وبعد أن كانت إيران ترى في الإبقاء على بشار الأسد على كرسي الحكم في سوريا "هدفاً وحيداً" لسياستها خلال السنوات السبع الماضية، تجد نفسها اليوم "مضطرة" لمواكبة حلفائها (الروس) وأصدقائها اللدودين (الأتراك) ودعم عملية تسوية سياسية في سوريا، ولو من حيث العلن.
الرئيس الإيراني حسن روحاني هاتف رأس النظام في سوريا بشار الأسد ليقول له إن القمة الثلاثية التي عقدت بين إيران وروسيا وتركيا في منتجع سوتشي الأسبوع الماضي كانت "خطوة صحيحة في التوقيت المناسب" للاستقرار في سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، بحسب رويترز، عن روحاني قوله في الاتصال إن عقد مؤتمر وطني بهدف إجراء محادثات مباشرة بين الحكومة والمعارضة قد يكون "خطوة مناسبة في سياق الاستقرار والأمن داخل سوريا". وأضاف أن "طهران مستعدة للقيام بدور نشط في إعادة إعمار سوريا".
والخميس الماضي، قال قائد ميليشيا الحرس الثوري الإيراني الذي موّل نظام الأسد بأسلحة وآلاف المرتزقة إن قواته مستعدة للمساعدة في إعادة بناء سوريا وتحقيق "وقف دائم لإطلاق النار".
وعلى الرغم من تصريحات سابقة لمسؤولين إيرانيين، أكدوا فيها بقاء قواتهم ومستشاريهم، كما يزعمون، في سوريا، للمساعدة على مطاردة "فلول الإرهاب" مادام ذلك "بطلب من الحكومة السورية"، على حد تعبيرهم، إلا أن نبرة الخطاب الإيراني باتت تركز على ملف "إعادة الإعمار" أكثر من تركيزها على ملف "محاربة الإرهاب" كما درجت العادة، بسبب تراجع حدة المعارك مع تنظيم الدولة بطبيعة الحال، وانخفاض منسوب استهداف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة "بشكل نسبي".
مخاوف إيرانية
تخشى إيران التي قدمت من الدعم العسكري والمادي لنظام الأسد ما لم تقدمه دولة أخرى، أن تتراجع حصتها من "الكعكة السورية" لصالح "الدب الروسي" الذي استثمر في سوريا صفقات أسلحة، نجحت موسكو في تسويقها للعديد من دول العالم.
في غضون ذلك، تريد موسكو وطهران أن تحصّلا ثمن الدعم السياسي والعسكري الذي قدمتاه إلى النظام في السنوات الماضية. وبحسب صحيفة الحياة اللندنية، فقد اكتسبت روسيا بالفعل، على سبيل المثال، حقوق تطوير مناجم الفوسفات السورية وحقول النفط والغاز، وكثير من عائدات هذه الموارد التي كان يمكن استخدامها لتمويل إعادة الإعمار سيذهب في الواقع إلى شركات روسية.
وعندما اجتمعت أخيراً "اللجنة الروسية- السورية المشتركة للتعاون الاقتصادي"، لم تُناقش مشاريع الاستثمار في البنية التحتية السكنية أو شبكات المياه التي تشتد الحاجة إليها، ولكن انحصر النقاش في مشاريع الطاقة وإنشاء خط سكة حديد يربط بين مناجم الفوسفات وميناء طرطوس بهدف خفض تكاليف تصدير الفوسفات لمصلحة الشركة الروسية التي تستخرجه من المناجم.
وفي الوقت ذاته، تستعد إيران لتقديم قرض بقيمة مليار دولار إلى نظام الأسد (وهو مبلغ ضئيل جداً بالمقارنة مع الاحتياجات الحقيقية للبلاد) شرط أن تُستخدم حصراً لشراء المنتجات الإيرانية. وبالتالي فإن أموال طهران هي مساعدة للشركات الإيرانية بمقدار ما هي دعم لاقتصاد النظام المتداعي بحسب صحيفة الحياة، بعيداً عن الاحتياجات الحقيقية لإعادة الإعمار، التي لا تمتلك أي من موسكو وطهران مقومات تقديمها مادياً من دون الحصول على تمويل أوروبي- خليجي، وهو ما يتطلب الشروع في عملية التسوية السياسية بأسرع وقت ممكن، إرضاء للأطراف الممولة.
التعليقات (4)