوجهه تناقضات متجددة، أما كتلة المستفيدين فهم ضباط يسارعون لمشاركة تُجار سُّنة لإزاحة وطأة التدخل في أعمالهم مقابل دية أو شراكة اقتصادية، عدا عن توسع شخصيات تجارية علوية وشيعية تتبع المنظمة الإيرانية العاملة في الساحل لشراء كبرى المحلات في المدينة لإزاحة ثق التجار السنة عن المدينة. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات