التلغراف: صفقة الغرب الشيطانية مع إيران تطيل عمر "تنظيم الدولة"

التلغراف: صفقة الغرب الشيطانية مع إيران تطيل عمر "تنظيم الدولة"
بدأ كايل أورتون مقاله الذي نشرته صحيفة التلغراف البريطانية الجمعة (6 تشرين الأول)، وترجمته أورينت نت، بقوله إن تصوير خروج تنظيم الدولة وهزيمته في الموصل، وظهور نظام بشار الأسد في سوريا "منتصراً" يبدو للبعض أنه مؤشر استقرار في الشرق الأوسط. نعم، ذهب الجهاديون إلا أن النظامين المدعومين من قبل إيران في دمشق وبغداد أصبحا أكثر نفوذاً.

ويكمل كايل: صحيحٌ أن قتل الأسد للذين قاوموه بالغاز السام واحتجازهم في معسكرات الاعتقال وإخفاء الأدلة في محرقة الجثث سيوجع ضمائرنا، إلا أن السياسة الخارجية تجارة تتم بدم بارد، فقد صدر قرار بأن تنظيم الدولة هو أعظم تهديد أو أنه التهديد الوحيد الذي ينبعث من المنطقة.

ففي الأسبوع الماضي، تراكمت الأدلة التي أثبتت محض خيال من يقول أن تنظيم الدولة على وشك الهزيمة، ناهيك عن الأوهام التي تقول إن المنطقة تتجه نحو "الاستقرار". دعونا نبدأ بالحديث عن سوريا.

يُصَّور أن الأسد هزم المعارضة من الناحية الإستراتيجية، وذلك بمساعدة الحكم الديني الإيراني الذي (الحكم الإيراني) أرسل فصائل من الجهاديين الشيعة إلى أرض سوريا، بالإضافة إلى القصف الروسي التي لم ولا يرحم كما حدث في شرق حلب في  كانون الأول الماضي.

في الهجوم على حلب، خسر الأسد تدمر عندما سيطر عليها تنظيم الدولة - مرة أخرى. أعطى "الائتلاف" الموالي للأسد الأولوية للعمل ضد المعارضة على مجابهة تنظيم الدولة. بث الأسد دعايته القائمة على أن انهيار نظامه سيؤدي إلى استيلاء الجهاديين على سوريا، وبالنظر لما جرى في حلب وتدمر في وقت واحد، يدرك المرء أن الأسد أراد القضاء على المعارضة، وهذه المهمة خُلق وبُعث من أجلها تنظيم الدولة ليكون متعاونا استراتيجيا مع نظام الأسد لتنفيذ هذه المهمة. 

مشكلة الأسد وداعميه تكمن في كون الأسد مشلولا بسبب نقص القوى السورية المقاتلة، وكان ذلك واضحا منذ بداية تحرك قوات التحالف الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم الدولة في شرق سوريا. استعاد نظام الأسد تدمر في آذار، و كان ذلك ممكناً فقط بسبب الغارات الجوية التي قام بها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. حاول داعمو الأسد أن يعوضوا النقص البشري، واعترف الحرس الثوري الإيراني "رسميا" بالمشاركة في الهجوم الشامل في الشرق، وكان من المستحيل إخفاء التدخل البري الروسي بعد مقتل وخطف كبار الجنرالات والأفراد العسكريين الروس من قبل تنظيم الدولة في سوريا.

وتعتزم الميليشيات الموالية لنظام الأسد الاتصال بالوكلاء الإيرانيين عبر الجانب العراقي من الحدود ومنع القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة من الانتقال إلى شرق سوريا. كان هناك حديث عن "سباق" بين التحالف الموالي للأسد والقوات المدعومة من الولايات المتحدة. إلا أن  الحقيقة أن التحالف الموالي للأسد كان يدفع باباً مفتوحاً، وقال المتحدث باسم تحالف الولايات المتحدة "نحن كتحالف لسنا في صدد الاستيلاء على الأراضي، مهمتنا قتل عناصر تنظيم داعش ... وإذا كان النظام السوري (الأسد) يريد أن تنفيذ نفس المهمة"(أي قتل عناصر التنظيم). 

وفكَّ تحالف نظام الأسد الحصار الذي فرضه تنظيم الدولة على دير الزور في 5 أيلول الماضي، وكان على ما يبدو مستعدا لاجتياز وادي نهر الفرات إلى الحدود العراقية حتى يوم الخميس الماضي. وفي تلك المرحلة، شنًّ تنظيم الدولة هجوماً مضاداً شاملاً، وضرب مواقع قوات النظام وخطوط الإمداد في جميع أنحاء دير الزور، وقد جعل كل مكاسب نظام الأسد في الأشهر الخمسة الماضية في مهب الريح. حتى أن تنظيم الدولة شن عملية في مدينة القريتين، في عمق الأراضي التي يسيطر عليها النظام في حمص.

مازال القتال مستمر في العديد من مناطق دير الزور الإستراتيجية، وشهدت مدينة السخنة اشتباكات عنيفة فقدَ فيها النظام خطوطه الدفاعية. ولا يزال تنظيم الدولة في قرى القريتين المجاورة بعد أن أُجبر على الخروج من المدينة نفسها. من المرجح أن يستمر هذا النمط من قتال الكر والفر في تلك المنطقة.

في دير الزور، هاجم تنظيم الدولة من الخلف كل من التحالف الموالي للأسد الذي تقوده إيران وما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي تدعمها الولايات المتحدة، واجهة حزب العمال الكردستاني "PKK"، في مناطق يفترض أنها خالية من الجهادين. تنقل التقارير أن عناصر تنظيم الدولة تنكروا بلباس عدوهم، وأنشأوا نقاط تفتيش واستولوا على الأراضي من القوات الخارجية التي تغزو دير الزور. 

وشن تنظيم الدولة هجوماً خاطفاً على القريتين عبر تسلل عناصره وانضمام ما يبدو عدد كبير من السكان المحليين إلى صفوفهم، أولئك المدنيون نقل عنهم احتقارهم للميليشيات الطائفية الشيعية التي تسيطر عليها إيران، وهنا تجدر الإشارة أنه كلما أصبح تنظيم الدولة الإسلامية المنفذ الوحيد لمقاومة الميليشيات الإيرانية كلما زاد جمهوره وطال عمره.

هذه الحقائق لا تقتصر على سوريا، بل تتعدى إلى العراق حيث نقلت وكالة الأنباء العراقية الأسبوع من مدينة الموصل التي تسيطر عليه عشرات الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران، وأضافت الوكالة إن الفرح في الانتصار على تنظيم الدولة بدأ يُستبدل بقلق مشفوع بفوضى أمنية وأعمال انتقامية واعتقالات تعسفية، وقد ارتكبت الميليشيات الشيعية فظائع وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، ولا سيما في المراحل الأخيرة من عملية الموصل.

وقد طرح التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة زوال تنظيم الدولة الإسلامية على المدى القريب كشرط أساسي لإقامة النظام الإقليمي، وهو رأي لم يشارك فيه أي طرف آخر، سواء كان محلياً أو دولياً، حيث كلن الكل مهتمين فقط بكيفية هزيمة تنظيم، وقد أدى اعتماد الولايات المتحدة على فرضية "الضرورة بدلاً من الشرعية" إلى تقدم عسكري هش ضد تنظيم الدولة لأنه لم يرتبط بمكاسب سياسية دائمة.

وينهي الكاتب مقاله بقوله إن التحالف الذي تقودها الولايات المتحدة يسير على الطريق الصحيح في طرد تنظيم الدولة ووضع إيران ومليشياتها مكانه، وهو علاج أسوأ من المرض، من أجل الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي. لن تنجح هذه الاستراتيجية في هزيمة تنظيم الدولة. إيران، مثل حزب العمال الكردستاني، قوى أجنبية في المناطق العربية السنية التي كان يحتلها تنظيم الدولة. لا يمكن لميليشيات الاحتلال الغريبة أن تهدئ المناطق. هذه الميلسيشيات الدخيلة ستوفر الوقود الطائفي لإبقاء تنظيم الدولة على قيد الحياة في المستقبل.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات