ما التحديات التي تواجه اللاجئين السوريين في ألمانيا؟

ما التحديات التي تواجه اللاجئين السوريين في ألمانيا؟
يواجه اللاجئون السوريون في ألمانيا تحديات الحياة اليومية وحالة عدم اليقين فيما يتعلق بمستقبلهم.

الباحثة (هناء مسلمة) في مركز "ويثرهيد" الذي يقوم بدراسة أشكال الصراع السوري، درست بنى الاندماج في ألمانيا، والمبني على مقابلات لمجموعة من المتطوعين في بافاريا.

متطوعات لتعليم اللغة والثقافة الألمانية

تخصص (باربرا) المتطوعة لمساعدة اللاجئين السوريين، يومين في الأسبوع تقوم فيهم بالطرق على أبواب اللاجئين للتأكد من أنهم يتعلمون اللغة الألمانية. كما تشرح (باربرا) لهم أساسيات الثقافة الألمانية، وتساعدهم على فتح حسابات مصرفية، وفي ملفات التأمين، وتقديم طلبات العمل.  وكغالبية المتطوعين في بافاريا، (باربرا) امرأة في الخمسينيات من عمرها يعمل معها مجموعة من المتطوعين من الرجال السوريين في أوائل العشرينيات، يافعين بما فيه الكفاية ليكونوا كأولادها.

أحد البيوت التي تقوم (باربرا) بزيارتها هو بيت يسكن فيه كلاً من (محمد وياسين) الذين فروا إلى ألمانيا بحثا عن الأمان بعد شن نظام الأسد حربه على المدنيين في سوريا حيث شهدت أوروبا هجرة الملايين من السوريين، معظمهم اجتاز الحدود بشكل غير قانوني.  وانتهى بهم المطاف عندما وصلوا إلى ألمانيا في منازل مثل هذه، يعيشون بشكل مشترك مع سوريين آخرين.

"ماما ميركل" 

بدأ الترحيب الألماني باللاجئين عندما وعدت (أنجيلا ميركل)، المستشارة الألمانية، باستقبال مليون لاجئ سوري، ابتداء من عام 2015. حيث تحولت صورة (ميركل) والتي كانت تقود مفاوضات منطقة اليورو في ذلك الوقت، من الدائن الذي لا يرحم إلى ملاك الرحمة الذي يستقبل السوريين اليائسين بأذرع مفتوحة.

عندما سئلت (ميركل) عن التحديات التي تواجهها في سياسية الاندماج، ردت بالألمانية بعبارة " Wir Schaffen Das" أو "يمكننا التعامل معها"، الرد الذي أصبح اختزالا لثقة (ميركل) في بلادها. وفي مؤتمر صحافي آخر، قالت "لقد تعاملنا مع الأصعب بكثير، يمكننا التعامل مع هذا"، مشيرة إلى المرونة التي يتمتع بها الشعب الألماني بعد حربين عالميتين.

وغالبا ما تشير (ميركل) إلى ما يعرف "بالثقافة الترحيبية". حيث صاغت الحكومة الألمانية هذا المصطلح قبل نحو خمس سنوات لتشجيع العمال الأجانب على المجيء إلى ألمانيا في خضم النقص التي كانت تعانيه البلاد في اليد العاملة. الآن، يتم استخدام هذا المصطلح من قبل المسؤولين الحكوميين لتشجيع الألمان على قبول اللاجئين السوريين.

ومن المتوقع أن يبدأ السوريون العمل بعد إتقان اللغة الألمانية، ولتسهيل ذلك، يتم تزويدهم بثلاث سنوات من دروس اللغة المكثفة والتدريب المدني، بإشراف من المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين. 

يميز العديد من السوريين بين سياسة ألمانيا تجاه اللاجئين والدول الأوربية الأخرى.  أشارت (سارة - 41 عاما) والتي تعيش في جنوب ألمانيا مع زوجها وأطفالها الأربعة، إلى رحلتها عبر المجر باعتبارها الجزء الأسوأ من الرحلة على الإطلاق. (سارة) أخبرت الباحثة عن رحلتها قائلة "كنا نسير في حقول القمح، بينما هم يرسلون كلاب الشرطة للقبض على اللاجئين". وأضافت "اختبأت وأطفالي في أحد خنادق الري وكنت أشاهد سيارات الشرطة وهي تعبر. في وقت لاحق، ألقي القبض علينا، ووضعنا في السجن لبضعة أيام قبل السماح لنا بالخروج. عاملونا كمجرمين. كان يمكن معرفة أنه لا أحد يريدنا" وعندما سئلت (سارة) عن وقتها في ألمانيا، كانت أكثر تفاؤلا "بالطبع، هناك بعض الأمور الصعبة، ولكننا نتدبر أمورنا، والناس تساعدنا جدا. ساعدنا جيراننا في العثور على منزل، وأقمنا صداقات مع الزوجين المجاورين. نزور بعضنا البعض على الأقل عدة مرات في الأسبوع، وابنتهم تحب أن تلعب كرة القدم مع أطفالي. الألمانية صعبة، لكن زوجي وأنا نمضي قدماً في تعلمها".

الصعوبات الاجتماعية

يقول (ياسين) في معرض الحديث عن إقامته في ألمانيا "لا توجد أنشطة اجتماعية للرجال "في نفس اليوم الذي نظمت فيه النساء الألمانيات والسوريات وجبة إفطار في عيد الفصح. "باربرا، تأتي مرتين في الأسبوع، ولكن هذا كل شيء. من الصعب إنشاء علاقات اجتماعية حقيقية ". ويضيف (محمد) "من الصعب جدا مقابلة الألمان، وهذا ما يجعل من الصعب جدا التدرب على الألمانية، أو حتى الشعور بأن لدينا مجتمعا خارج منزلنا الصغير".  حتى زوج (سارة) يعبر عن بعض الإحباط. "الرجال هنا دائما في العمل. كل ما أفعله هو الذهاب إلى دروس اللغة الألمانية ثم جلب أولادي من المدرسة. لا يوجد أحد تقريبا للحديث معه".

الحد من الهجرة إلى ألمانيا

بحلول عام 2016، صنفت ألمانيا ثمانية بلدان على أنها "آمنة" بالنسبة للاجئين. كما تم اعتبار بوابات الهجرة إلى ألمانيا مثل إيطاليا واليونان وهنغاريا – كلها "آمنة حيث زادت ألمانيا بهدوء تمويل الاتحاد الأوروبي إلى المجر تماما في نفس الوقت الذي اكتملت فيه حصتها من اللاجئين.  وتعتبر هذه الاستراتيجية للحد من الهجرة مثيرة للجدل. فحتى عندما يتم ترحيل لاجئ من ألمانيا إلى بلد آخر مصنف على أنه آمن، لا يوجد ضمان بعدم إعادتهم إلى "بلدهم الأصلي".

وفي حين ينتهي المطاف بالعديد من السوريين بعد أن تقطعت بهم السبل في مخيمات اللجوء باليونان، ينتهي مصيرهم ضمن معاملات بيروقراطية غير منتهية.  وعلى الرغم من أن التصاريح المؤقتة التي تعطى للاجئين، إلى حين الانتهاء من النظر إلى طلباتهم، تساعد بالحد من تدفق اللاجئين، إلا أنها تخلق بالفعل مشاكل كبيرة من أجل الاندماج. يقول (أبو محمود) "أريد أن أعمل، "لكن كل ما لدي هو تصريح لمدة عامين قد لا يتم تجديده" ويضيف "هنا، لا يمكنهم فقط توظيفك، لديهم برامج للتدريب. أي صاحب عمل يمضي ستة أشهر في تدريبي وهو يعلم أنني قد لا أتمكن من البقاء في ألمانيا؟".

كما أن تعلم اللغة يشكل لغزاً آخر، يقول (أبو محمود) "لا أستطيع العمل بدون تعلم اللغة الألمانية، ولكن من الصعب جدا وضع الوقت والطاقة في تعلم لغة صعبة عندما لا تكون متأكدا من أنه سيسمح لك بالبقاء".

ومع استمرار أزمة اللاجئين، يواجه السوريون مثل (سارة وأبو محمود) ترحيبا معقدا يشوبه العديد من التحديات التي تواجهها سياسات اللجوء غير الواضحة وعدم اليقين بشأن مكانهما في ألمانيا. ومع ذلك، فكلاهما يبدو مصمماً على المتابعة وشاكراً للحال التي هو عليها الآن، تقول (سارة) "نحن هنا في أمان، ونريد أن نصبح جزءا من المجتمع" أما بالنسبة إلى (باربرا) فإن عملها الصعب مع المتطوعين السوريين يشوبه الأمل "نحن نفعل كل ما في وسعنا" وأضافت "آمل فقط أن يرى الآخرون ذلك".

التعليقات (1)

    نصوحي بنود .

    ·منذ 6 سنوات شهرين
    المانيا أقل الدول عنصرية بأوربا . بتاريخها لم تستعمر أي بلد عربي ولم ترتكب فيه مجازر وتنهب ثروته أو نفذت انقلابات عسكرية غاشمة كباقي الدول الاستعمارية . من حاز اللجوئ راتبه يكفيه عيش الكريم منزل أمن رعاية صحية الدراسة والعمل . مشكلة لغتهم صعبة لمن تخطى الخمسين . عملهم الجدي ونشاطهم المدني لا يترك لهم وقت للتعارف . بعض الوافدين لا يراعوا عاداتهم كالتف بالشارع وعلى درج منزلهم يتكلموا بصوت عالي تسمعه لآخر الشارع . تصرفات خلت معظم أسر الألمانية لا ترحب السكن بجوارهم . يكتر خيرهم يتحملونا .
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات