ترامب وبوتين.. الهدفان الحقيقيان لغارة إسرائيل على مصياف السورية

ترامب وبوتين.. الهدفان الحقيقيان لغارة إسرائيل على مصياف السورية
بدأ آموس هاريل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالته، التي ترجمتها أورينت نت، بقوله إن الغارة الجوية التي نسبت إلى إسرائيل اليوم تشير إلى أن نتنياهو يمكنه أن يعرقل وقف إطلاق النار في سوريا إذا تم تجاهل مصالح إسرائيل الأمنية.

ويكمل آموس قائلاً إن الغارة التي تم تنفيذها في ساعات يوم الخميس الأولى غرب سوريا كانت حقاً استثنائية ليس فقط بالهدف وإنما بالتوقيت أيضا، ففي مقابلة مع صحيفة "هآرتس" الشهر الماضي، قال رئيس سلاح الجو الإسرائيلي السابق أمير أشيل إن قواته الجوية شنت ما يقرب المئة غارة خلال السنوات الخمس الماضية في الجبهة الشمالية لإسرائيل وفي مناطق أخرى.

معظم تلك الغارات استهدفت الجهود الرامية لتعزيز قدرات حزب الله اللبناني وغيره من الجماعات الإرهابية. أما غارة اليوم، فكان هدفها الأسد في أحد مصانع الأسلحة الكيميائية التابعة لنظامه. لم يكن هدف الغارة مستودعاً أو قافلة أسلحة تابعة لحزب الله.

إن توقيت الغارة المنسوبة إلى إسرائيل حساس جداً، ففي نهاية تموز، وبجهود روسية، توصل نظام الأسد إلى وقف جزئي لإطلاق النار مع جماعات المعارضة. وعلى الرغم من استمرار القتال في مناطق أخرى، فقد انخفضت حدته في كثير من الجبهات، كانت اتفاقات خفض التصعيد تلك تريد أن توحي إلى استمرار استقرار نظام الأسد الذي واجه انهيارا محتملا قبل عامين فقط.

انضمت الولايات المتحدة، التي تراجع اهتمامها بسوريا، إلى المبادرة الروسية، وأخفقت واشنطن وموسكو في مراعاة الاحتجاجات الإسرائيلية في الحد من الاحتكاك والتصعيد في جنوب سوريا، وفشل كل من الروس والأمريكيين في إبعاد إيران والميليشيات المتحالفة معها عن مرتفعات الجولان.

وبالتالي، فالغارة يمكن تفسيرها على أنها إشارة إسرائيلية إلى القوى العالمية مفادها: ما زلتم بحاجة إلى أخذ مصالحنا (الإسرائيلية) الأمنية بعين الاعتبار، ونحن قادرون على تعطيل أي عملية تسوية مستقبلية في سوريا إذا كنتم تصرون على إبعادنا من المشهد السوري.

شُنت الغارة بعد يوم واحد من صدور تقرير الأمم المتحدة الذي اتهم بوضوح نظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية بطريقة منهجية ضد المعارضة والمدنيين. وقال المحققون الدوليون إن جيش النظام استخدم الأسلحة الكيميائية سبع مرات بين نيسان وتموز من هذا العام، بما في ذلك هجوم 4 نيسان على خان شيخون في إدلب الذي قتل فيه ما لا يقل عن 83 مدنيا. (وبعد ذلك أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإطلاق صواريخ كروز على قاعدة الشعيرات التابعة لقوات النظام الجوية بالقرب من حمص). ولا يزال النظام يستخدم غاز السارين، وكثيراً ما يكون أيضا الكلور، ضد المعارضة، على الرغم ممَّا سمي بتسليم ترسانته من الأسلحة الكيميائية بعد صيف عام 2013 بموجب اتفاقية بين روسيا والولايات المتحدة.

تقرير الأمم المتحدة، وقصف المصنع -- إذا كانت الأسلحة الكيميائية قد تم إنتاجها في الواقع هناك -- تشير إلى أن التوقعات بشأن اتفاق 2013 كانت قائمة على كثير من التفاؤل الغير منطقي. إسرائيل، التي أوقفت بعد ذلك توزيع أدوات الحماية الأسلحة الكيميائية على مدنيها، يحق لها أن ترى نفسها تشعر بالقلق إزاء هذا الخطر الجسيم. لكن من الواضح أن الخطر الذي تشكله الأسلحة الكيميائية للنظام هو خطر على المدنيين السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وليس على بلاد الجوار.

ومنذ بدأت إسرائيل في كانون الثاني 2012 غاراتها في سوريا، أبدى نظام الأسد ضبط النفس، بخلاف حادثة واحدة وقعت في آذار من هذا العام عندما أُطلقت صواريخ على طائرات إسرائيلية بعد هجوم وقع بالقرب من مدينة تدمر. وقد اعترض صاروخ دفاعي إسرائيلي إحدى تلك القذائف التي لم تصل أرض إسرائيل.

في البداية، تجاهل النظام الأسد تماما معظم الهجمات، وفي مراحل لاحقة، اتهم الأسد إسرائيل، بل وهدد أحيانا بالرد، لكنه لم يفعل شيئاً. أما السبب فكان يكمن بالضرر الذي سيلحق بالنظام من رده المزعوم على إسرائيل، حيث كان آخر ما أراده بشار الأسد هو جر إسرائيل إلى الحرب عندها ستنقلب كفة الميزان لصالح قوات المعارضة.

لقد اختلفت الظروف اليوم، فالأسد أكثر ثقة في الحفاظ على السلطة ويحظى بدعم روسي وإيراني قوي. سيتعين على إسرائيل في الأيام المقبلة أن ترى كيف ستتطور الأحداث في موسكو وواشنطن وطهران عقب كل غارة جوية.

يأتي هذا على خلفية  المناورات العسكرية الإسرائيلية الكبيرة التي ستقوم على سيناريو حرب مع حزب الله، يوم الثلاثاء الماضي، والواقع أن إسرائيل تتخوف من إعلان أن التمرين كان مخططاً له قبل عام تقريباً، وأنه ليس له نوايا حربية، ولكن حقيقة أن هذه العملية قائمة على نوايا حربية قد رفعت بدورها عتبة القلق في قادة حزب الله.

أعلنت قناة "المنار" التابعة لحزب الله يوم الأربعاء أن الحزب ليس قلقاً من الحرب، وكان هذا التصريح غير دقيق، فحزب الله، مثل إسرائيل، يشعر بالقلق إزاء الحرب ويفضل تجنبها – لكن الشرق الأوسط له ساعته الخاصة فهي تقرع أجراسها في الوقت الذي لا تشتهيه المحارب.

جاء هجوم صباح اليوم بعد 10 سنوات فقط من يوم من تفجير المفاعل النووي الكوري الشمالي شرق سوريا، الذي نسبه الرئيس الأمريكي جورج بوش حينها إلى إسرائيل. بعد تلك الغارة، تم تجنب الحرب، فهل سيتم تجنبها هذا المرة؟

التعليقات (1)

    wsem

    ·منذ 6 سنوات 7 أشهر
    انتو ليش مفترضين ان الاسد بعد 47 سنة من الانبطاح ممكن ان يرفع راسه
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات