ما الرسالة التي أرادت روسيا إيصالها من فيديو إذلال الميليشيات الطائفية؟

ما الرسالة التي أرادت روسيا إيصالها من فيديو إذلال الميليشيات الطائفية؟
موجة من السخط والغضب أثارها الشريط المصور الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام، والذي يظهر عدداً من عناصر الميليشيات الطائفية، وهم يتعرضون للإذلال والإهانة من قبل حاجز للشرطة العسكرية الروسية على أطراف مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق، والتي سيطرت عليها الميليشيات باتفاقية مع تنظيم داعش أفضت لتهجير سكان الحي والمناطق المجاورة له إلى الشمال السوري.

عشرات المنشورات الغاضبة غزت صفحات التواصل الاجتماعي في حملة ردود نظمها موالون، ووصفوا من خلالها الروس بأنهم "متخاذلون" وبأنهم باتوا يتقربون من المعارضة على حساب (الجيش الباسل!)، واصفين موسكو بأنها قامت على أنقاض مقاتلي (النظام) والآن باتت تمارس عليهم طقوس الإذلال بهدف إبراز نفسها على أنها لا تقبل بالخطأ وأنها تعمدت ذلك بهدف التقرب من المعارضة وداعميها (في إشارة إلى تركيا).

رسالة روسية وتحولات سياسية محتملة

شريط وصفه كثيرون بأنه بداية التحول في الموقف الروسي من النظام والميليشيات الإيرانية في سوريا كحليفين تقليديين، إضافة لبداية فقدان التأييد الشعبي من قبل أنصار النظام للتواجد الروسي وسياسية موسكو في سوريا، حيث قال المستشار والقاضي حسين حمادة، إن الرسالة التي تريد روسيا توجيهها ليست لمكافحة هذه الظاهرة المشينة وغيرها من المظاهر التي اعتدنا أن نراها في كل منطقة تسيطر عليها الميليشيات الطائفية بعد تهجير أهلها بقدر ماهي تهدف لتسليط الضوء على التصرفات المشينة لهذا الجيش وهي رسالة قد تنبئ عن تحولات سياسية في خارطة التحالف الروسي - الإيراني - النظام مستقبلاً.

يضيف  في حديث لـ "أورينت نت": لو قرأنا المصالح الاقتصادية المتضاربة بين روسيا من جهة وبين إيران من جهة ثانية وتحديداً في موضوع الغاز الذي كانت ايران وقطر يرغبان في إيصاله إلى أوروبا عبر أنبوب يمر في سورية وميناء طرطوس باتجاه أوروبا وما يشكل هذا الأمر من خطر على اقتصاد روسيا لتوضحت الأمور أكثر"، فبحسب ما يراه القاضي فإن التحالف الروسي - الإيراني (هش) ولن يدوم طويلاً عازياً ذلك بقوله أن (التحالف الروسي - الإيراني لم يقم على أسس سياسية مصلحية وهذا سيؤدي لانهياره عاجلاً أم آجلاً) وفق تعبيره، مشيراً إلى أن المعركة القادمة ستكون بين الأصلاء وستحكمها مصالحها بعيداً عن مصالح الشعب السوري وبعيدا عن قيادات الموالاة والمعارضة وهذا يعني أنه ربما نشهد سيناريوهات جديدة لسورية ترسمها تلك الدول مع مراعاة مصالحها فقط.

حراك شامل لاقتلاع الدخلاء من سورية

وفقاً لمراقبين فإن غضب الشارع الموالي لن يكون ذا تأثير على مستقبل الروس في سوريا، لاسيما في ظل تسلم الروس لكافة مفاصل البلاد وتحكمهم بأكبر وزاراتها وحكوماتها، إضافة لوضع يدهم على أكثر المؤسسات استراتيجية كوزارات الدفاع والإدارة المحلية والتجارة، وحصولهم على امتيازات كبيرة كـ ميناء طرطوس ومصفاة بانياس وقاعدة حميميم العسكرية ومطارات عسكرية أخرى موزعة في أنحاء البلاد، فيما اعتبر "حمادة" أن السيطرة على مقرات البلاد ستستمر لحين نهوض الشعب السوري بوجه الأطراف الداخلية المتصارعة ( موالاة ومعارضة ) واقتلاعها وإنهاء تحكمها بمصير سورية، لافتاً إلى أن التعويل في هذه الحالة ليس على سياسات الدول الراعية أو غيرها بقدر التعويل على حراك جماعي تفاعلي بين النخب الوطنية والقاعدة الشعبية لإنتاج هيئة وطنية تمثله.

موقف متضارب للناشطين بين جدية موسكو وتلميعها

تضاربت مواقف الناشطين حول هدف موسكو من هذا الشريط، لا سيما وأن عمليات التعفيش مستمرة منذ سبع سنوات وكانت تحت أعين الروس في السنتين الأخيرتين، إذ يرى الصحفي السوري "عبد الرزاق النبهان" في حديثه لـ "أورينت نت" أن الشريط كان (حقيقي التصرفات) أي أن ما قام به الروس ليس تمثيلاً أو ترويجاً وذلك يعود بحسب النبهان إلى "تذمر الأهالي من ممارسات التعفيش من قبل  الشبيحة وقوات النظام وسعي روسيا لكسب ثقة  الشارع السوري في مناطق النظام من خلال كبح بعض الأفراد أو المجموعات التابعة للنظام إلا أن الأمر لا يتعدى الاستعراض وفي ذات الوقت كسب شعبية الشارع السوري من خلال هذه الأعمال"، مشيراً إلى أنه حتى السخط الشعبي للموالين لن يكون ذا أهمية ولن يؤثر على إرادة موسكو في سوريا، لأن روسيا باتت تسيطر على مختلف المفاصل العسكرية والسياسية وحتى المعيشية للسكان في مناطق سيطرة النظام  وبالتالي القرار الأول والأخير في تلك المناطق يعود للروس وليس للنظام أو مؤيديه وفق تعبيره.

تعتبر فئة كبيرة من الناشطين أن ما حدث في الشريط كان مشهداً استعراضياً (تمثيليا وترويجيا) تهدف موسكو من خلاله لتحسين صورتها فقط أمام الرأي العام بما معناه أنها (أفضل من النظام)، وهذا ما نفاه "النبهان" الذي اعتبر أن روسيا وإيران هما قوتان متكاملتان في سوريا وتحتاجان بعضهما في سوريا، وهناك توافق على تقاسم الكعكة السورية  وبالتالي لم ولن تكون إيران عبئاً على روسيا وما يحدث بالإعلام حول ذلك ما هو إلا كلام فارغ يهدف إلى الإيحاء بوجود خلافات على عكس الواقع.

توافق دولي على ترسيم خريطة جديدة بعيدة عن النظام والمعارضة

في ظل النفوذ المطلق للدول الوازنة في الملف السوري وبخاصة الداعمة والراعية لمحادثات أستانا، باتت تلك الدول الآمر الناهي في غالبية الأمور بالنسبة للنظام والمعارضة وخاصة على الصعيد العسكري التي أوقفتها تلك الدول بموجب (اتفاقيات أستانة)، وهذا ما اعتبره "النبهان" إعادة ترسيم جديد (دولي) لخارطة جديدة في المنطقة دون العودة لا للنظام ولا المعارضة والتي وصف مهمتها بأنها باتت تقتصر فقط على (تنفيذ الأوامر) فقط.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات