بعد اختفاء الفلحوط ظهور البلعوس يعيد الجدل حول حركة "رجال الكرامة" بالسويداء!

بعد اختفاء الفلحوط ظهور البلعوس يعيد الجدل حول حركة "رجال الكرامة" بالسويداء!

عاد الجدل في السويداء مرة أخرى حول دور قوات "رجال الكرامة" في الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة، وكذلك في مجمل ما تعيشه من تطورات، بعد الاتهامات التي وجّهت لهذه القوات بتهريب راجي فلحوط، متزعم ميليشيا "قوات الفجر" المرتبطة بالأمن العسكري، والتي تمكّن أبناء السويداء من تفكيكها مؤخراً.

الجدل الذي كان قد بدأ عقب اختفاء فلحوط بعد الهجوم على مقراته في بلدتي عتيل وسليم بريف السويداء يوم الثلاثاء الماضي، حيث انتشرت الأخبار وعلى نطاق واسع باعتقاله من قبل قوات رجال الكرامة، التي يقودها الشيخ يحيى الحجار.

لكن بعد توافد الكثيرين إلى دوار المشنقة في مدينة السويداء في وقت مبكر يوم الأربعاء، لحضور تنفيذ الإعدام بالفلحوط، بسبب الجرائم التي كان قد ارتكبها، تفاجأ الجميع بصدور بيان عن "رجال الكرامة" ينفي وجود الفلحوط بحوزتهم، ما أثار سخط المجتمع المحليّ، وصولاً إلى اتهام الحركة وقائدها بالتواطؤ وتسهيل تهريبه، في حين ذكّرت مواقفُ أخرى بتقاعس الحركة وقائدها والخذلان الذي مارسوه في معركة القريا قبل سنوات ضد فيلق العودة المدعوم روسياً.

نكأ الجراح

وبينما اعتقد الجميع بأن هذه الصفحة قد طويت، ظهر ليث البلعوس، وهو ابن الشيخ وحيد البلعوس، مؤسس حركة رجال الكرامة، والذي اغتيل عام ٢٠١٥ بعملية تفجير اتّهم بها نظام أسد على خلفية المواقف التي عبر عنها الشيخ الراحل ضد النظام، حيث هاجم البلعوس الابن، وإن كان بشكل ضمني وغير مباشر الحجار وقواته، ليعود الجدل مرة أخرى حول خلافات المرجعيات الدرزية ودورها في ما تشهده محافظة السويداء.

البلعوس انتقد بشدة في اللقاء الذي جمعه بمضافته مع حشد من أبناء المحافظة، ما سماه بـ"الازدواجية" في التعاطي مع الأمور، متسائلاً عن سبب الغضب من إعدام ستة من عناصر "قوات الفجر" التي كان يقودها راجي فلحوط، "بينما تم السكوت على مقتل سامر الحكيم" والأخير هو قائد "قوة مكافحة الإرهاب" التابعة لـ"حزب اللواء" المثير للجدل.

ورغم أن البلعوس تجنب أي ربط بين حركة رجال الكرامة التي يقودها الشيخ الحجار اليوم، وبين أجهزة النظام الأمنية، إلا أنه شدد وبقوة على أن اجتثاث ميليشيا الفلحوط الهدف منه هو "اجتثاث المد الشيعي الإيراني" وقطع أذرع مخابرات النظام في السويداء.

ويتهم البعض الحجار وقواته بنسج علاقات مع الأمن العسكري وغيرها من أجهزة مخابرات النظام، ويقولون إن تهريب الفلحوط، أو على الأقل عدم إلقاء القبض عليه والتهاون في ملاحقته، كان بهدف تجنب أن تكشف التحقيقات معه عن ارتباطاته وعلاقاته، التي يقول هؤلاء إنها تشمل مرجعيات وقادة في حركة رجال الكرامة، الأمر الذي تنفيه الحركة.

نفي وتأكيد

أبو تيمور، المسؤول الإعلامي في الحركة، أكد أن جميع المشاركين في الحملة ضد ميليشيا الفلحوط أكدوا عدم وجوده خلال الهجوم على مقراته، مشدداً على أن الاتهامات يقف خلفها طرفان، الأول مرتبط بأجهزة الأمن، والثاني بأطراف خارجية.

ويقول في حديث مع "أورينت نت": رغم أن حركة رجال الكرامة كانت الطرف الأبرز في الحملة الشعبية ضد ميليشيا قوات الفجر، إلا أن الجميع شارك فيها بما في ذلك قوات من مدينة شهبا وأخرى تابعة لرجال الدين ووجهاء محليين، وبالتالي لا يمكن توجيه الاتهام لطرف محدد لأن الجميع كان حاضراً.

وأضاف: كل المشاركين في الحملة أكدوا أنهم لم يعثروا على راجي فلحوط، واعترافات الأسرى من عناصره كشفت عن مغادرة الفلحوط معقله قبل يوم من الهجوم، وبالتالي فإن ما صدر من اتهامات كان واضحاً أن الهدف منها الإساءة للحركة وإفراغ جهودها من أي مضمون.

توحد ضد الفلحوط..اختلاف على الحكيم

ورغم أن المسؤول الإعلامي  في رده على أسئلة "أورينت" لم يذكر أي جهة محددة تقف خلف الاتهامات التي توجه لهم، وبينما لا تحتاج الإشارة إلى أجهزة الأمن لتوضيح، إلا أن الحديث عن جهات مرتبطة بأطراف خارجية تحيل مرة أخرى كما يبدو إلى "حزب اللواء" وذراعه العسكري الذي كان يقوده سامر الحكيم، حيث قتل الأخير خلال عملية الهجوم على معقله بريف السويداء الشرقي قبل ثلاثة أسابيع من جانب ميليشيا الأمن العسكري المدعومة بميليشيات إيرانية.

ويُتهم الحزب بارتباطه مع إسرائيل، الأمر الذي دأب المسؤولون فيه على نفيه، مؤكدين أنهم يتلقون الدعم من قبل قوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، من خلال قاعدة التنف، وأن هدف جناحهم العسكري كان مواجهة تنظيم داعش وعصابات تجارة المخدرات.

وإلى جانب اتهام الحزب بالارتباطات الخارجية، فقد اتهمت قوة مكافحة الإرهاب التابعة له بضم فاسدين وأصحاب سوابق جنائية وأمنية، لكن اللافت كان دفاع ليث البلعوس في ظهوره الأخير يوم الإثنين عن قائد القوة سامر الحكيم، حيث تساءل: لماذا صمت الجميع عن مقتله رغم أنه لم يرتكب أي جرائم؟، بينما يتم التباكي على قتل عناصر راجي فلحوط الستة؟!

خلافات شخصية

مصادر محلية من أبناء المحافظة تواصلت معهم "أورينت نت" اعتبروا أن تصريحات البلعوس لا تعدو أن تكون محاولة رد اعتبار شخصي، حيث يعرف عنه موقفه السلبي تجاه الشيخ يحيى الحجار الذي خلف والده الشيخ وحيد البلعوس في قيادة حركة رجال الكرامة، مؤكدين أن الحركة تحظى بدعم الغالبية العظمى من أبناء السويداء.

وكانت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، الممثلة بالشيخ حكمت الهجري، قد دعت أهالي المحافظة للنفير العام التي أطلقتها حركة رجال الكرامة، والتصدي لمجموعات الأمن العسكري التي يقودها "راجي فلحوط،"، حيث تم تعميم النداء عبر مكبرات الصوت في بلدة قنوات، مقر الرئاسة الروحية يوم الثلاثاء الماضي، ما يعتبر حسب المصادر مؤشراً على المكانة التي تحظى بها حركة رجال الكرامة.

إلا أن ذلك لم يمنع مواقع وصفحات إخبارية محلية من مواصلة الهجوم على الحركة واعتبار خطاب البلعوس الابن دليلاً على صحة الاتهامات التي توجه لها، بل إن البعض لم يتردد عن اتهام بعض من مشايخ العقل بالتوافق الضمني مع الشيخ الحجار في إطار التنافس على زعامة الطائفة.

لكن الصحفي نورس عزيز، وهو من أبناء السويداء، اعتبر هذه الاتهامات والتوظيف لما جاء في كلام ليث البلعوس جزءا من الحملة التي تستهدف حركة رجال الكرامة ودورها المهم في ضمان الاستقرار الاجتماعي في المحافظة.

بين الإيجابي والسلبي

وقال في تعليقه لـ"أورينت نت" حول هذا الموضوع: رغم اختلافنا في بعض النقاط مع الحركة، وتحفظاتنا على بعض مواقف قياديين فيها، إلا أن الحركة في النهاية تقوم على أبناء المحافظة الشرفاء الذين لا يتقاضون أي مقابل لقاء انخراطهم في صفوفها، وهو انخراط غير منظم بل شعبي حيث يتداعى الرجال عند أي ملمة من أجل الدفاع عن أمن واستقرار السويداء وسكانها وضيوفها من مختلف المذاهب والطوائف، وبالمجمل فإن ما تحققه مهم وإيجابي.

عزيز الذي كشف عن بدء سليم حميد، متزعم أحد الميليشيات المرتبطة بأجهزة النظام الأمنية، بتفكيك قوته وتسليم سلاحه بضغط من حركة رجال الكرامة، أكد على أن من يوجه الاتهامات للحركة هم بالدرجة الأولى المرتبطون بهذه الأجهزة الأمنية، لأن النظام لا يقبل بوجود طرف قوي في المحافظة.

يبدو أن التداعيات التي نتجت عن حملة تفكيك ميليشيا راجي فلحوط في ريف السويداء الأسبوع الماضي، قد انقسمت إلى جزء سلبي وآخر إيجابي.

أما الجانب الإيجابي الذي ترتب على هذه الخطوة، فهو توجيه رسالة حاسمة إلى المتعاملين مع أجهزة أمن النظام والميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني، وعصابات المخدرات المرتبطة بهذه الميليشيات وبحزب الله اللبناني، من أجل وضع حد لأعمالهم وتفكيك ميليشياتهم وتسليم أسلحتهم، الأمر الذي سيسهم، حسب التقديرات، في عودة الأمن والاستقرار للمحافظة، التي شهدت تصاعداً كبيراً في عمليات الخطف والاشتباكات والسطو والتهريب.

أما الجانب السلبي التي خلفتها الحملة، فتتمثل بنكئ جراح الخلافات بين المرجعيات ووجهاء الطائفة الدرزية، التي ورغم توحدها على ضرورة التخلص من ميليشيا قوات الفجر وامثالها من العصابات، إلا أنها لا تبدو متوافقة على الملفات الأخرى التي تخص إدارة المحافظة وقيادة المجتمع المحلي فيها، الأمر الذي يستدعي، حسب الكثيرين، ضرورة العمل على معالجة الملفات الخلافية وعدم الاستمرار بتجاهلها، خشية أن تتفاقم بمرور الوقت بما يسمح للنظام وحلفائه الاستثمار بها واستغلالها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات