نيويورك تايمز تكشف عن معسكرات الاعتقال التي تديرها "الوحدات الكردية"

نيويورك تايمز تكشف عن معسكرات الاعتقال التي تديرها "الوحدات الكردية"
تطرقت صحيفة "نيويورك تايمز"، لملف المعتقلين في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" حيث ينفق الجيش الأمريكي حوالي مليون دولار للمساعدة في اعتقال الآلاف من مقاتلي تنظيم "داعش" وأفراد عائلاتهم، في معسكرات في شمال سوريا، الأمر الذي يجعل البنتاغون، منخرطا بعمق في عمليات الاعتقال الذي كان يسعى من الأساس لتجنبها.

ويظهر عمق المعضلة التي تواجهها الولايات المتحدة، بعد تعهد الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بسحب 2,000 جندي أمريكي متبقين من سوريا، حيث يقوم العديد منهم بالتحري عن أخطر المحتجزين، بالإضافة لقراره بتعليق أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة من وزارة الخارجية، لمساعدة المناطق التي تتعافى من نفوذ التنظيم، بحسب تقرير الصحيفة.

وبحسب وزارة الدفاع الأمريكية، وقيادات كردية متعاونة معها، فإن عدة آلاف من المعتقلين - بينهم ما لا يقل عن 400 مقاتل من أكثر من ثلاثين بلداً وعائلاتهم، بالإضافة إلى مسلحين سوريين آخرين - محتجزين في عدة معسكرات. حيث يمول الأمريكان كل ما يلزم هذه المعتقلات، من سياج وقضبان للنوافذ، وكذلك تأمين المدارس والمباني الأخرى التي حولتها "قسد" لمعسكرات اعتقال مؤقتة للمقاتلين الذين تم أسرهم أو تسليم أنفسهم بعد انهيار الرقة، عاصمة الدولة الإسلامية المفترضة.

وبحسب الصحيفة، يصر المسؤولون العسكريون على أن الجنود الأمريكيين لا يقومون بتعزيز المباني أو حماية المحتجزين بأنفسهم، بل يدفعون مقابل ذلك. 

ويخشى النقاد من أن تصبح المحتجزات المؤقتة هذه، أرضا خصبة للمتطرفين، مما يعيد تكرار الخطأ الأمني الجسيم الذي أرتكب في حرب العراق. وتضيف الصحيفة، أن المعتقلات تفتقر للحماية الأمنية اللازمة مما يجعلها عرضة للهروب الجماعي، خصوصا مع وجود جيوب للتنظيم بالقرب من المعتقلات في البوكمال. 

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أكراد، أن معسكرات الاعتقال هذه تعمل بأقصى جهدها للإشراف على المقاتلين الخطرين الذي تحتجزهم، حيث تستزف هذه المعتقلات ميزانياتهم بسرعة لدفع تكاليف العمليات في مواقع عديدة في الرقة وحولها. وقال مسؤول أمريكي كبير للصحيفة، Yنه يتم احتجاز من 50 إلى 60 مقاتلاً من التنظيم في غرفة واحدة.

وقال (كينو غابرييل)، الناطق باسم الميليشيا التي يقودها الأكراد والمعروفة باسم "قسد" أن عمليات الاعتقال والاستجواب تأخذ الكثير من الوقت وتسير ببطيء شديد، مضيفاً عبر رسائل تبادلها مع الصحيفة مستخدماً واتساب أن "الاستجواب يستغرق بعض الوقت، وفرز السجناء لم يكن بالأمر السهل، نحن بحاجة إلى كل أنواع الدعم من التحالف الدولي".

وتشير الصحيفة إلى سعي الدبلوماسيون الأمريكيون ومسؤولو البنتاجون، بشكل محموم إلى إقناع الدول باستقبال مقاتليها من المواطنين الذين تم احتجازهم.

وقال (ناثان سيلس)، منسق وزارة الخارجية لمكافحة الإرهاب، في رسالة للصحيفة عبر البريد الإلكتروني "من الأهمية بمكان أن تعيد الدول مواطنيها إلى بلادهم وتحاكمهم في الوقت المناسب بما يتناسب مع جرائمهم" مضيفاً "ندعو شركاءنا لتحمل مسؤولية مواطنيهم".

القلق من عودة محتملة

وفقد تنظيم "داعش" معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها تقريبا في العراق وسوريا في عام 2014. إلا أن الصحيفة تشير إلى التحذير التي أطلقته المخابرات الأمريكية بالإضافة إلى المسؤولين العسكريين من تحول الجماعات المتطرقة إلى تمرد قاتل في المناطق التي كانت خاضعة سابقة للسيطرة التنظيم. حيث ما يزال يمتلك التنظيم بعض النفوذ مترافق مع نداءات يوجهها عبر وسائل التواصل الاجتماعية لإتباعها من أوروبا إلى الفلبين يدعو فيها مناصريه لتنفيذ هجمات أينما كانوا.

وتشير الصحيفة إلى مقتل عسكريين، أحدهما أمريكي والآخر بريطاني، في انفجار عبوة ناسفة زرعت على جانب الطريق الذي كانا يسلكانه، الأسبوع الماضي في منبج، المدينة المتنازع عليها في شمال سوريا.

وقال (ديفيد كاتلر)، مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية في الشرق الأدنى الشهر الماضي أنه "وعلى الرغم من دمار داعش في العراق وسوريا، إلا أن إيديولوجية ما زالت تتردد في جميع أنحاء العالم" معتبراً أن "داعش يتطور ويتكيف".

المعضلة القانونية

 

وتضيف الصحيفة أنه وبخلاف المشتبه بانتمائهم إلى "داعش" والذي تم ضبطهم في العراق المجاور، ومعظمهم من مدينة الموصل الشمالية والمناطق المحيطة بها، يقع المعتقلون المحتجزون في المنطقة التي تسيطر عليها "قسد" في سوريا في منطقة رمادية قانونياً، ويواجهون مصيراً غير معروف على المدى الطويل.

فالسلطات الكردية التي تقوم بمحاكمة المتهمين، لا تزال جزءاً من سوريا وسلطتها وقوانينها غير معترف بهم دولياً.

وأثار السيناتور (ليندسي غراهام) في جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الشهر الماضي، مخاوف بشأن المسؤولية الأمريكية عن العدد المتزايد من المقاتلين المحتجزين لدى "قسد".

"هل تعتقد أن لدينا خطة موثوقة لاحتجاز هؤلاء الناس؟" سأل (غراهام) الجنرال (جوزيف. فوتيل)، قائد القيادة المركزية العسكرية والذي يشرف على العمليات في الشرق الأوسط. 

أجاب (فوتيل) "لدينا بالفعل خطة لاعتقالهم". كما أشار إلى الجهود المبذولة لإعادة المحتجزين إلى أوطانهم.

"إذا لم يعودوا إلى بلادهم، هل تعتقد أن لدينا خطة - خطة موثوقة - لاعتقالهم داخل سوريا على المدى الطويل؟" سأل (غراهام).

"نحن نعمل على تحسين قدرة قوات سوريا الديمقراطية، للقيام بذلك" قال الجنرال (فوتيل) بدون تقديم أي تفاصيل. إلا أن مسؤولاً عسكرياً أميركياً بارزاً قال للصحيفة إن البنتاغون يعتزم إنفاق نحو مليون دولار على التحسينات. غير أن التمويل قد يكون موضع شك الآن، بالنظر إلى تعهد (ترامب) الأسبوع الماضي بسحب القوات والمساعدات من سوريا.

ومع ذلك، تضيف الصحيفة أن البنتاغون أعترف علانية بالمشكلة الأمنية.

تقاطعات بين العراق وسوريا

ويرى المسؤولون العسكريون الأمريكيون ومناصرو حقوق الإنسان أوجه تشابه بين تطور وضع الاحتجاز في سوريا وحرب العراق. حيث احتجز مسلحون من ضمنهم (أبو بكر البغدادي)، القائد الحالي لـ "داعش"، لسنوات في سجن بوكا، وهو مركز اعتقال أمريكي مترامي الأطراف في جنوب العراق، أصبح المحتجزين فيه أكثر تطرفاً.

وقال مسؤولون عسكريون للصحيفة، إن أحد الأسباب الرئيسية لتعزيز المعسكرات المؤقتة في سوريا هو لمنع أي هروب من السجون، على غرار حادثة الهروب التي حدثت في شباط، والتي أدت لهروب حفنة من مقاتلي التنظيم.

وأدت سلسلة من الاختراقات التي لم يلاحظها أحد في السجون العراقية قبل عدة سنوات عن هروب مئات من المقاتلين المتشددين الذين هم الآن بين في صفوف مختلفة بالتنظيم بين قيادات ومقاتلين. 

حتى أن لهذه العمليات اسم لاستراتيجيتها في اقتحام السجون، يسمى بـ "عملية كسر الجدران"، والتي كشف عنها خلال حملة استمرت 12 شهر من تموز 2012 إلى الهروب الكبير من سجن أبو غريب، وهو السجن العراقي الرئيسي، الواقع على المشارف الغربية لبغداد، في تموز 2013.

وفي نهاية المطاف، انضم نحو 40 ألف مقاتل من أكثر من 120 دولة إلى المعارك في سوريا والعراق خلال السنوات الأربع الماضية، بحسب مسؤولين أميركيين وآخرين غربيين. وبينما مات الآلاف في ساحة المعركة، قال المسؤولون إن آلافا آخرين ربما انضموا إلى صراعات أخرى مثل ليبيا، واليمن والفلبين أو اختبأوا في بلدان مثل تركيا.

وتختتم الصحيفة تقديرات المسؤولين الأمريكيين، أن نحو 295 أمريكياً انضم أو حاول الانضمام إلى جماعات متطرفة في العراق وسوريا. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات