صمت وتردد.. ما موقف روسيا وتركيا من الاحتجاجات على النظام الإيراني؟

صمت وتردد.. ما موقف روسيا وتركيا من الاحتجاجات على النظام الإيراني؟
بعد نحو أسبوع من اندلاع الاحتجاجات الشعبية في إيران والتي كان وقودها السياسات الاقتصادية والمواقف الخارجية للنظام الإيراني وتواصل وقوع القتلى من المتظاهرين، فضلاً عن ارتفاع منسوب التهديدات الرسمية للمتظاهرين باستعمال مزيد من العنف والقمع ضدهم، تقف موسكو "صامتة" إزاء هذه الاحتجاجات من دون اتخاذ موقف رسمي واضح ومعلن مما يجري على أراضي حليفتها إيران.

تركيا.. تردد "متفهم"!

في المقابل، وبعد اكتمال عقد أضلاع الحلف الثلاثي في سوتشي، بين كل من روسيا وإيران وتركيا، إثر نجاح تجربة "مناطق خفض التصعيد" في سوريا عبر مسار أستانا، تبدو أنقرة "أكثر صراحة ووضوحاً" في مواقفها تجاه ما يحدث إيران، من دون أن يعني ذلك أنها اتخذت موقفاً محدداً مما يجري، بحكم عوامل اقتصادية وسياسية متعددة.

العلاقات الثنائية على المستوى التجاري والاقتصادي بين طهران وأنقرة، ورغم التنافس التاريخي بينهما، يعتبر في أحسن حالاته، وتخشى أنقرة أن يكون ما يجري في إيران مدفوعاً بتدخلات خارجية تؤدي إلى تحول واحدة من دول المنطقة من دائرة الاستقرار إلى دائرة الاضطراب، وهي الدولة التي تتقاسم معها تركيا حدوداً جغرافية طويلة، ما يعنيه ذلك من احتمال اندلاع مواجهات وتدفق للاجئين إلى أراضيها، وتوقف العلاقات الاقتصادية مع طهران.

الموقف التركي مما يجري كان واضحاً لجهة رفض أنقرة أي تدخل خارجي في الاحتجاجات الجارية والمستمرة في إيران، ورفض "أي تغيير للسلطة في بلد ما أو استخدام العنف أو الطرق المخالفة للدستور والقوانين" بحسب ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة التركية.

أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد أعرب في محادثته الهاتفية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، عن "أمله" في اتخاذ "موقف ملائم" فيما يتعلق بالتظاهرات، فيما رد روحاني بـ"أمله" أن تنتهي الاحتجاجات الجارية خلال أيام، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

الموقف التركي يبدو "دبلوماسياً" أكثر منه سياسياً، لا سيما إذا تم الأخذ بعين الاعتبار المخاوف التركية من انفلات الأوضاع الأمنية في جارتها الشرقية، وخصمها اللدود، وما قد يجره ذلك من تبعات وتداعيات أمنية عليها.

روسيا.. صمت مريب

وعلى العكس من الموقف التركي، تلتزم موسكو الصمت إزاء ما يجري في إيران، حليفتها في المنطقة، وتكتفي وسائل إعلامها الرسمية بنقل ما يجري من مظاهرات واحتجاجات ضد النظام الإيراني، مع تغطية جزئية للمظاهرات المؤيدة للنظام.

ولم يصدر حتى الآن موقف رسمي روسي من الأحداث الجارية (حتى الآن)، فيما من المتوقع أن تتضح صورة الموقف الروسي بعد نحو أسبوع من اندلاع الاحتجاجات الإيرانية خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي المقبل حول إيران، والذي دعت إليه واشنطن.

خطوط النار الروسية!

تدرك موسكو بحسب تقارير استراتيجية أن خطوط النار الروسية ودوائر الصراع المتوقعة خلال الفترة المقبلة على الفترات (القصيرة والمتوسطة والبعيدة) تشمل إيران بالضرورة خلال صراع النفوذ الروسي- الغربي القائم.

على المدى البعيد، تتوقع موسكو أن تكون دائرة الصراع بينها وبين الدول الغربية على ثروات القطب الشمالي بعد ذوبان الجليد والثلوج عن اكتشافات تقدر بمليارات الدولارات من المعادن والغاز والنفط.

أما على المدى المتوسط، فتدرك موسكو أن حديقتها الخلفية في منطقة جمهوريات آسيا الوسطى، التي كانت منضوية تحت الاتحاد السوفيتي سوف تكون مهددة باختراع "وكالة جديدة" لتنظيم داعش بعد انفراط عقد التنظيم في كل من سوريا والعراق وإعادة تجميعهم في أفغانستان التي تشهد تفجيرات شبه يومية بشكل غير مسبوق، وهي (موسكو) تتحضر لهذه المعركة من خلال إحكام تحالفها مع تركيا، بحكم العلاقات التاريخية لأنقرة مع هذه الدول وصلات الدم واللغة والتاريخ والدين.

أما على المستوى القريب والمنظور، فإن إيران مرشحة لتكون ساحة الصراع الجديد بين موسكو والغرب لتوجيه ضربة قوية للتحالف الجديد الذي كونته موسكو مع كل من أنقرة وطهران.

لكن اللافت في ملف هذا الصراع الجديد والقريب، أن موسكو لا تبدي مخاوف كبيرة من موضوع تعرض إيران لاضطرابات قد تودي بنظامها الحليف لها، فإضعاف طهران بالنسبة لموسكو، مصلحة مشتركة لها مع الغرب هذه المرة، وسوف تستخدم موسكو ورقة "التشاركية" في إدارة الملف الإيراني مع الغرب، كمبرر مستقبلاً لتشديد مواقفها في ملفات أخرى، كدول آسيا الوسطى وثروات القطب الشمالي. لا سيما أن ترغب في إضعاف حليفتها طهران في الملف السوري المتعسر بسبب منافسة إيران لروسيا على الحصة من "الكعكة السورية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات