لأول مرة.. تلفزيون أورينت يروي قصة إضراب تجار دمشق وحلب ضد حكم البعث

لأول مرة.. تلفزيون أورينت يروي قصة إضراب تجار دمشق وحلب ضد حكم البعث
لأول مرة على شاشة تلفزيونية، يسلط تلفزيون الأورينت ضمن الموسم الثاني من سلسلته الوثائقية (موسوعة سورية السياسية)، الضوء على حدث نادر لم يسمع به الكثير من أبناء الجيل  الشاب في سورية، ألا وهو إضراب تجار دمشق وحلب عام 1964 وذلك إثر قيام السلطات البعثية باقتحام جامع السلطان بحماة بعد قصفه وتهديم مئذنته التاريخية، وقتل واعتقال المعتصمين فيه.. كما يتوقف عند إضراب آخر قام به تجار دمشق عام 1965 ليقدم بصور ووثائق نادرة مادة بصرية في غاية الأهمية، تبرز الوجه الحقيقي لتجار دمشق وحلب الذين عمد نظام الأسد إلى تجريدهم من ثروتهم ومحاصرتهم اقتصاديا، وتشويه سمعتهم اجتماعياً، وتخوينهم وطيناً، ووصفهم بأنه جزء من  من الطبقة الرجعية وأعوان للاستعمار، ثم عاد في السنوات الأخيرة ليزعم أنه لولا تحالفهم معه لما تمكن من حكم سورية!.

  

وتُظهر حلقة (إضراب تجار دمشق وحلب 1964- 1965) أن هناك طبقة من التجار الوطنيين التي سبق أن تصدت للاستبداد البعثي، ولمخططات الحكم الطائفي العلوي التي كان يدير دفة الحكم من خلف ستار البعث، لكن هذه الطبقة قضي عليها بشراسة، كما قضي على النقابات المهنية الحرة، والصحافة الحرة، وكما جرى تسريح الضباط السنة من الجيش عامي (1963-1965) واستبدالهم بالعلويين، وتقديم تسهيلات لهم للانتساب للمدارس العسكرية المختلفة في سورية، بغية إحكام القبضة الأمنية بالقوة والإرهاب المنظم على الأكثرية الساحقة من السوريين غير المؤمنين بمبدأ الحكم الطائفي الذي خطط له صلاح جديد ومحمد عمران وحافظ الأسد، ثم قطف ثماره الأخير، وصفى البقية من رفاقه. 

ويوضح محرر (موسوعة سورية السياسية) في تلفزيون الأورينت، في حديث لأورينت نت: "أن النظام اكتفى بتصفية الصحافة الحرة، والضباط السنة في الجيش، والنقابات المهنية التي كانت أساس المجتمع المدني، لكنه حافظ على سمعة تلك المؤسسات لأنه كان بحاجة لاستخدامها، أما طبقة التجار فقد عمد بعد تصفيتها، إلى تشويه سمعتها في منشوراته الحزبية، ووسم التجار الشرفاء بالرجعية والتآمر، وشجع أبناء الريف على شتمهم وتصديق كل الأكاذيب التي كانت تؤلفها أفرع مخابراته عنهم، من أجل ألا يبقي أثر لأي بديل مقبول اجتماعيا في إدارة البلاد اقتصاديا وسياسياً، ومن أجل تسويق طبقة العسكرتاريا العلوية التي أوجدت ثلة من الأجراء والخدمتشية أمثال الشلاح وحمشو، وصدرتهم على أنهم تجار دمشق الجدد، وشركاؤها في إدارة اقتصاد البلاد والاستفادة منهم.. وهم لا يمثلون دمشق، كما لا يمثل حثالة التجار المتعاونين مع السلطة في حلب تجارها التاريخيين، الذين شاركوا كأقرانهم الدمشقيين في الإضراب الستيني الذي عم سورية عام 1936 وأجبر الفرنسيين على توقيع معاهدة الاستقلال". 

وكان تجار دمشق وحلب وعدد من المدن السورية قد لبوا نداء حماة المنتفضة ضد حكم البعث في ربيع عام 1964 وأعلنوا الإضراب؛ فما كان من السلطات الانقلابية البعثية إلا أن قمعت الإضراب بشدة، وأرسلت عناصرها لفتح المحلات بالقوة ونهبها، وأصدر الرئيس أمين الحافظ بصفته الحاكم العرفي في الثلاثين من نيسان/ إبريل عام 1964 إنذاراً، يقضي بـ:

"مصادرة المحلات المُضربة، وتحويل ملكيتها للدولة إذا وجدت مغلقة بلا مبرر قانوني، كما ويحال مالك المحل للمجلس العرفي العسكري بتهمة التخريب والإخلال بالأمن وزعزعة الثقة العامة".

 

تجار دمشق من أصحاب المحلات المنهوبة ردوا على السلطات البعثية ببيان جاء فيه:

"إننا نعتقد بأن أي حكومة في العالم لا يمكن أن تسمح لبعض رعاياها بالقيام بأعمال السلب والنهب والقرصنة لأي سبب كان. وقد سبق لبلادنا أن أضربت مدة ستين يوماً خلال الاستعمار الفرنسي البغيض، ولم تجرؤ سلطات الاستعمار على القيام بمثل هذا العمل الوحشي… ولمّا كانت الحكومة ترفع شعارات الحرية والديمقراطية، وتؤكد حرصها على مصلحة المواطن، ولاسيما صغار التجار والحرفيين أمثالنا، فإننا نعتقد بأن العمل الذي تم أمس، قامت به عصابة مسلحة مجرمة، غايتها إشاعة الفوضى وبث التفرقة بين أبناء الشعب، وإنها تريد أن تسيء إلى سمعة الجيش السوري فلبس بعض أفرادها الملابس العسكرية وحملوا رشاشات عسكرية".

لكن السلطات البعثية، تابعت نهجها الدموي بإصدار أحكام إعدام لقمع إضراب حلب... وقد كتبت صحيفة (أخبار اليوم) المصرية الصادرة بتاريخ 24 أيار/مايو 1964 تصف الحدث بالقول:

"استنكرت الهيئات الوطنية والنقابات والمؤسسات في سوريا بشدة أحكام الإعدام التي أصدرها المجلس العرفي في حلب . وأعلن المحامون والاطباء و المهندسون وسائر النقابات السورية استمرار الإضراب احتجاجا علي حمامات الدم وأحكام الأعدام التي أصدرتها السلطات البعثية  ردا على الإضراب العام في سوريا، قام الحرس البعثي السوري بفتح المتاجر والمحلات بالقوة وحطم محتوياتها.. فأرسل أصحاب المحلات المنهوبة في دمشق شكوى إلى المسؤولين يستنكرون فيها أعمال العصابات التي لجأ إليها الحرس البعثي  وقامت في مدينة دير الزور مظاهرة صاخبة اشترك فيها العمال والطلبة للمطالبة بسقوط حكم البعث، ووقعت اشتباكات بين المتظاهرين والحرس البعثي أدت إلى إصابة عدد كبير من المواطنين".

وقد تجدد إضراب تجار دمشق مطلع العام 1965 حين أصدرت السلطات البعثية قرارا جائرا شمل دفعة جديدة من حركات التأميمات، التي طالت مؤسسات فردية، وورشات صناعية محدودة، بطريقة مثيرة للسخرية.. وأتبعت ذلك بإصدار تهديدات بالإعدام بحق تجار دمشق عشية الإضراب، وهو ما نقلته صحيفة (الجريدة) اللبنانية في عدد الصادر بتاريخ العاشر من كانون الثاني/ يناير عام 1965.

 

أما الرئيس أمين الحافظ الذي استخدمه الضباط العلويون واجهة للقمع... فقد نشرت (موسوعة سورية السياسية) صورة نادرة لمنزله حين حاصرته فرقة المغاوير بقيادة الرائد سليم حاطوم يوم الثالث والعشرين من شباط/ فبراير عام 1966 وأمطرته بالرصاص واشتبكت مع حراسه وقتلت العشرات منهم، وجرحت بعض أفراد أسرته، حين نفذ اللواء صلاح جديد انقلابه ضده (شاركه فيه حافظ الأسد)، واقتاده إلى سجن المزة قبل أن يقوم بطرده من البلاد لاحقاً!. 

ZOQG9cRkvEc

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات