أدب الرحلات النبيلة

أدب الرحلات النبيلة
يسلط محمد منصور في كتابه: «أدب الرحلات النبيلة» الضوء على نوع جديد من أدب الرحلات يسميه «أدب الرحلات النبيلة»، وهو الأدب الذي يرصد رحلات الأدباء وانطباعاتهــــم وشهادات عن مناطق منكوبة زاروها وتشكــــلت لديهــــم صورة عن هذه المناطق.

ولقد جهد المؤلــــف طويـــلاً في البحث عن سير الكثير من الأدباء والكتــــاب في العالــــم وكان العنوان الأساسي لعمليـــة البحث هذه هو العثور على رحلة انتجت شهادة ما، وساهمت في تغيير قناعات أو دفع ظلم واقـــع أو رصــــد تحولات مهمـــة، والمثال الأول الذي حرض فكرة الكتاب في ذهن المؤلف: رحلة تشيخوف النبيلة إلى جزيرة «سخالين» الروسية التي كانت مخصصة للمنفيين والمحكوم عليهم بالأعمال الشاقة في العهد القيصري والتي حظيت باهتمام خاص لدى دارسي أدبه.

وبعد تشيخوف يعرج المؤلف على غراهام غرين ورحلته في أدغال إفريقيا وهي رحلة تحمل في طياتها ملامح البحث الإنساني عن الحقيقة في مجاهل الألــــم والعســف والجـــور، وجــــاءت رحلته في القارة السمراء تجسيداً عمليــــاً لما أطلــــق عليه النقاد في توصيف جوهر اهتمــــام أعماله الأدبية (مراقبته المركزة لتفاصيل البؤس والشقاء البشري).

ويمر المؤلف بجورج برنارد شو، الكاتب الأيرلندي الساخر، في رحلته إلى الاتحاد السوفييتي ويرى موضوعية برنارد شو في رحلته التي أراد فيها أن يبحث عن نمط الدعاية الغربية التي كانت تروج عن الحياة في الاتحاد السوفييتي السابق، حتى قبل أن يذهب المرء لرؤية الواقع على الأرض، وبالرغم من رفض برنارد شو لغة المبالغات ضد روسيا في الصحف الإنجليزية إلا أن ذلك لا يمنع من رؤية الحقيقة على الأرض، إذ يصور لنا بعد ذلك المطبخ الروسي ساخراً من (فقره المدقع) في ظل الشيوعية.

كما يذكر المؤلف موقفـــاً فيه طرافــــة، حيث دار حوار بين مرافقة برنـــارد شو (الليدي أستور) وبين ستالين فيه من الندية الواضحة قالت: (إن السوفييت لا يعرفون كيــــف يعاملون الأطفال، فقال ستالين: ولكنكم في بريطانيـــــا تضربون الأطفال، ولسعت هذه الإجابة الليدي أستور: ثم ردت عليه (إنكم تخشون من اتساخ ملابس أطفال الملاجئ من المطر في الوقت الذي يجب ألا يهتم الأطفال بالأمطار وبإمكانكــــم شراء ملابس يتم غسلها في نصف ساعة وتستطيــــع أن ترسل امرأة روسية لي في لندن وأنا أعلمها كيف يعامل الأطفال الصغار)، ومن دون أن تتغير ملامح ستالين مد لها مظروفاً وقال (اكتبي عنوانك)، وكانت المفاجأة عندما عادت إلى لندن ووجدت عشرين فتاة روسية حاملات خطابـــاً من ستالين يطلب من أستون الوفاء بوعدها.

ومن ثم يتحدث المؤلف عن رحلة الروائي والكاتب المسرحي الجزائري كاتب ياسين إلى فيتنام في نهاية الستينات من القرن المنصرم، وهي رحلة تأتــــي كصرخة الحق المتأخـــرة للشعب الفيتنامي في معركته التحرريـــة ضد الغزو الأميركي لبلاده، كما تجلى ذلك في مسرحيته الشهيرة (الرجل ذو الحذاء المطاطي) التي كتبها من وحي تلك الرحلة، ولا ينسى المؤلف الحديث عن البرتو مورافيا ورحلته في شبــــه الجزيرة العربية وماركيز الذي يروي رحلته: «ميغل ليتين» السرية إلى التشيلي. في عهد الديكتاتور بينوشيه. حيث الوجه القبيح للديكتاتورية.

الكتاب: أدب الرحلات النبيلة

المؤلف : محمد منصور

الناشر: المجلة العربية - الرياض

الصفحات:87 صفحة- قطع متوسط

المصدر: ملحق البيان: 21/10/2012

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات