ويقف وراء ذلك التحول في إدلب، نزوح بلا رحمة استمر لسنوات لملايين السوريين من جميع أنحاء البلاد، الكثير منهم نزحوا من منازلهم عدّة مرّات قبل أن ينتهي بهم الأمر في هذا المكان، إذا كان شمال المقاطعة يبدو وكأنه مدينة مزدهرة، فهو بالنسبة للكثيرين مدينة بائسة، مليئة بالناس الذين يعيشون على معونات من المنظمات الإنسانية بينما ينتظرون العودة إلى ديارهم.
استقرّ والحديث للواشنطن بوست مليون شخص في منطقة تضمُّ أجزاء من شمال إدلب بالقرب من الحدود التركية، بحسب الأمم المتحدة، السقالات الخشبية الخشنة تشير إلى إنشاء مواقع بناء جديدة، فاضت الأسواق المحلية بالباذنجان والبصل والبطيخ والكرز، تتنافس الدراجات النارية مع الجرارات على الطرق الوعرة.
وتحدث السكان المحليون في مخيم أطمة، وهو مخيم كبير للنازحين، إلى أنه مخيم لمن "تقطعت بهم السبل على الحدود" في السنوات السابقة، وبالنسبة للبعض، كان المُخيّم محطة على الطريق قبل محاولة العبور بشكل غير قانوني إلى تركيا.
عندما وصل أحمد الحجازي إلى هناك في العام 2013، كان هناك بضع مئات من العائلات في الخيام، قبل خمس سنوات، كان هناك حوالي 13,000 أسرة في ما تسميه الأمم المتحدة "مخيم أطمة"، الآن هناك أكثر من 30 ألف أسرة، أو حوالي 160 ألف شخص، يقول حجازي: "لقد أصبح مدينة".
وبعد أن فقد الناس الأمل في العودة إلى مدنهم وقراهم، بدؤوا في بناء منازلهم في المُخيم، فأحمد حجازي الذي يعمل في منظمة غير ربحية، بنى مسكناً من غرفتي نوم تكلفتها حوالي 10,000 دولار، الأثرياء هناك يبنون مباني من طابقين وثلاثة طوابق، وخلقت فورة البناء هذه بعض الوظائف في مجال البناء.
وأضافت المقالة: "لا توجد كهرباء منتظمة في أطمة، لكن شركة سورية جديدة قدمت الخدمة مؤخراً إلى أجزاء أُخرى من شمال إدلب وكذلك عاصمة المحافظة، كانت هناك خطط لم تتحقق بعد لإعادة رصف الطرق المحلية وتوسيعها لاستيعاب حركة المرور المتزايدة".
وبحسب الصحيفة تبدو المنطقة وكأنها مقاطعة في تركيا، حيث تُستخدم الليرة التركية كعملة محلية جنباً إلى جنب مع الدولار، وتتوفر خدمة الهاتف المحمول على الشبكة التركية، وتقوم منظمة تركية غير حكومية ببناء عشرات الآلاف من المنازل في المنطقة.
وقالت كبيرة المحللين السوريين في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة للصحيفة: "إنها تتحول إلى ما يبدو أنه وضع دائم".
تُحاول أنقرة تهيئة ظروف معيشية مواتية لمنع الناس من عبور حدودها، وقالت خليفة إنه حتى هيئة تحرير الشام، وهي الجماعة الإسلامية المتشددة التي تسيطر على إدلب، تسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، في الغالب لإقناع الدول الغربية والمانحين الأجانب الآخرين بأنها تخلت عن جذورها المتطرفة وتستحق الاعتراف الدولي.
وخُتمت المقالة بأنّ الاستقرار هو الأمل لكثير من السوريين، يقول حجازي الذي دُمِّر منزله جنوب إدلب: "ليس لدينا أمل في العودة إلى منازلنا في المستقبل القريب - ليس في السنوات العشر المقبلة".
التعليقات (3)