تقرير فاضح يكشف تعرض اللاجئين في لبنان لأقسى أنواع التعذيب: نظام واحد في بلدين!

تقرير فاضح يكشف تعرض اللاجئين في لبنان لأقسى أنواع التعذيب: نظام واحد في بلدين!
كشفت منظمة "العفو الدولية" عن تعرض عشرات اللاجئين السوريين لأقسى أنواع التعذيب والانتهاكات أثناء اعتقالهم في السجون اللبنانية خلال السنوات الماضية، عبر توجيه اتهامات لهم متعلقة بالإرهاب، متهمة السلطات اللبنانية بانتهاكات "مروعة" بحق اللاجئين على نهج مخابرات أسد في سوريا.

التقرير "الصادم" حمل عنوان: "كم تمنيت أن أموت: لاجئون سوريون احتجزوا تعسفياً بتهم تتعلق بالإرهاب وتعرضوا للتعذيب في لبنان"، ويتضمن سلسلة انتهاكات ارتكبتها مخابرات الجيش اللبناني بحق 26 معتقلا من اللاجئين السوريين منذ عام 2011، ويكشف تعرضهم للتعذيب بوسائل وحشية كالتي تستخدمها ميليشيا أسد في السجون السورية.

وقالت مسؤولة "العفو الدولية" المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين، ماري فورستيي إن "هذا التقرير يقدم لمحة سريعة عن المعاملة القاسية والمسيئة والقائمة على التمييز المجحف التي تمارسها السلطات اللبنانية ضد اللاجئين السوريين المحتجزين للاشتباه بهم بشأن تهم تتعلق بالإرهاب. وفي حالات عديدة، فإن اللاجئين الذين فروا من الحرب، والقمع القاسي، والتعذيب واسع الانتشار في سوريا، وجدوا أنفسهم معتقلين تعسفياً، ومحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي في لبنان، حيث يواجهون العديد من الأهوال نفسها التي تحدث في السجون السورية".

ويستند التقرير إلى مقابلات أجرتها المنظمة الحقوقية مع معتقلين سابقين وحاليين ومحامين مطلعين على المجريات والوثائق القانونية، يوثق حالات 26 لاجئا سوريا بينهم نساء وأربعة أطفال، جرى اعتقالهم بين أعوام 2014 و2012 بتهم متعلقة بالإرهاب من قبل السلطات اللبنانية.

وتشير التحقيقات إلى أن اللاجئين الـ 26، تعرضوا للتعذيب خلال الاستجواب والحجز في السجون اللبنانية، أربعة منهم تعرضوا لضرب مبرح أفقدهم الوعي وأدى لكسر أسنان اثنين منهم، فيما كان اثنان آخران من ضحايا التعذيب في سن 15 و16 سنة حينها، وقالت المنظمة إن "التعذيب كان يستمر ويتكرر في مركز مخابرات الجيش في أبلح، أو في مكتب الأمن العام في بيروت أو في وزارة الدفاع".

أساليب مخابرات أسد

تكشف المنظمة في تقريرها الصادم أساليب التعذيب التي استخدمتها المخابرات اللبنانية ضد اللاجئين السوريين المحتجزين في سجونها، والتي تؤكد أنها ذات الأساليب التي تستخدمها ميليشيا أسد سوريا حيث توضح أن تلك الأسايب مثل ("بساط الريح" حيث يُربَط المرء بلوح قابل للطي، أو "الشَّبْح"، عندما يُعلّق الشخص من معصميه ويتعرض للضرب، أو طريقة "البلانكو" التي تتضمن تعليق الشخص طوال ساعات مع تكبيل معصميه خلف ظهره".

وتنقل المنظمة عن باسل وهو معتقل سوري سابق في السجون اللبنانية أنه كان يتعرض لضرب مبرّح كل يوم طوال ثلاثة أسابيع خلال نقله إلى سجن الريحانية، ويقول: "ضربونا بأنابيب بلاستيكية من الحمّام على الظهر. وانتشرت على ظهري جروح فاغرة، وراحت تسوء جداً. وفي النهاية ظهرت ديدان بداخلها".

بينما تعرض (أحمد) وهو لاجئ سوري للضرب على أعضائه التناسلية إلى أن أغمي عليه خلال اعتقاله سابقا لدى مخابرات الجيش اللبناني في أبلح، في حين أن لاجئا آخر كشف عن ضربه على أعضائية التناسلية من قبل عنصر أمني لبناني والذي كان يقول له أثناء ضربه: "إنني أضربك هنا حتى لا تستطيع الإتيان بمزيد من الأطفال إلى هذا العالم، كي لا يلوّثوا هذا المجتمع"، ويؤكد اللاجئ أنه ظل يتبول دما لعدة أيام من شدة الضرب.

فيما قال محتجز آخر للمنظمة: "ظللت ثلاثة أيام متتالية ليلاً نهاراً واقفاً في الرواق مكبل اليدين ومعصوب العينين .. وكنا نتوسل إليهم للذهاب إلى الحمام، ولإعطائنا شربة ماء. وكانوا يقدمون الطعام لنا مرة واحدة في اليوم. وكان هناك أفراد أمن يحرسوننا حتى لا نجلس أو ننام. فإذا حاول أحدنا أن يفعل ذلك كانوا يرغمونه على الوقوف مجدداً".

تشبيح لنظام أسد

غير أن التحقيقات تكشف أن التعذيب في السجون اللبنانية متربط بدوافع سياسية لمصلحة بشار أسد ونظامه في سوريا، ما يؤكد الارتباط الوثيق للمسؤولين عن الانتهاكات بحق اللاجئين في لبنان بأسد وميليشياته، بحسب اعترافات وثقتها المنظمة لمحتجزين سوريين لدى المخابرات اللبنانية في السنوات السابقة، ومنهم الصحفي (كريم) والذي جرى احتجازه لثمانية أيام في مكتب الأمن العام في بيروت، حيث يقول إن "المحققين معه سألوه عما إذا كان يؤيد الرئيس السوري، وعندما قال كلا ضربوه بقسوة أشد".

كما وثقت المنظمة إهانة المخابرات اللبنانية للنساء السوريات خلال فترات الاحتجاز، حيث قالت إن امرأتين تعرضتا للتحرش الجنسي والإساءة اللفظية من العناصر اللبنانيين خلال الحجز ، وأوضحت أنه "أُرغمت إحداهما على مشاهدة عناصر الأمن وهم يُعذّبون ابنها، وأُرغمت الأخرى على مشاهدة زوجها وهو يتعرّض للضرب".

غير أن المنظمة أكدت وبشدة أن معظم الاتهامات الموجهة للاجئين السوريين الذي وثقتهم خلال تلك المدة، تبين أنها اتهامات صدرت على "أسس قائمة على التمييز"، وخاصة الدوافع والانتماءات السياسية حيث قالت "ففي تسع حالات، عُدّ مجرد التعبير عن المعارضة السياسية للحكم السوري دليلاً يبرر الإدانات بتهم الإرهاب".

اعترفات تحت التعذيب

في حين أن أساليب المخابرات اللبنانية خلال التحقيق مع المعتقلين السوريين (26) الذين وثقتهم المنظمة، كانت تعتمد على حرمان المحتجزين من الاستعانة بمحامين خلال جلسات الاستجواب الأولى، وذلك بهدف انتزاع اعترافات كيفية تحت التعذيب الشديد، الأمر الذي وصفته "العفو الدولية" على أنه انتهاك لقوانين لبنان وللقانون والمعايير الدولية.

حيث إن معظم المحتجزين السوريين انتظروا عدة أسابيع للمثول أمام قاضي التحقيق، وهو أمر يخالف القانون اللبناني والدولي، والأخطر من ذلك أن القضاة اعتمدوا على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب في محاكماتهم وهي تهم متعلقة بالإرهاب وتفتقر للأدلة، ونقلت المنظمة عن 14 من المحتجزين السوريين أنهم "اعترفوا بارتكاب جرائم لم يرتكبوها، عقب تعريضهم للتعذيب أو تهديدهم".

محاكمات عسكرية وترحيل إلى سوريا

لكن الأخطر في تلك الانتهاكات كان محاكمة اللاجئين أمام محاكم عسكرية ووصلت لترحيل بعضهم إلى سوريا، رغم الخطر الذي يهدد حياتهم بسبب ميليشيا أسد، حيث وثقت المنظمة الحقوقية 23 حالة جرى محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية في لبنان وبينهم طفلان.

وأشارت إلى أن ثلاث حالات صدرت أوامر بترحيلهم قسريا إلى سوريا، ونفذت حالة واحدة من تلك الحالات، بما يشكل "إخلالا بمبدأ الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي الذي يحظر الدول إعادة أي شخص إلى مكان يمكن أن يتعرض فيه فعلياً لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

انتهاكات فوق القانون

يشير التقرير الحقوقي إلى أن معظم حالات التعذيب التي وثقها لم تتضمن أي تحقيق، رغم تعرض المحتجزين لأبشع أنواع التعذيب التي وصلت إلى إرجاء عناصر الأمن لجلسات المحاكمة في أكثر الأحيان "حتى اختفاء الندب الناجمة عن عمليات الضرب والتعذيب".

وتقول ماري فورستيي إنه "ينبغي على السلطات اللبنانية أن تبادر على الفور إلى تطبيق قانون مكافحة التعذيب الذي أصدرته، واحترام الواجبات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويجب عليها أن تضمن إجراء تحقيقات فعالة في مزاعم التعذيب، ومساءلة أولئك المسؤولين عن ارتكاب هذه الانتهاكات المروّعة".

وتعرض اللاجئون السوريين لمضايقات واسعة وحملات تحريض عديدة في لبنان منذ عام 2011، وذلك بدوافع سياسية مرتبطة بحلفاء ميليشيا أسد، والتي تهدف للضغط على اللاجئين وإعادتهم إلى بلادهم رغم الخطر الذي ينتظرهم من ميليشيا أسد التي كانت سببا في نزوحهم.

وأكبر الحملات التي تعرض لها اللاجئون جرت خلال معركة عرسال شمال لبنان في عام 2014 التي شنها الجيش اللبناني بالقرب من مخيمات اللاجئين السوريين، على خلفية اختطاف تنظيم داعش وجبهة النصرة لـ 16 عنصرا من الجيش اللبناني، جرى حينها اعتقال عشرات اللاجئين بما فيهم النساء، ليتم اعتقالهم بشكل تعسفي وتوجيه اتهامات لهم متعلقة بالإرهاب.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات