هيومن رايتس ووتش: موسكو تعرقل تحقيق الهجمات الكيماوية في سوريا

هيومن رايتس ووتش: موسكو تعرقل تحقيق الهجمات الكيماوية في سوريا
تضغط الولايات المتحدة نفوذها لإجراء تصويت سريع في مجلس الأمن الدولي حول تمديد سلطة فريق التفتيش المكلف بتحديد من هو المسؤول عن الهجمات بالأسلحة الكيماوية فى سوريا، وهذا الضغط يزيد خلافها مع روسيا.

قالت السفيرة الامريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي في 18 تشرين الأول إنها ستوزع قراراً يمدد سنة أخرى عمل آلية التحقيق المشتركة ودعت إلى إجراء تصويت على التمديد قبل الموعد المقرر فى 26 تشرين الأول لتحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم الذي وقع في الرابع من نيسان على خان شيخون في إدلب، والذي اسفر عن مقتل ما يقرب من 90 شخصاً.

هيومن رايتس ووتش: عرقلة روسيا للتحقيق ابتزاز

من جهتها قالت"هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على روسيا عدم عرقلة تمديد التحقيق حول الجهة المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.

ستنتهي ولاية لجنة التحقيق، المعروفة بـ "آلية التحقيق المشتركة"، في 17 تشرين الثاني 2017، رغم أنها لم تحقق بعد في العديد من الهجمات الكيميائية في سوريا. لكن روسيا هددت بمنع التجديد، مشيرة إلى مخاوف بشأن التقرير القادم لآلية التحقيق حول إحدى الهجمات.

قال أولي سولفانغ، نائب مدير برنامج الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "تعيق روسيا استمرار عمل آلية التحقيق المشتركة بسبب نتائجها بشأن هجوم محدد. ثمة تسمية لذلك – ابتزاز".

التحقيق الدقيق في التقارير عن استخدام الأسلحة الكيميائية بالغ الأهمية، لأنها تشير إلى نمط واضح لاستخدام غاز الأعصاب. إذا استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ستحول فعليا دون إجراء تحقيق موثوق حول الجهة المسؤولة عن هذا الهجوم وغيره من الهجمات المماثلة.

وخلصت تحقيقات كل من "لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا" التي كلفتها الأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش إلى أن الأدلة تشير بقوة إلى مسؤولية نظام الاسد عن الهجوم، بينما زعم الروس أن قوات المعارضة  كانت وراءه.

النزاع الأمريكي الروسي يعرض التحقيق للخطر

نقلت جريدة الـ نيورك تايمز في تقريرها -"نزاع روسيا والولايات المتحدة الدبلوماسي قد يعرض تحقيق الهجمات الكيماوية في سوريا للخطر" - عن القائم على تحليل التصوير الفوتوغرافي الروسي، أوليانوف قوله: إن الصور الفوتوغرافية للأطفال الضحايا - التي ذكرها السيد ترامب (الرئيس الأمريكي)  عندما أمر بالهجوم "الانتقامي" - تشير إلى أنهم أعطوا مواد مخدرة لإظهار أعراض هجومية في ما قد يكون "حادثا مدبراُ، يتعين على اللجنة معالجته في استنتاجاتها.

ولم يعلق رئيس اللجنة أدموند موليت الدبلوماسي الأممي المخضرم منذ فترة طويلة على نتائج التقرير قبل صدوره، ولكن من المعروف أنه يشعر بالإحباط إزاء ما اعتبره عدم تعاون الأسد مع التحقيق.

وبعد جلسة إحاطة خاصة إلى مجلس الأمن في تموز - أي بعد ثلاثة أشهر من هجوم خان شيخون - قال السيد موليت للصحفيين إنه بحاجة إلى مساعدة نظام الأسد، وأنهم (أعضاء اللجنة) "يأملون أن يعطوا الأدوات اللازمة للقيام بعملهم".

في 13 تشرين الأول، قال المبعوث الروسي إلى "اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة" ميخائيل أوليانوف في مؤتمر صحفي ، استنادا إلى نص نشر على الموقع الإلكتروني لبعثة روسيا لدى الأمم المتحدة: "سنراجع <تقرير خان شيخون> بأكبر قدر من الدقة لتحديد نوعية عمله لأن مجلس الأمن سيضطر في تشرين الثاني لتحديد ما إذا كان من المناسب تمديد ولاية آلية التحقيق المشتركة".

فيتو موسكو يناقض تصريحات الروس 

قالت هيومن رايتس ووتش إن الفيتو الروسي ضد تمديد الولاية سيتنافى مع التصريحات السابقة للمسؤولين الروس حول أهمية التحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية. أدان المسؤولون الروس، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين، فى عدة مناسبات استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وأصروا على إجراء تحقيق كامل ونزيه فى هجوم خان شيخون لتحديد المسؤولين ومعاقبتهم.

دعمت روسيا إنشاء آلية التحقيق المشتركة وتمديد ولايتها في الماضي، لكنها أصبحت تنتقد عملها بشكل بعد أن نسب تحقيق في 3 هجمات كيميائية عامي 2014 و2015، المسؤول نظام الأسد.

استخدمت روسيا الفيتو مرتين لمنع قرارات مجلس الأمن المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. في شباط 2017، استخدمت روسيا والصين الفيتو ضد قرار بفرض عقوبات على نظام الأسد بعد أن حمّلت آلية التحقيق المشتركة نظام الأسد المسؤولية عن الهجمات الكيميائية عامي 2014 و2015. في نيسان، استخدمت روسيا حق النقض ضد قرار يدين هجوم خان شيخون ويعبر عن عزم مجلس الأمن على مساءلة المسؤولين عن الهجوم.

استخدام الأسد للكيماوي تهديد غير مسبوق

يشكل استخدام نظام الأسد المتكرر والمنهجي للأسلحة الكيميائية تهديدا غير مسبوق للحظر العالمي على الأسلحة الكيميائية، الذي يعتبر، بوجود 192 دولة عضوا في "اتفاقية الأسلحة الكيميائية"، أقوى حظر على السلاح في القانون الدولي. قالت هيومن رايتس ووتش إن تحقيقا رسميا لتحديد المسؤولين عن هذه الهجمات يشكل رادعا حاسما وأساسا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وإجراءات مجلس الأمن الدولي لمحاسبة المسؤولين عن الهجمات ومنع وقوع هجمات في المستقبل.

ويتعين على الدول الأخرى التمسك بالعُرف ضد استخدام الأسلحة الكيميائية من خلال حث روسيا على عدم عرقلة تمديد ولاية هذا التحقيق الهام. ينبغي لروسيا، بوصفها طرفا في اتفاقية الأسلحة الكيميائية، أن تضمن عدم تيسير الانتهاكات من قبل طرف آخر في الاتفاقية، أي سوريا.

اعتبارا من 15 سبتمبر 2017، أقر 114 بلدا "مدونة قواعد السلوك في إطار فريق المساءلة والاتساق والشفافية"، متعهدين بعدم التصويت ضد مشروع قرار موثوق به يرمي إلى منع أو إنهاء الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي. كما تعهدت البلدان بموجب المدونة بدعم إجراءات مجلس الأمن السريعة للتصدي لهذه الانتهاكات الجسيمة. أحد أوجه الزخم العالمي لصالح ضبط النفس في استخدام الفيتو في مجلس الأمن هو تأييد 96 بلدا مبادرة فرنسية-مكسيكية، تدعو أعضاء المجلس الدائمين إلى التعهد طواعية بعدم استخدامه في حالات الفظائع الجماعية.

أنشأ مجلس الأمن آلية التحقيق المشتركة في أغسطس/آب 2015 لـ "تتولى إلى أقصى حد ممكن تحديد الأشخاص أو الكيانات أو الجماعات أو الأنظمة التي قامت باستخدام المواد الكيميائية... كأسلحة في سوريا أو التي تولت تنظيم ذلك الاستخدام أو رعايته أو شاركت فيه على نحو آخر". في ذلك الوقت، قالت روسيا إن إنشاء آلية التحقيق المشتركة يسد الفجوة في تحديد المسؤولين عن استخدام الكلور كسلاح في سوريا. تتولى "بعثة تقصي الحقائق" التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مهمة تحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيميائية مستخدمة في سوريا، لكن ليست لديها ولاية تحديد الطرف المستخدِم.

في تقريرين نشرا في أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول 2016، وجدت آلية التحقيق المشتركة أن نظام الأسد مسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في 3 هجمات وتنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف بـ داعش) في هجمة. مدد مجلس الأمن ولاية الآلية مرتين في أكتوبر/تشرين الأول 2016 ونوفمبر/تشرين الثاني 2016.

قالت هيومن رايتس ووتش إن هناك الكثير من العمل أمام آلية التحقيق المشتركة. قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقرير صدر في تموز إن بعثة تقصي الحقائق تحقق فى الادعاءات الأكثر مصداقية فى 60 حادثة تتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية المزعومة في سوريا. في إحدى تلك الحالات، وهي هجوم قرب بلدة اللطامنة في 30 مارس/آذار، قبل 5 أيام من هجوم خان شيخون، أكدت المنظمة بالفعل استخدام السارين، وهو غاز أعصاب قاتل. عند الانتهاء من إعداد التقرير، سترسل القضية إلى آلية التحقيق المشتركة حتى تتمكن من تحديد هوية المسؤول عن الهجوم.

خلصت هيومن رايتس ووتش في تقرير لها في أيار إلى أن استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية أصبح واسع الانتشار ومنهجيا وقد يرقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانية.

التعليقات (1)

    مواطن سوري

    ·منذ 6 سنوات 5 أشهر
    لعنة الله عليهم جميعاً .. كلها حجج ولا داعي للتحقيق بالأساس .. والجميع يعرف تماماً من الذي استخدم الكيماوي
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات