تلميع صورة إيران إسرائيليا

تلميع صورة إيران إسرائيليا
لو كانت المضادات الجوية السورية هي التي أسقطت الطائرة الإسرائيلية لسارت الأمور في اتجاه تصعيد خطير، غير أن تلك الطائرة أُسقطت من قبل مضادات جوية إيرانية وهو ما استدعى ضبط النفس.

هناك تفاهم ضمني بين إسرائيل وإيران برعاية روسية. ذلك التفاهم لا يشمل قواعد حزب الله أو المنشآت السورية التي تشن عليها الغارات الإسرائيلية باستمرار ويتم تدميرها.

لقد حفظت روسيا لإسرائيل حقها في ضرب قواعد حزب الله ضمن حدود معينة لا تتجاوزها، مقابل أن يملك الطيران الروسي حريـة الحركة في المجال الجوي السـوري. أما بالنسبة للقـواعد الإيرانية فهي تقع خارج ذلك الاتفاق. وهو ما راق للمزاج الإسرائيلي.

ما تفعله إيران في سوريا يقع في صميم التفكير الإسرائيلي من جهة ما يؤدي إليه من تفكيك لسوريا الدولة والشعب. فإيران موجودة في سوريا لأهداف طائفية، وهو ما يعزز رغبة إسرائيل في أن ترى سوريا بلدا ممزقا، تعادي مكوناته الاجتماعية بعضها البعض الآخر.

ما تقوم به إيران في سوريا لا يشكل خطرا على إسرائيل، بل العكس هو الصحيح تماما. الطرفان متفقان على تدمير الهوية السورية. أما النظام السوري فلا أحد منهما يشغله التفكير في طريقة التعاطي معه. يبدو حضور النظام السوري أشبه بغيابه في المعادلة الإيرانية- الإسرائيلية. وهي معادلة حظيت بمباركة أميركيةـ روسية.

شيء أشبه بالخيال أن يقال إن إسرائيل ستشعر بالأمان لو كانت إيران جارتها بدلا من سوريا وغيرها من الدول العربية. ولكنها الحقيقة. من المؤكد أن ذلك الافتراض يغضب حزب الله، لا لشيء إلا لأنه يعتاش على العداء الإيراني- الإسرائيلي، وهو عداء نظري تكذبه الوقائع.

“الموت لإسرائيل” هو شعار شبيه بـ”الموت لأميركا”. كلاهما مخصصان للاستهلاك الداخلي الإيراني. أما على مستوى دولي فقد كانت إيران حريصة على أن تكون علاقتها سوية مع الدولتين التي تتمنى لهما الموت. لذلك لم تغضب الولايات المتحدة بسبب إسقاط الطائرة الإسرائيلية.

روسيا التي طلبت من الطرفين ضبط النفس تعرف أنهما فعلا ما يرغبان في القيام به ولن يتجاوزا حدود ما هو متفق عليه. أما سوريا فلا أحد يفكر فيها. النظام السوري هو الآخر لا أحد يفكر في ردود أفعاله، وقد وقع الصراع على أراضيه وفي مجاله الجوي. ما بدا انتصارا سوريّا هو في حقيقته نوع من استعراض القوة بين دولتين متحالفتين تحت المظلة الروسية.

سيكتفي الطرفان بما نتج عن ذلك الاستعراض ولن يذهبا أبعد. أما طبول الحرب فستُترك لحزب الله الذي يحتاجها مسوغا لاستمرار هيمنته غير المشروعة على القرار السياسي اللبناني. غير أن ما حدث كان ضروريا من أجل أن تنقشع الغشاوة عن العيون، وتظهر إيران على حقيقتها على مستوى الصراع العربي- الإيراني.

لقد صدعت إيران الرؤوس بصراخها عن تحرير القـدس، فيما هي، في حقيقـة ما تفعله، دولة حليفة للكيان الصهيوني من جهـة سعيهما المشترك لإضعاف العرب، ونشر الفوضى، وتمييع مفهوم السيادة الوطنية.

ليس العداء لإسرائيل سوى شعار استطاعت إيران من خلاله السيطرة على عقول بعض الفلسطينيين والعرب الذين أعمتهم العاطفة عن رؤية الواقع، وهو واقع لن تسرهم رؤيته كما يعتقدون. وهنا بالضبط يكمن الخطر الإيراني الذي يكاد يتفوق من جهة ضرره على الخطر الإسرائيلي. ذلك لأن العدو مكشوف الوجه أقل ضررا من العدو المقنع.

إيران هي ذلك العدو المقنع الذي اخترق الجسد العربي من خـلال مرتزقته، وهـو ما لن تتمكن من القيام به إسرائيل مهما حاولت. وهكذا فإن ما حدث في سوريا ليس أزمة عابرة، بقدر ما هو محاولة لتلميع صورة إيران في عيون المغرر بهم من العرب.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات