والإجماع على كراهية جبهة النصرة لدى المؤيدين لا يشكل نقطة التقاء بين جميع فئاتهم العمرية فحسب، بل يشكل عاملاً تحشيدياً يبدو عملاً منظماً إلى حد كبير، حيث يقوم مدراء الصفحات المؤيدة على "فيس بوك" بطرح تساؤلات استنكارية على صفحاتهم لا تخلو من الشتائم تتحدث فيها عن هوية جبهة النصرة وتبعيتها للخارج فكتب أحدهم في شبكة أخبار طرطوس: "أيها السوريون لنعمل جميعاً على إبادة ما يسمى بجبهة النصرة المتآمرة مع أردوغان على الوطن".
يتحدث "عماد، خريج إعلام" وهو أحد المدراء المنشقين مؤخراً ،عن قيامه بمشاركة مجموعة من الأعضاء العاملين في حزب البعث بإنشاء عدد كبير من الصفحات الموالية للنظام بناء على أوامر من ضباط المخابرات الجوية، وقد طلب ضابط منهم في الشهر الماضي التركيز في نشر أخبارهم على النيل من جبهة النصرة عبر نشر أخبار مفبركة وتلفيقات ضدها وبدأت الصفحات الموالية تنشر وتتناقل أخباراً وهمية تظهر فيها هزائم الجيش الحر وجبهة النصرة في المعارك، لتقليل مخاوف المؤيدين من اقتراب سقوط النظام .
وتختلف تعليقات المؤيدين في حدة كراهيتهم لجبهة النصرة، فمنهم من يصفهم بالمرتزقة، ومنهم من يصفهم بإرهاببيين سلفيين، أو حتى بـ "الوهابيين"،وغالباً لا يقدمون أسباباً أولا يستندون إلى وقائع تبرر كراهيتهم للجبهة، سوى انتمائها لأهل السنّة، وفي التاسع من الشهر الحالي كتب أحد المؤيدين معلقاً على فيديو يصور سقوط مطار تفتناز العسكري في أيدي الجيش الحر: " يجب إبادة جبهة النصرة .. هؤلاء مرتزقة وهابيون، لقد قتلوا جنودنا في المطار .. ولن ننسى قرى إدلب التي ساعدت هذه المجموعات التكفيرية، سيسحقها جنود بشار الأسد".
وتنشر صفحة "شبكة أخبار سورية" الموالية لنظام الأسد ما يكتبه بسام القاضي عن الجيش الحر ، وهو من المثقفين العلويين الذين طرحهم النظام كمعارضين شرفاء بارزين، وجاء في آخر أرائه عن جبهة النصرة: "من المثير للسخرية كيف صارت هذه الحظيرة الإرهابية هي كل اهتمامنا!! ..جبهة النصرة ليست بأشد إرهابا وانحطاطا من الأخوان المجرمين!! ..وجبهة النصرة ليست أشد طائفية وقتلا واغتصابا من الأخوان المجرمين والوهابيين والسلفيين الجهاديين!! كل من يتحدث عن ثورة حرية أو ثورة ديمقراطية أو يطعن بالجيش العربي السوري، حتى بتعليق على الفيسبوك، هو إرهابي قاتل مجرم وخائن".
"معظم الاتهامات الموجهة لمقاتلي جبهة النصرة في حلب تأتي من الساحل السوري، بالرغم من وجود تيارات كثيرة في المجتمع لا ترغب بها"، هكذا يرى أحد الناشطين ملمحاً إلى أن معظم من يعادي جبهة النصرة هم من الطائفة العلوية، ولا تبدو مبررات الكراهية والعدائية لجبهة النصرة واضحة بعد تصريحات رئيس مكتبها السياسي في حلب تيسير الخطيب: "إن الجبهة فصيل من فصائل كثيرة داخل سوريا، ولم تعلن أي ارتباط مع أي جهة داخل أو خارج سوريا.. الجبهة لم تتعرض للمسيحيين"، وفيما يتعلق بالعلويين قال: "نحن نقاتل من يقاتلنا ويقتل شعبنا منهم".
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت جبهة النصرة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، فيما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن جبهة النصرة هي أقلية في صفوف الثوار، ولم يلق القرار الأمريكي صدى كبيراً لدى مؤيدي النظام، إلا أن صفحاتحهم لا تخلو من التعليقات التي تطالب بضرورة "القضاء عليهم" أو "إبادتهم" والسخرية من تعاليم الديانة الإسلامية في بعض الأحيان.
التعليقات (1)