السياحة في "سوريا المتجانسة".. البذخ لأمراء الأسد والموت للبسطاء

السياحة في "سوريا المتجانسة".. البذخ لأمراء الأسد والموت للبسطاء
لا يخجل النظام في إبراز تناقضاته بوصفها حياة مفروضة على الناس وعليهم تقبل وجهاتها واختلافاتها، فرغم حفاظه على شكلٍ مناسب يوازي الفاشية في الأداء الإعلامي الذي يُقدس العسكرة والجيش وحملة السلاح، وأن على الشعب تقدير خسارات الجيش وحزن العوائل وعائلات القتلى، إلا أنه يحرص في الوقت نفسه على تصوير سوريا بأنها جنة لمريدي السياحة، وآية من آيات الجمال والرفاهية والمعنى بالنسبة للزائرين ويكفي النظر لمرتادي الأماكن السياحية والأجارات لنعرف عن أي سياحة يتكلم النظام ولمن.

22 سيارة.. موكب المعلم!https://orient-news.net/news_images/17_9/1505731949.jpg'>

خلال أيام العيد وما بعده تحرص الصفحات الإعلامية الهامشية الغير رسمية والتي تحقق متابعة هائلة عبر الفيس بوك وتويتر على نقل وتغطية الزيارات السياحية لكبار المسؤولين السوريين، حيث تم تصوير وليد المعلم وهو يجوب المناطق السياحية في اللاذقية وطرطوس، ووزير السياحية في مرحلة سابقة، وفي تغطيتنا لهذه الزيارات الموسعة للمسؤولين شاهدنا بذخاً مالياً ما يتجاوز راتب أكثر من عشرين جندياً خلال يوم واحد، وهذا ما يجعل النظام في وضعٍ حرج أمام موالييه الفقراء والمفقرين.

زار وليد المعلم ثلاثة فنادق سياحية، روتانا، ومنتجع الشاطئ الأزرق، والهوليدي بيتش في طرطوس، خلال أسبوع، وتبلغ تكلفة الأجنحة التي استأجرها في يوم واحد، 300 ألف ليرة سورية في اليوم في أقل تقدير، ناهيك عن أجور الطعام والشراب والتنقل، فموكب المُعلم يزيد عن 22 سيارة، جابت الساحل السوري كله، ناهيك عن زيارة المطاعم وما إلى هنالك من مصاريف باهظة لا يستطيع صرفها أي مواطن عادي. هذا التناقض الواسع يحتفي به النظام ولا يخجل من جعل قنواته الإعلامية الأكثر شهرة وانتشاراً من قنواته الرسمية من الاحتفاء به وتصويره وتحقيق متابعات له. ويبدو أن للنظام قناعة كاملة بأن على أمراء الحرب واجبٌ رسمي بالظهور بمظهرٍ ارستقراطي وباذخ، وأن الحياة الطبيعية قد عادت بعد ما سمي "خطاب النصر".

الفنادق لزلم الأسد والموت للفقراء

في لقاءات مع مسؤولي الفنادق وبعض المديرين أكدوا لنا أن نخبة الضباط والمسؤولين وبعض التجار هي من تحتل ساحات الفنادق في الساحل، وأن الشعب العادي من الموظفين وغيرهم لا يستطيعون الوصول إلى هذه الفنادق، فأجار اليوم الواحد على أي فندق بحري لا يقل عن 50 ألف ليرة سورية، دون تقديم أي خدمة، أي حوالي المئة دولار لليلة الواحدة، وهذا ما يجعل أي مواطن بعيد عن البحر وقد لا يستطيع رؤيته حتى.

وفي سنين الحرب ازداد النشاط السياحي للمسؤولين وأمراء الحرب من ضباط النخبة، على حد تعبير مدراء الفنادق، توازى هذا ما ازدياد انقطاع الكهرباء في المدينة، فنقلت الطبقات الميسورة سكنها للفنادق السياحية.

3ملايين شهرياًhttps://orient-news.net/news_images/17_9/1505731960.jpg'>

فندق روتانا بات مسكوناً خارج الموسم السياحي بسبب الكهرباء، وأغلب عائلات الأسد تسكن فيه صيفاً شتاء، وتكلفة سكن الفندق الشهري تزيد عن الثلاثة ملايين ليرة سورية للعائلة الواحدة، وهذا لا يخص عائلة الأسد فقط، بل أي عائلة قريبة من النظام عسكرياً أو اقتصادياً، فتشكل طبقات جديدة من أمراء الحرب، تحرص على تقديم نفسها بشكلٍ موازٍ لعائلة الأسد، جعل أشكال البذخ دليلاً لنوع من أنواع الوجود التي يفضلها النظام، خاصة أن الساحل يُشبه الإمارة القروسطية فطبقة النظام ومقربيه تخلق حالة باذخة وتسلطية تجعل المجتمع مقسوماً بين طبقة الملاك وطبقة العامة من الشعب.

هذا التناقض الذي لم يرممه النظام جعل العلويين خاصة، والذين خسروا شبابهم في الحرب يشعرون بنقمة، فالنظام الذي يتأخر في دفع تعويضات قتلى ميليشياته، وتعويضات الحرب عموماً على الناس، يسمح لأمراء الحرب بالعيش حياة باذخة بينما بالكاد يتمكن الباقون من تأمين قوتهم اليومي.  

اسرق واقتل لتصبح من الفئات المقربة

وتدور في رحى الساحل نقمة على أمراء الحرب بسبب رفاهة العيش التي يمارسونها دون أي تقدير للفارق القيمي للحياة بين الفقراء والأغنياء. وبدا للعلويين في الساحل أن انتصار النظام في الحرب هو انتصار للفئات الأكثر قرباً منه، والموغلة بالفساد والتقتيل والسرقة، ونما على سطح المدينة أغنياء جدد يسيطرون على وسائل الرفاه ويبالغون في إنشائها وتحويلها لمراكز لأعمالهم.

وحتى الشواطئ الهامشية في المدينة قُسمت لكي ينال منها كل فرد من عائلة الأسد، أو مخلوف أو جابر حصة فيها، ولا يخلو أي مصيف أو شاطئ من مركز سياحي لأحد هذه العائلات، وتُدعم هذه المصايف من المسؤولين الحكوميين، وبذلك توغل الدولة وشخصياتها بأعمال الطبقة الحاكمة وأوصيائها. 

والأكثر قساوة أن الطبقة الحاكمة لم تترك للشعب العادي أي منفذٍ بحري رخيص ومناسب ليكي يشاهدوا البحر، فكل الأراضي المطلة على البحر استثمرت وحولت لمصايفٍ تُناسب الأغنياء أو ميسوري الحال، ولم يعد البحر مناسباً لما يزيد عن 80 بالمئة من السوريين.

مرَّ الصيف على المدينة، لكنه أصاب أغنيائها ومترفيها، وجميع أمراء الحرب والفاسدين، هناك نقمة ستنمو خافتة، لأن السلاح يُسكت الأفواه، ويجعل الجميع راضون بما هم به. 

النظام يسعى لتشكيل صورة ماسية للرفاهية، ولا يخجل حتى من مواليه بجعل الرفاه والعيش الرغيد للعائلات التي حوله، والتجار الذين يشاركونه، أما موالوه عليهم أن يتكيفوا مع عبودية فاشية لا تُقدم لهم أي نوع من أنواع الكرامة أمام أبنائهم.

التعليقات (1)

    السورين ليسوا ضعفاء ولا مهزومين والحرب في بداياتها

    ·منذ 6 سنوات 6 أشهر
    ,بالأدلة والبراهين وصور لأوائل العلويين الذين وصلوا الى سوريا منذ200سنة من جنوب العراق و هم من بقايا أيرانين وأستوطنوا جبال أصبحت تسمى العلويين وكذلك هناك هجرات مسيحية وصليبة للساحل السوري وأستوطنوا فيه , وهم الأن من يذبح السورين الأصلاء في أرضهم أسمعتم أن أحد من الثوار أو السورين الأصيلين دعى الى قتل اأي من الأقليات وطردهم كما يريد الأمازيغ والأكراد وبعض الحركات المتطرفة والعنصرية من أمثال هذه المعتوها وكذلكماتدعوا اليه العلوية المجرمة بثينة شعبان العنصرية والأير اني الجعفري
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات