في تحقيق لأورينت استمر أسابيع.. موظفة أممية تنتمي لحزب الله وتهدد ناشطي الثورة

في تحقيق لأورينت استمر أسابيع.. موظفة أممية تنتمي لحزب الله وتهدد ناشطي الثورة

على مدار سنوات تحدثت عشرات التقارير عن فساد مؤسسات الأمم المتحدة داخل سوريا وتسخير المساعدات الإنسانية لصالح ميليشيا أسد والموالين له من مؤسسات أمنية واقتصادية وأفراد، يُضاف لها سلسلة لم تتوقف من الإخفاقات الحقوقية والتغطية على جرائم النظام والتستّر عليها بدعوى الحفاظ على العلاقة مع النظام، من أجل القيام بدورها في إدارة الملف.

 

اليوم الفضيحة جديدة، وعلى مستوى أكثر خطورة وتمسّ عشرات الناشطين وسلامتهم وخصوصيتهم وصحّة توثيق الجرائم في سوريا، بطل هذه الفضيحة هو مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي يعمل على توثيق الانتهاكات، إذ تمكّنت أورينت وعبر تحقيق استمر لأسابيع من التوصل إلى وجود موظفة في المكتب لها ارتباطات مع ميليشيا حزب الله في لبنان.

البداية كانت مع شكوك لعدد من الناشطين والإعلاميين في شمال وجنوب سوريا، تواصلت معهم أورينت، حول وجود موظفة أممية تعمل في مكتب حقوق الإنسان في بيروت تتواصل معهم بحجة جمع معلومات عن قصف وانتهاكات لميليشيا أسد.

أورينت بدأت البحث من ثلاثة محاور: الأول في لبنان، والثاني في إدلب بالشمال السوري، والثالث في درعا جنوباً، لمحاولة جمع المعلومات والربط فيما بينها والتحقق من التفاصيل، وتوصل التحقيق إلى أننا أمام قصة لا يمكن وصفها إلا بالفضيحة الأممية، بعد التأكد من أن الموظفة هي من بيئة ميليشيا حزب الله وأن كثيراً من الناشطين كان لديهم شك في أسئلتها والمعلومات التي تحاول الوصول إليها والأشخاص الذين تحاول الحديث معهم.

 

من هي الموظفة؟

الموظفة المعنيّة تُدعى سيرينا حسين حمود من الطائفة الشيعية، ومن مواليد برج البراجنة (22 يناير 1993) في الضاحية الجنوبية، التي تُعد معقل ميليشيا حزب الله، بحسب المعلومات التي توصّلت إليها أورينت من مصادرها في لبنان التي بحثت في هوية الموظفة ومكان وجودها، والتي أفادت أيضاً أن أحد إخوتها قيادي في حزب الله داخل الضاحية.

تضيف المعلومات أن حمود تعمل في مجال حقوق الإنسان ضمن فريق التحقيق وتوثيق الانتهاكات في مكتب سوريا التابع للمفوضية الأممية في بيروت، وتسلّمت ملف الانتهاكات في سوريا، وبدأت بالتواصل مع ناشطين في الشمال والجنوب مطلع عام 2021.

 

أسئلة استخباراتية!

خلال الأسابيع الماضية ازدادت مخاوف الناشطين من تواصل سيرينا حمود معهم، بسبب نوعية أسئلتها والتي تتركز بشكل خاص عن وجود مقرات عسكرية حول مكان القصف أو وجود فصائل أو مشافٍ، الأمر الذي دفع رئيس مجلس إدارة رابطة الإعلاميين السوريين، عمر حاج أحمد، إلى إصدار تعميم بين الناشطين يحذّر فيه من التعامل مع الموظفة الأممية المذكورة.

واستفسرت أورينت من جهات حقوقية حول طبيعة عمل فريق التحقيق والمهام التي يُفترض أن يقوم بها، وحسب ناشطين حقوقيين فإن الفريق يُفترض أن يكون المعني بجمع الأدلة وتوثيق الانتهاكات داخل سوريا، ويفترض أن تكون المعلومات التي يتوصل إليها المكتب والأشخاص الذين يتم التواصل معهم سرّية بشكل كامل، كون عمل الفريق يكون مع ناشطين مطلوبين أمنياً للنظام إضافة إلى ذوي الضحايا والمعتقلين في أرجاء سوريا كافة وخاصة في مناطق الخاضعة لسيطرة نظام أسد، والمعرّضين دوماً للاعتقال.

وحسب ما قاله أحد الناشطين في الجنوب السوري لأورينت، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، فإن أسئلة سيرينا حمود كان فيها شكوك كبيرة، والأمر الذي زاد التكهّنات حول مهمّتها هو طلبها المستمر التواصل مع ناشطين في مناطق أخرى خاضعة لسيطرة النظام دون وجود سبب معيّن أو أحداث في تلك المنطقة، مستغلة ثقة الناشطين ببعضهم، الأمر الذي أدى إلى توسيع شبكة تواصلها بطريقة وصفها بأنه "غريبة".

وحسب تسجيلات صوت وصلت لأورينت للموظفة الأممية من أحد الإعلاميين في الشمال السوري، تُظهر التسجيلات طلبها تحليلات عن سبب تزايد القصف الروسي على جبل الزاوية وطبيعة الخريطة العسكرية في المنطقة والطرف المسيطر عليها، إضافة إلى طلبها معرفة النقاط الطبية وأمكنتها.

كما يُظهِر أحد التسجيلات طلبها من الإعلامي رأيه وتحليله لزيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى إدلب وانسحاب بعض الجنود الأتراك من مقراتهم العسكرية، حسب قولها، إلى جانب طلبها معرفة معلومات عن مخفر سرمدا و"معمل الطرابيش" الذين تعرّضا للقصف في تشرين الأول العام الماضي، المعلومات التي أكد العديد من الناشطين الحقوقيين أنها غير مهمة في عملية التوثيق خاصة لدى الأمم المتحدة، بل هي أقرب لمحاولة رصد حركة الوفد التركي ونشاطه.

وأثناء بحث أورينت أكد أحد الناشطين الإعلاميين، أنه خلال الأشهر الماضية قام بوضع سيرينا حمود على تواصل مع إحدى الناشطات العاملات في مناطق سيطرة ميليشيا أسد بهدف توثيق بعض الانتهاكات هناك، إلا أن هذا الناشطة تعرضت للاعتقال دون سبب، وبقيت في المعتقل ثلاثة أسابيع قبل أن تتمكن وساطات مجتمعية ودينية وعشائرية من إطلاق سراحها.

وبعد إطلاق سراحها أبلغت الناشطين عن تحقيقات تعرّضت لها في أحد الأفرع الأمنية التابعة لمخابرات نظام أسد، وأنها سُئلت عن تفاصيل دقيقة كانت قد شاركتها مع الموظفة سيرينا، وتتحفظ أورينت على ذكر تفاصيل حول الناشطة لدواعٍ أمنية.

عقب ذلك انتشرت تحذيرات واسعة بين الناشطين السوريين من التعاون مع الموظفة سيرينا، وطلبهم إبعادها عن توثيق الانتهاكات في ملف سوريا، الأمر الذي دفع مديرة قسم التوثيق في المكتب، رشا القيسي، إلى الموافقة على طلب الناشطين إنهاء تكليف سيرينا بالمسؤولية عن ملف الشمال والجنوب السوري فقط.

ويقول رئيس مجلس إدارة رابطة الإعلاميين السوريين، عمر حاج أحمد لأورينت، إن القيسي وافقت على تكليف سيرينا حمود بملف انتهاكات قسد شمال شرق سوريا، وتكليف موظف آخر يُدعى ليث العامود بتوثيق انتهاكات الشمال والجنوب السوري.

لكن رغم إنهاء تكليف سيرينا، إلا أن أورينت تأكدت من استمرار تواصلها مع ناشطين سوريين هناك، كما إن حاج أحمد أوضح أن القيسي وسيرينا تواصلتا معه قبل أسبوعين، وأكدتا له إعادتها إلى توثيق الانتهاكات في الشمال السوري بحجة أن المكلّف الجديد ليث العامود لم يتمكن من تغطية المنطقة.

بحث أورينت لم يتوقف، وسَعت من خلال مصادرها وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل التقنية إلى الوصول إلى حساب الموظفة في تطبيق "انستغرام"، ليتم العثور على صورة نشرتها لمقام "السيدة زينب" في سوريا، والذي يُعد معقل الميليشيات الإيرانية وحزب الله في دمشق ومقصد الزوار الإيرانيين الشيعة.

وعقب تداول الصورة بين الناشطين السوريين حولها، قامت سيرينا بحذف الصورة من حسابها مباشرة بطلب من رشا القيسي، الأمر الذي زاد الشكوك أكثر، إلا أن رشا القيسي برّرت سبب الحذف لعمر حاج أحمد، حسب قوله، بأن "سيرينا موظفة في الأمم المتحدة وهي لا تتدخل في الأمور الدينية والعرقية"، كما بررت أيضاً بأن سيرينا عند نشر الصورة لم تكن موظفة بعد في الأمم المتحدة في 2014.

 لكن القيسي لم تقدّم تفسيراً مقنعاً لوجود سيرينا في سوريا في ذلك العام، وهو الذي شهد أوج حصار الغوطة الشرقية واستخدام نظام أسد للأسلحة الكيماوية، بالإضافة أن دخول الأجانب إلى سوريا ووصولهم إلى تلك المناطق كان حكراً على المقرّبين جداً فقط.

 

داعمة لميليشيا أسد

البحث والتحقيق الذي عملت عليه أورينت لأسابيع تُوّج بوصولها إلى أدلة اطلعت عليها تُثبت أن الموظفة داعمة لميليشيا أسد وجرائمه في سوريا، ليعلن العديد من الناشطين السوريين التنبيه الشديد من أي تعاون مع المكتب الذي يبدو أنه عوضاً عن التحقيق مع الموظفة واتخاذ الإجراءات ضدها قام بالتغطية عليها.

 ودعا رئيس مجلس إدارة رابطة الإعلاميين السوريين، عمر حاج أحمد، جميع الناشطين السوريين إلى مقاطعة المكتب بشكل كامل مطالباً بـ "عدم التعاون مع المكتب إلا في حال ضمان تغيير السيدة سيرينا في الملف السوري وأن كافة المعلومات المقدمة لهم آمنة ومضمونة من قبلهم". المطالب التي من غير الواضح بعد إن كان سيتم تحقيقها.

الفضيحة الأممية الجديدة تضع حياة الناشطين السوريين في خطر، وتطرح جملة من الأسئلة التي تشكّك بعمل الأمم المتحدة الحقوقي في سوريا بالكامل، كيف وصلت هذه الموظفة إلى هذا المنصب؟ ومن أعطاها كل هذه الصلاحيات؟ ألم يتم مراجعة خلفيتها والتحقّق من نشاطها وتعريضها حياة الناشطين للخطر؟ هل بات مسموحاً دخول مؤيدي ميليشيا حزب الله إلى الملف السوري وتتبع الناشطين تحت مظلّة الأمم المتحدة؟ لماذا لم يتم تحييد الموظفة والتحقيق معها بشكل جادّ عندما طالب الناشطون بذلك؟ وهل باتت حياة الناشطين وخاصة في مناطق أسد مستباحة لدى الأمم المتحدة؟ أسئلة عديدة وفضيحة يبدو أن لها ارتدادات قادمة.

 

أورينت تواصلت مع رشا القيسي التي رفضت الإجابة لأسباب "بروتوكولية"، وقالت عبر رسالة في "واتس آب": "حسب بروتوكولات المكتب يجب أن يكون التواصل مع شخص مخوّل رسمياً للتواصل مع القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام بصورة عامة"، مشيرة إلى أن المكتب الرئيسي في جنيف سيرد بأسرع وقت، ولكن أورينت لم تتلقّ أي اتصال من جنيف حتى لحظة نشر التحقيق.

التعليقات (2)

    طالب حق

    ·منذ سنتين شهرين
    القيسي نفسها شيعية

    محمد

    ·منذ سنتين شهرين
    رشا القيسي نفسها شيعية هدول كلهم بيشتغلو عملاء مزدوجين لايران ولامريكا لهيك تاركينهم يجب تقديم شكوى رسمية وتعميم اسمها عا مواقع التواصل الاجتماعي وفضح تامر الامم المتحدة لاضطهاد السوريين
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات