ما بين "حضن الوطن" و"المحرر" منه: هل تقبل الناس بالعودة إلى الاحتلال الأسدي؟

ما بين "حضن الوطن" و"المحرر" منه: هل تقبل الناس بالعودة إلى الاحتلال الأسدي؟
هنالك شبه إجماع بين النخب الثقافية والسياسية السورية، أن الأسدية قد احتلت الدولة السورية. سيطرت عليها وجعلتها دولة أسدية. تحاول هذه النخب أن تنتج تعريفا لهذه الدولة" الأسدية" أو للسلطة الأسدية. بغض النظر عن اتفاق واختلاف هذه النخب في تسمية هذه الدولة أو السلطة أو النظام الأسدي. لكن هنالك اتفاق شبه عام على أن سيادة الدولة السورية تجاه محكوميها، تحولت بفعل أجهزة القوى إلى سيادة أسدية. حيث إننا أمام احتلال عسكري أمني اقتصادي وثقافي وتربوي وسياسي للدولة والمجتمع معا. 

الدولة عندما تتحكم جهة ما بسيادتها على المجتمع تتحول إلى وحش. هذا ما فعلته الأسدية بالدولة السورية. الديكتاتورية ليست ديكتاتورية، ولا يمكن أن تصير ديكتاتورية على المجتمع، إلا من خلال سيطرتها على الدولة ووظائفها المادية والرمزية، والتحكم بهذه الوظائف بناء على معطى من خارج معايير الدولة أي دولة على الإطلاق. هو معطى الديكتاتور نفسه واستمرار سلطته وإعادة إنتاجها. هذه المعيارية ستبقى لا قانونية وشخصية لتتحول الدولة إلى وحش مشخصن. هذا ما فعله الأسد الأب وأكمله ابنه بالدولة السورية. ينتفي حضور الدولة لصالح حضور الديكتاتور. يصير نظامه وآليات عمل سلطته الشخصية معيارا للدولة ووظيفتها. وحكما قضائياً لا قانونيا بالموت أو السجن على كل شخص لا يوافق على معايير الأسد والاسديين.

 ما تبقى من الدولة السورية هو جغرافيتها السياسية فقط كخارطة لها حدود مع دول أخرى. أما الدولة كسيادة محايدة على مواطنيها وكأجهزة وحاضن حيادي لكل أعضاء المجتمع وكياناته السياسية والمعتقدية والإثنية، انتهى دورها منذ تسلم الأسد الأب السلطة. لم تعد دولة بل مجرد سلطة احتلال. 

قبل عشر سنوات بعد انطلاق الثورة السورية، كان العنف سيد القرار الأسدي. لم يترك وسيلة عنفية إلا واستخدمها ضد الشعب السوري. لم يترك قوة خارجية إلا واستدعاها من أجل قتل السوريين وثورتهم، وحلمهم بالحرية والكرامة. السوري هرب إلى مناطق كثيرة، نزح ولجأ لكي يحصل على حق الحياة. نحن نتحدث عما يفوق 12 مليون سوري دمرت حياتهم تماما. يعرفون من دمرها. إنه الاحتلال الأسدي ومعه بقية المحتلين. لهذا انطلقت تسمية من المحرر لأننا أمام إبادة احتلالية أسدية ودولية.

 الآن يعتقد بعضنا أن الأسد انتصر!! 

بدأت مع هذا الاعتقاد الحديث عن مناطق المحرر، وصل حد السخرية أحيانا. أو الحديث أن القوى السياسية في مناطق المحرر هي مسؤولة عن تفتيت الدولة!! أية دولة؟ لا أعرف بالحقيقة شيء محزن.

السوريون في عرسال ومخيمات لبنان وسورية يعيشون في أسوأ الظروف الحياتية، مع ذلك يرفضون العودة. خوفا من الأسد ودولته المطوية في جناحه الطائفي الديكتاتوري. لم تعد مطوية في جناحه الطائفي فقط، بل يطوى أجزاء منها ومن سيادتها، في جناحيه الإيراني والروسي معا أو كل على حدة. ثلاثة احتلالات فاشية إبادية. المحرر عمليا هو الذي يقع تحت سيطرة تركيا وأمريكا بشكل خاص. 

المحرر هذه تسمية أتت بعد الثورة لمناطق خرجت عن سيطرة الاحتلال الأسدي، بالتالي هذه التسمية تمت بدلالة الاحتلال الأسدي وإبادته، وليس بدلالة ماذا حدث بعدها ومعاييرنا كمثقفين وكتاب ومنظرين!! اعملوا تصويت في مناطق السيطرة التركية أو السيطرة الأمريكية هل تقبل الناس بالعودة إلى الاحتلال الأسدي؟ وما هي نسبتهم؟ وهل هنالك ما يمنعهم من العودة؟!! هاجموا القوى المسيطرة وانتقدوها وافضحوا ممارساتها، لكن ارحموا الناس. من اقتلعه الأسد من أرضه ودمر بيته وشاهد أطفاله أو أطفال جيرانه يقتلون بالأسلحة الاسدية والروسية والإيرانية لا يفكر سوى بسلامته. حق الحياة وفيما بعد تأتي البقية. للأسف والنكتة المحزنة أن أغلب من يكتب في هذا المجال هرب من الأسد إلى دولة أخرى.

هذا ليس دفاعا عن القوى المسيطرة في المحرر، لكن السوري هناك وحده من يقرر في شأن حياته. هذا من جهة من جهة أخرى هل يعودوا لطوابير الجوع والفقر في مناطق سيطرة الاحتلالات الاسدية والروسية والايرانية؟ الحديث عن المحرر بدلالة القوى المسيطرة ومحاولة التذاكي بمقارنتها مع الاسدية مجرد تضليل. لا احتلال يمكن ان يقارن بالثلاثي الفاشي الروسي الايراني الاسدي. مع ذلك لهؤلاء نقول: في التسويات التي حدثت في الثلاث سنوات الاخيرة، كانت البشر والمفاوضين يحاولون ان يكونوا تحت السيادة الروسية لماذا؟ لأنه بحسهم العملي ومعايشتهم لواقع قتلهم، وتدميرهم. وجدوا ان هنالك تعاملا مختلفا نسبيا بين المحتل الروسي والمحتلين الايراني والاسدي. هذه لا يناقشوها عندما يردون ادانة الناس في المحرر. ايضا هذا ليس دفاعا عن الاحتلالين التركي والامريكي، بل هو رؤية السوري المقتلع او الباقي في هذه المناطق، لخشيته على حياته في حال عودة الاسدية لتلك المناطق.

من جهة اخرى يناقشوا المحرر دون ان يدرجوا القصة في سياق ان الاسد باع البلد كي لا يتنازل للشعب السوري!! حتى انهم لا يريدون القول ان الاسد باع البلد! لماذا؟ لان برأيهم الاسد انتصر!! يتحدثون عن اهل المحرر وكأنهم هم من يملكون الطائرات والاسلحة المدمرة التي اقتلعتهم؟! ثلاثة جيوش تحت مسميات وتصنيفات مختلفة اجتاحت سورية باعتى اسلحتها كالجراد. الجيش الاسدي والروسي والايراني. ثم الاحتلالين الامريكي الدولي والتركي. 

سورية المحتلة يمنع فقط على من هم خارج سلطة الاسد ان يبقى خارجها. اما البقية ليس مهما، لماذا؟ يقولون لأجل الا تتجزأ الدولة السورية!! عن أي دولة تتحدثون؟ انظروا إلى السوريين تحت سلطة الاسد، ثم بعدها قرروا.

إنه حق الحياة كما يراه صاحبه يا سادة.

التعليقات (1)

    المحامي خليل العامر

    ·منذ 3 سنوات شهر
    تعليق بسيط الناس بالمحررلاتفكربان الاسد انتصر بالمطلق وليسومستعدين بالعودة لمناطق سيطرته
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات