في الذكرى الثامنة لمجزرة الغوطة.. كيف حاولت روسيا طمس الجريمة وتبرئة بشار الكيماوي؟

في الذكرى الثامنة لمجزرة الغوطة.. كيف حاولت روسيا طمس الجريمة وتبرئة بشار الكيماوي؟
عملت روسيا خلال عقد من الثورة السورية على إنقاذ حليفها نظام أسد بشتى الوسائل، ولاسيما تبرئته أمام المجتمع الدولي من عشرات مجازر الكيماوي التي قتلت آلاف الضحايا السوريين، وذلك رغم الأدلة الدامغة والإدانات الدولية والأممية التي أثبتت وقوف بشار الأسد وراء تلك الجرائم الكبرى، ومازالت تلاحقه رغم محاولاته الإفلات من المحاسبة بغطاء الحليف الروسي.

أولى جرائم ميليشيا أسد الكيماوية كانت في مثل هذا اليوم (21 آب) عام 2013، حين قصفت الميليشيا البلدات الثائرة ضد أسد ونظامه في الغوطة الشرقية (جوبر وزملكا وعربين) ومعضمية الشام بالغوطة الغربية، بقذائف تحمل غازات سامة (غاز السارين) وأسفرت عن مقتل أكثر من 1400 مدني معظمهم من النساء والأطفال.

ومن ذلك الوقت، عقدت روسيا أولى صفقاتها الدولية لتبرئة نظام أسد من كبرى جرائم العصر الحديث، حين أبرمت اتفاقا بين بشار أسد والولايات المتحدة الأمريكية يقضي بتسليم أسلحته الكيماوية مقابل تجنيبه ضربات جوية من واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ليبقى نظام أسد محمياً من أي محاسبة بل يواصل جرائمه ضد الشعب الثائر، رغم إقرار تلك الدول والأمم المتحدة بأنه وميليشياته يقفون وراء الهجوم الكيماوي في الغوطة وغيرها من المناطق.

ولم يقف الأمر هنا، بل سارعت روسيا ونظام أسد لطمس معالم الحقيقة في الغوطة الشرقية حينها، من خلال إجبار الشهود من مدنيين وأطباء وإعلاميين وغيرهم على تغيير شهاداتهم بسطوة السلاح والتهديد الأمني لتبرئة الميليشيا واتهام فصائل المعارضة بتلك الجريمة، إلى جانب اعتقال المئات في الأفرع الأمنية للتحقيق معهم كالمسؤولين عن المقابر والكوادر الطبية وعشرات المدنيين.

علاوة على ذلك، عمد الاحتلال الروسي على إجبار الشهود على الإدلاء بتصريحات مفبركة تناسب أكاذيبه وبثها على الهواء عبر قنواته الفضائية العربية والعالمية، إضافة لنقل 12 شاهدا "مفبركين" من أبناء الغوطة إلى اجتماع دولي لأعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، ما أدى لغضب وتنديد من الدول الحاضرة وخاصة فرنسا وبريطانيا اللتين وصفتا الأمر بأنه "مسرحية ومهزلة فاضحة" وقال السفير الفرنسي فيليب لاليو، حينها: "لا يمكن استغباء الناس كما لا بد للحقيقة أن تظهر في النهاية".

وقاحة وتزييف للحقائق

وعلى المستوى الدولي، حاولت روسيا بإصرار ووقاحة مفضوحة عرقلة أي محاسبة لنظام أسد حول جرائمه الكيماوية، وذلك بمحاولة الطعن في تقارير فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، من خلال استشهاد الروس ونظام أسد بوثيقة داخلية مسربة لموظفين سابقين بمنظمة الأسلحة الكيماوية أحدهما يدعى إيان هندرسون،  والذي زعم من خلال الوثيقة أن "أسطوانتين عُثر عليهما في الموقع وُضعتا هناك (دوما) على الأرجح ولم يتم إسقاطهما من الجو"، في محاولة لإبعاد التهمة عن ميليشيا أسد وروسيا، ليتبين فيما بعد أن ذلك الموظف (هندرسون) عميل تابع لروسيا بحسب وثيقة نشرتها "ويكيليكس" وتعود لكبير الموظفين السابقين في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية قال فيها “أطلب الكشف عن تقرير تقصي الحقائق بأكمله لأنني أخشى أن هذه النسخة المنقحة لم تعد تعكس عمل الفريق".

وكان تقرير مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية خلص في آذار عام 2019 إلى أن مادة كيماوية سامة تحتوي على غاز الكلور استُخدمت في هجوم دوما عام 2018، لكن نظام أسد ومن ورائه الروس رفضوا تلك النتائج وشككوا في تقرير المفتشين وحاولوا اتهام فصائل المعارضة باستخدامه، كما استخدمت موسكو حق النقض "فيتو" مرات عديدة لعرقلة أي تحرك تجاه بشار ونظامه.

شيطنة المعارضة

ومع الاستماتة لإبعاد التهم عن نظام أسد وميليشياته، عملت روسيا خلال السنوات العشر الماضية على إلصاق الجرائم بفصائل المعارضة (هيئة تحرير الشام) والمنظمات المدنية وخاصة منظمة "الخوذ البيضاء" (الدفاع المدني السوري) وهو أمر نفته المنظمة مرارا ببيانات رسمية رغم إثبات الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية استخدام ميليشيا أسد السلاح الكيماوي في عدد من المناطق السورية لاسيما سراقب واللطامنة.

آخر تلك المحاولات كانت في أيار الماضي، من خلال بيان لوزارة الخارجية الروسية قالت فيه "وردت معطيات من مصدر موثوق تفيد بأن جماعة جبهة النصرة الإرهابية تستعد لتنفيذ استفزاز آخر باستخدام مواد سامة وفق سيناريو تم إعداده بمشاركة عناصر من (الخوذ البيضاء) العاملين الزائفين في المجال الإنساني. ومن المفترض أنهم يقومون بتكديسها حاليا، في منطقة خفض التصعيد في إدلب شمال البلاد، وسيتم استخدام المواد الكيميائية ضد المدنيين".

إدانات دولية

وكانت الولايات المتحدة أبلغت مجلس الأمن الدولي في أيار الماضي أن نظام أسد متورط في 50 هجوما على الأقل بالأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011. في حين منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أكدت استخدام ميليشيا أسد للسلاح الكيماوي بغاز الكلور السلام في سراقب شرق إدلب في شباط 2018، إضافة لإدانة تؤكد وقوف الميليشيا وراء هجوم كيماوي آخر في اللطامنة شمال حماة، إلى جانب عشرات المجازر الكيماوية الأخرى بدءا من الغوطة الشرقية عام 2013 وحتى العام الماضي.

ورغم تلك الجرائم، مازال نظام أسد  يحاول الإفلات من المحاسبة بغطاء الاحتلال الروسي الذي سانده على كافة الصعد، ولاسيما التدخل الروسي العسكري والدعم السياسي والدبلوماسي، مع غطاء آخر أمام المجتمع الدولي لتبرئته من قتل واعتقال وتشريد ملايين السوريين بكافة أنواع الأسلحة، ولاسيما المحرمة دوليا، والكيماوي أخطرها.

بالمقابل، فإن تلك الأدلة ستبقى لعنة تطارده حتى محاسبته وأركان نظامه وجميع المتورطين في تلك الجرائم، عبر جهود السوريين الأحرار من ناشطين وحقوقيين وشهود بذلوا جهودا جبارة خلال العقد الماضي لتوثيق جرائم أسد وميليشياته، ونقلها للمحاكم الدولية بهدف محاسبتهم والانتصار لقضيتهم.

التعليقات (3)

    HOPE

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    حماية روسيا للسفاح في سوريا تجعل روسيا شريكا في الجريمه. روسيا لم تكن يوما وسيطا نزيها في القضيه السوريه.كل تحركاتها كانت لدعم السفاح و تجريم الضحيه اي لقلب الحقلئق وتزييفها. الجرائم المرتكبه في سوريا اكبر من ان يتم طمسها او تجاهلها وذلك لفظاعتها ويوم الحساب قادم طال الزمان او قصر.

    1HOPE

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    كيف يستطيع بشار اسد النوم ليلا بعد مشاهد القتل التي يرتكبها؟ كيف يبرر لاولاده اجرامه بحق السوريين وكيف يكذب؟ وهل يصدقه اولاده؟ اذا كان يحضر ابنه لخلافته فاننا سنرى قاتلا اشد شراسه و دمويه من ابيه! العالم الى الان راض عن جرائم الاسد ولكن لا يستطيع طمسها وما يدفعه السفاح في سبيل الحفاظ على راسه شارف على الانتهاء!!

    خالد السوري

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    لا حياة لمن تنادي مجتمع دولي أصم رعاي حصري للقتلة بشار الكيماوي المجرم من أعطاه الضوء الاخضر للقتل والسفك هو المجتمع الدولي الشريك في عملية الإجرام للنظام السوري العفن
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات