كيف قرأ محلّلون موجة إغلاق بعض المؤسسات الإعلامية الثورية؟

كيف قرأ محلّلون موجة إغلاق بعض المؤسسات الإعلامية الثورية؟
توقفت وكالة سمارت للأنباء عن العمل بعد أسبوع من إيقاف إذاعة "هوا سمارت" التابعة لها عن العمل أيضاً، بسبب توقّف التمويل من قبل الجهات الداعمة.

وقالت مصادر خاصة من داخل الوكالة لأوينت نت، قبل يومين، إن مدير الوكالة (شمسي سركيس)  أبلغ العاملين في الوكالة خلال اجتماع طارئ بتوقف الدعم، حيث جرى إيقاف نسبة 95 % من الموظفين مع الإبقاء على نحو 10 منهم بين إداريين ومحرّرين ومشرفي الصور والفيديو، إضافة إلى الإبقاء على مراسل واحد في مكاتبها بالداخل السوري.

وأضافت المصادر نفسها، أن الداعم المالي لوكالة "سمارت" التي تأسست (عام 2014 بمدينة غازي عينتاب التركية) لم يوضح لهم أسباب توقف الدعم، وأنه جرى تسليم الموظفين رواتبهم لشهر كانون الأول على أن يتم تقديم تعويض مالي لهم لاحقاً، فيما سيتم تخفيض رواتب الذين تم الإبقاء عليهم إلى النصف، وأنهم سيعاودون العمل مع بداية شهر كانون الثاني القادم.

 إلا أن مصادر خارج الوكالة علّلت سبب التوقف بأنه سيتم "تحويل الدعم لوسائل إعلامية يشرف عليها قدري جميل ممن تروج لفكرة بقاء الأسد، وأنها من الممكن أن تفتح تلك الوسائل مستقبلاً في دمشق"، وكذلك لإعادة "توجيه الدعم لوسائل إعلامية تركز على السلم الاجتماعي والمحبة ونبذ الكراهية والتطرف داخل المجتمع السوري".

غياب الخبرة وتجاهل المتغيرات الدولية

بدوره رأى الكاتب والمحلل حافظ قرقوط، أنه "منذ أشهر الثورة الأولى..خرجت بعض النشاطات الإعلامية(المطبوعة والمرئية والمسموعة) وبدأت  تبحث عن تمويل خارجي، لكنها لم تكن تعرف اتجاهات الممول، لأنه لم يكن صاحب مشروع وطني، وبالتالي كان يجب على السوريين أن يبحثوا عن منافذ تستمر في مواجهة ما يبثه أعلام النظام وتقديم الحقيقية بعينها وليس المزورة التي يقدمها".

وأضاف قرقوط، أنه "للأسف كان بعض أصحاب المشاريع الإعلامية لهم قدرة وموهبة على الحصول على التمويل، ولكن ليس لديهم خبرات في إدارة هذا المشروع وحساب كل المتغيرات الممكنة في الحالة السورية، تماماً كما حدث عندما سلّمت حلب، حيث كانت هناك إذاعات توقفت عن العمل مباشرة لتوقق تمويلها وأصبح عامليها خارج العمل".

وتابع: "أننا أمام مشاريع كان يجب أن تتطور وتكون أكثر نضجاً خلال عملها وأن تبحث عن بدائل تنتمي إلى الوطنية السورية، وتنتمي إلى تمويل ذاتي داخلي، والابتعاد عن الفوضى الإعلامية، نعم كانت وكالة سمارت سباقة ولديها مراسلين مبدعين...كان يجب توسيع هذا المشروع بفتح مجالات أخرى للحصول على تمويل من خلال النشاط والعمل والإنتاج الإبداعي، لأن الآخر لا يعنيه مشروعنا الوطني ونعرف نواياه ، حيث أن أغلب من حصل على تمويل انحصر في الإدارة الروتينية، ولم يوزعه بشكل عادل على الإبداع السوري، وعدم الاستماع إلى النقد في اللحظة المناسبة، نامل ألا ينتهي تمويل وسائل إعلام المعارضة وألا تكون مرحلة سياسية جديدة لإعادة تلميع الأسد من خلال إعادة صياغة إعلام أقرب له وتسويق للحل القادم الذي قد يمدد لبقاء الأسد بعد كل الضحايا".

إغلاق المنصات الإعلامية الثورية لا تهدف لتعويم الأسد

من جهته اعتبر الباحث في مركز عمران للدراسات، ساشا العلو، أنه "بعد تراجع الخيار العسكري في الملف السوري لصالح الحل سياسي، وتغيير المزاج الدولي ضمن هذا الخيار نحو القبول بالأسد ضمن المرحلة الانتقالية؛ فمن المتوقع أن تعيد بعض القوى الدولية والإقليمية ترتيب أولوياتها بالنسبة للدعم المقدم على مختلف المستويات، ومنها الإعلامي، بحيث يطوع بما يتناسب مع التحضيرات (لانتقال سياسي) وما تطلبه هذه المرحلة من مفردات جديدة وتغييب خطاب معين وتصدير آخر".

وأضاف العلو،  أن "الإعلام كان ضمن مسار الملف السوري إحدى أهم أدوات الصراع المستخدمة، والتي اختلف توظيفها من مرحلة إلى أخرى، فالخطاب الإعلامي في المرحلة السلمية من الثورة اختلف عن مرحلة العسكرة، وكذلك عن مرحلة مكافحة الإرهاب، واليوم يبدو أن هناك مرحلة جديدة يعد لها سياسياً، الأمر الذي سيستتبع بالضرورة خط إعلامي جديد للتهيئة لها، وقد يكون هذا الخط عبر إيقاف الدعم عن منصات ذات سياسة محددة أو تحويله باتجاهات إعلامية أخرى أو استحداث وخلق منصات جديدة، وربما الموجات الأخيرة لإغلاق بعض المنصات الثورية قد تفهم ضمن هذا السياق".

ولفت العلو إلى أنه "من وجهة نظري فقطع الدعم عن بعض المنصات كان أمراً متوقعاً، ولكن بنفس الوقت هذا لا يعني بالضرورة أن الهدف منه تعويم الأسد إعلامياً، بقدر مايبدو تهيؤاً لمرحلة يكون الأسد من ضمنها بشكل مؤقت ووظيفي، فتعويمه بشكل مطلق إعلامياً على المستوى المحلي والدولي والإقليمي بات أمراً شبه مستحيل، ففي الوقت الذي تغلق فيه منصات إعلامية محلية هناك  محطات أجنبية مؤثرة تعمل بشكل ملفت ومدروس لعدم تعويمه حيث كان فيلم "الصرخة المكبوتة" لاغتصاب النساء داخل سجون الأسد، الذي عرض على المحطة الفرنسية الثانية آخر تلك الانتاجات، فقد سبقها عشرات التقارير والمواد التي تعتبر ذات تأثير مهم سواء ببعدها القانوني كوثائق أو ببعدها الإعلامي والتأثير، لذلك أعتقد أننا أمام مرحلة جديدة يخضع فيها إعلام الثورة المدعوم لإعادة ترتيب أولويات كما المسار السياسي والعسكري.

وتابع : "أخيراً لانستطيع القول أن هذا التحرك قد يلغي صوت إعلامي ثوري مطالب برحيل الأسد، فإعلام الثورة لا يخضع لجهة دعم واحدة وإنما لعشرات الجهات بسياسات مختلفة، إضافة لوجود إعلام محلي يديره بعض رجال الأعمال السوريين وبالتالي عدم خضوعه بشكل مباشر لسياسات داعمين دوليين وإقليميين".

وكانت "الهيئة السورية للإعلام" أغلقت موقعها الإلكتروني ومعرفاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، في أواخر الشهر الماضي، بعد أربع سنوات من العمل والتي تعتبر ناطقًا رسميًا باسم الجبهة الجنوبية، ومن قبلها موقع "كلنا شركاء".

كما سبقها توقف إذاعة "صوت راية"عن العمل في أيلول 2016، نتيجة توقف الدعم، والتي تبث أخبارها من إسطنبول للداخل السوري وعبر الإنترنت، وكذلك المكتب الإعلامي للهئية العامة الثورة السورية وموقع سراج برس، في عام 2015، إضافة إلى إذاعة "حارة FM" والتي كانت تبث من مدينة غازي عينتاب.

وتتعرض المؤسسات الإعلامية التي نشأت خلال الثورة السورية في الفترة الأخيرة لنقص في الدعم والتمويل من قبل الجهات الداعمة لأسباب كثيرة يراها مراقبون مرتبطة بنظرة الدول الداعمة لشكل الحل السياسي في سوريا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات