كيف سيؤثر الانتقال إلى النظام الرئاسي في تركيا على الملف السوري؟

كيف سيؤثر الانتقال إلى النظام الرئاسي في تركيا على الملف السوري؟
خطوة مفاجئة من حيث وقعها الإعلامي، تلك التي حملها إعلان الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 حزيران/ يونيو القادم، والتي كانت مقررة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وربما لم تكن كذلك من حيث الأسباب التي دفعت تركيا للإقدام عليها، وهي الأسباب التي أقنع بها الرئيس التركي (دولت بهجلي) زعيم (حزب الحركة القومية – MHP) المعارض، والحليف في ذات الوقت. 

وحيث لم يكتف (بهجلي) بالموافقة على تقريب موعد الانتخابات وحسب، فإنه أعلن بأن حزبه سيدعم الرئيس (أردوغان) في الانتخابات المقبلة، كون (الحركة القومية) لن يرشح أي من أعضائه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة والمبكرة. 

وإذ يعزو حزب (العدالة والتنمية) الحاكم تقديم موعد الانتخابات للظروف الداخلية والخارجية التي تمر بها البلاد، بحسب وصف (أردوغان) الذي قال أيضا: "بات من الضروري لتركيا تجاوز حالة الغموض في أسرع وقت ممكن"، فإن تلك الظروف تبقى ضمن أولويات، حيث يشير مراقبون إلى أن الوضع الاقتصادي داخلياً، والملف السوري خارجياً، هما من أهم الأسباب التي دفعت لاتخاذ مثل هذا القرار. 

الليرة التركية والملف السوري

يرى المحلل التركي (د. سمير صالحة) أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول، أن "هناك أكثر من ملف ساخن دفع حكومة العدالة والتنمية لطرح تقريب الانتخابات، أهمها الملف الاقتصادي بعد التراجع الكبير لقيمة الليرة التركية أمام الدولار، وهناك ملفات اقتصادية أخرى، هذا على الصعيد الداخلي". 

ويضيف (صالحة) في حديثه لأورينت نت؛ "أما على الصعيد الخارجي، فالملف السوري يتصدر الأسباب للإقبال على مثل هذه الخطوة، فالحكومة الحالية وحتى منذ أن كان (أردوغان) رئيساً للحكومة، تتدخل بشكل فاعل في الملف السوري، كان آخرها التنسيق بين حكومة (العدالة والتنمية) الحالية بالتنسيق مع الجيش الحر وبإشراف المؤسسة العسكرية التركية، الدخول في عمل عسكري ناجح من خلال عملية غصن الزيتون".

ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية، أن "هذا الإنجاز سيكون له ارتدادات جيدة للتأثير على الناخبين أمام صناديق الانتخابات المقبلة، إضافة لتحقيق الحكومة انتصارات داخل تركيا وخارجها، لاسيما على تنظيم (داعش) خلف الشريط الحدودي، وحزب (العمال الكردستاني) على جانبي الشريط، عدا عن عامل مهم لا يمكن إغفاله، يتمثل في استهداف تركيا بسبب سياساتها وأهدافها لتعاملها مع ملفات إقليمية ودولية حساسة، وهذا الشعور بالاستهداف من قبل أصوات داخل العدالة والتنمية وخارجه جعل الإسراع بهذه الخطوة ضرورياً، فنحن نرى التوتر التركي الأميركي، والتوتر التركي الأوروبي والأزمة المحيطة في شرق المتوسط تندرج ضمن هذا الإطار، ومن المؤكد أن المحاولة الانقلابية في 2016 أحدها". 

وبحسب (صالحة) فإن "أهم تبعات هذه الخطوة هو الانتقال مبكراً للنظام الرئاسي المرهون بإجراء هذه الانتخابات، وبذلك التخلص من حكم الرأسين (الرئاسي والبرلماني) ويكون هناك حرية دستورية للرئيس باتخاذ القرارات، وقد أشار أردوغان إلى ذلك مراراً بأن هناك قرارات ينبغي اتخاذها داخلياً وخارجياً، لكن ما يقيده الصلاحيات الدستورية المتوقفة على الانتقال إلى النظام الرئاسي وبالتالي إجراء الانتخابات". 

المسألة السورية والدعاية الانتخابية 

ويتفق الكاتب الصحفي السوري المطلع على الشأن التركي (عبو حسو) مع المحلل التركي، بتصدر ملفي هبوط الليرة والشأن سوري بالتأثير للذهاب إلى انتخابات مبكرة، الأول داخلياً والثاني خارجياً. 

ويرى (حسو)، أن "مجرد الحديث عن الاتفاق بين الحزبين الرئيسين على إجراء انتخابات مبكرة أحدث ارتياح في الشارع التركي، وكان له تأثير فوري على تحسن الليرة ولو بشكل طفيف، حتى قبل المصادقة عليه من قبل البرلمان". 

أما على الصعيد الإقليمي بحسب (حسو) فستكون "المسألة السورية أهم محرك للدعاية الانتخابية من قبل العدالة والتنمية وحتى المعارضة، فالأخيرة ستعتمد على انتقاد سياسة الحكومة الحالية حيال هذا الملف والتدخل الكبير في سوريا، بينما سيلجأ (العدالة والتنمية) لإعطاء وعود لحل الأزمة السورية، لاسيما فيما يتعلق بإعادة اللاجئين بعد بسط السيطرة على مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وإدلب التي دخلها الجيش التركي تباعاً كمنطقة خفض تصعيد". 

توازنات وإعادة تموضع

وعن انعكاسات الانتخابات بالانتقال إلى النظام الرئاسي على الملف السوري، أشار (حسو) في حديثه لأورينت نت إلى أن "العدالة والتنمية سيحاول من خلال صلاحيات رئيس الجمهورية حل القضية السورية وتكون تركيا لاعبا إقليميا أساسيا في الشرق الأوسط عبر الملف السوري تحديداً، لأن هذا الملف سيحدد مصير المنطقة وليس سوريا وتركيا وحسب، ولأن المنطقة تشهد تموضع للتحالفات والتوازنات للقوى السياسية والإقليمية على الأرض، وربما هناك تشكيلات جديدة ربما تحدث أو تحدث الآن، والحديث هنا عن قوات عربية يتم إعدادها لإقحامها في سوريا وعلى الحدود مع تركيا".  

ويختم (حسو) بالقول: "كل ذلك يتطلب من تركيا اتخاذ قرارات شجاعة وحاسمة قادرة على التنفيذ، وهذا لا يمكن أن يتم في ظل وجود التقييد البيروقراطي بربط النظامين الرئاسي بالبرلماني، وإعطاء صلاحيات كاملة للرئيس سيجعل من العملية أسرع، لأن سلطة الرئيس ستكون مباشرة على الوزارات والجيش ومفاصل الدولة".

يشار إلى أن البرلمان التركي صادق (الجمعة) الماضية على مقترح حزبي (العدالة والتنمية والحركية القومية) لإجراء الانتخابات بالموعد المتفق عليه بعد التعديل (أي في 24 حزيران المقبل) ما يؤمن شرعيتها الدستورية. 

وكان أعلن (أوزتورك يلماز) نائب رئيس حزب (الشعب الجمهوري -  (CHP المعارض، نيته الترشح للانتخابات المقبلة، في حين سار(حزب الاتحاد الكبير- (BBP على خطى حزب (الحركة القومية) بترشيحه للرئيس الحالي أردوغان ودعمه في الانتخابات المقبلة. 

وشهدت تركيا أربع عمليات انتخابية (واحدة محلية، واثنتان برلمانية، وواحدة رئاسية) واستفتاء واحد على تعديلات دستورية في الفترة ما بين آذار/ مارس 2014 حتى نيسان/ إبريل 2017.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات