صواريخ "خرداد 15" لسوريا رداً على هجوم كفرسوسة

صواريخ "خرداد 15" لسوريا رداً على هجوم كفرسوسة

لا يختلف اثنان أن الهجوم الإسرائيلي ما بعد منتصف شهر شباط/ فبراير على مواقع عسكرية لإيران وحزب الله في دمشق، هو الثاني هذا العام، وهو الأقوى على مرّ الأعوام السابقة، وأنه استهدف مواقع حساسة في قلب العاصمة دمشق ومحيطها، وحتى المواقع المخفية بمنازل المدنيين طالها القصف وأوقع أكثر من 15 قتيلاً في صفوف الإيرانيين من بينهم قيادات رفيعة في الحرس الثوري الإيراني.

على مدار الأسابيع التي سبقت عملية استهداف اجتماع كفرسوسة كانت هناك مؤشرات عديدة أوحت بقرب تنفيذ إسرائيل لضربة جوية داخل الأراضي السورية، منها استهداف الناقلة "كامبو سكوير" في بحر العرب، التي تعود ملكيتها لرجل أعمال إسرائيلي، بعد مهاجمتها بطائرات مسيّرة (شاهد 136) يستخدمها الحرس الثوري الإيراني، ومؤشر آخر تم رصده من قبل وسائط السطع الفضائي والجوي الأمريكي والإسرائيلي على البوابة الحدودية الشرقية في سوريا "معبر البوكمال"، بعد أن تم تزويد حوامات استطلاع التحالف الدولي وبعض الطائرات المسيّرة المخصصة للمراقبة بكاميرات أشعة خاصة تستطيع تحديد محتويات ما يتم نقله عبر شاحنات تدّعي إيران أنها تنقل مساعدات وإغاثة لمتضرري الزلزال، بعد شك أمريكي- إسرائيلي أن إيران ستستغل نكبة الزلزال في سوريا، وهذا ما تم بالفعل عندما دخلت من معبر "البوكمال" قوافل إيرانية في ظاهرها تحمل مواد إغاثية وفي باطنها حملت معدات لطائرات مسيّرة وعناصر لأنظمة دفاع جوي وبعض العناصر الحساسة التي تركّب على الصواريخ الموجودة لدى حزب الله في لبنان لزيادة دقة إصابتها، وقد تم رصد قافلتين على الأقل، الأولى ضمت حوالي 60-70 شاحنة دخلت من العراق عبر معبر البوكمال رفعت رايات مساعدات إنسانية اختفت في محيط دير الزور، بعد توزيع الأسلحة التي تحملها على بعض ميليشياتها التي تنتشر في شرق سوريا، والقافلة الثانية لحقت بها وضمت 33 شاحنة تحت راية معدات إنقاذ ومساعدات وروافع مقدمة من ميليشيات عراقية تتبع لإيران، عبرت قرية الهري على الحدود السورية -العراقية، وتابعت طريقها عبر محورين، الأول سلك طريق حلب ووصلت شاحناته إلى مطار النيرب الخاضع للسيطرة الكلية لإيران، والثاني توجّه لمحيط دمشق كمرحلة أولى بانتظار فرصة سانحة لنقل عرباته إلى لبنان، المؤشر الثالث كان حتمية رد الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل على قصف صاروخي استهدف مساء السبت 18 شباط/ فبراير قواعد للتحالف الدولي في قاعدتي حقل العمر ومعمل كونيكو في شرق الفرات بمحيط دير الزور، لكن يبدو أن إخباراً عبر عملاء لإسرائيل من الداخل السوري دفع لضرورة الإسراع بالعلمية الجوية كونه يحمل معلومات عن اجتماع رفيع المستوى لقيادات من الحرس الثوري الإيراني (قد يكون بحضور إسماعيل قاآني أيضاً) مع قيادات فلسطينية من قطاع غزة، قيل إن أحد أطرافها كان أمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة ورئيس الجناح العسكري في الحركة، فكان القصف الإسرائيلي عبر 14 صاروخاً استهدفت مقرّ الاجتماع في أحد المباني المدنيّة في منطقة كفرسوسة (المربع الأمني السوري في العاصمة دمشق) تقطنه بعض قيادات الحرس الثوري الإيراني، ومدرسة إيرانية للتدريب بالقرب من المبنى، والمعلومات تحدثت عن مقتل العميد أمجد أحمد علي مهندس صواريخ في مركز البحوث العلمية ويعمل بشكل وثيق مع محمد رضا أنصاري قائد عمليات نقل الأسلحة إلى سوريا في الوحدة 840 الإيرانية الذي قد يكون قد قُتل في تلك العملية أيضاً، علماً أن المبنى الذي استهدفته إسرائيل في حي كفرسوسة (تنظيم كفرسوسة) هو نفس الموقع الجغرافي الذي اغتيل فيه عماد مغنية القائد العسكري الأكبر لدى حزب الله في 12 شباط/ فبراير عام 2008 على يد إسرائيل (إسرائيل لم تعترف بعملية الاغتيال)، ليضيف استهداف الاجتماع السري في قلب دمشق تأكيداً آخر حول عمق الخرق الأمني للموساد الإسرائيلي في الدوائر الضيقة لنظام الأسد وحزب الله والحرس الثوري الإيراني.

القصف الإسرائيلي (الأخير) الذي وُصف بالأكبر والأضخم والأكثر إيقاعاً لقتلى من عناصر ميليشيات إيرانية، استهدف إضافة لمقر الاجتماع في كفرسوسة، مستودعات عسكرية في المنطقة التي تتوسط طريق السيدة زينب مع قرية الذيابية، وبعض المواقع في دوار المزرعة، ومحطة رادار دُمرت بالكامل في تل المسيح جنوب شهبا في محافظ  السويداء، وبعض الصواريخ سقطت بمقرات قيادة اللواء 75 واللواء 91 التابع للفرقة الأولى في منطقة الكسوة التي غالباً ما تتعرض لهجمات جوية وصاروخية إسرائيلية على اعتبار أن منطقة الكسوة تضم أكبر مستودعات تخزين الأسلحة الإيرانية في سوريا، وبرّر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عمليته الجوية بالقول: "نحن نقاتل على جبهتين رئيسيتين ضد أعدائنا، الجبهة الداخلية، والجبهة الإيرانية".

استهداف إسرائيل لمناطق مدنيّة تضم مقرات أمنية وعسكرية لا يشكل سابقة بهجمات إسرائيل المتتالية داخل الجغرافية السورية، فقد سبق لها واستهدفت قيادياً من حركة حماس في منطقة المزة في العاصمة دمشق، واستهدفت قبله القيادي بحزب الله سمير القنطار في حي جرمانا، لكن الجديد بالهجمات الإسرائيلية الأخيرة أنها تأتي بتنسيق تام مع الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تمارس بعض الضغوط سابقاً على عمليات استهداف إسرائيل لميليشيات إيران، على زعم أمريكي أنها تعيق المفاوضات التي كانت تجري في فيينا حول الملف النووي الإيراني وملفات الصواريخ والطيران المسيّر، وبذلك تتضح اليوم معالم إستراتيجية عسكرية جديدة اعتمدتها تل أبيب، انتقلت فيها من تكتيك ضرب فائض القوة الإيرانية في سوريا، وسياسة جزّ العشب إلى إستراتيجية ضرب عمق وجذور التموضع الإيراني في سوريا، وانتقلت أيضاً من رسائل عبر منشورات كانت تلقيها الطائرات الإسرائيلية بالجولان وفيها تحذير لضباط استطلاع الأسد في القطعات العسكرية المنتشرة على تخوم الجولان المحتل من خطورة التعاون مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، إلى رسائل عبر صواريخ تطلقها إسرائيل بواسطة طائراتها أو قواعد إطلاق أرضية بالجولان المحتل، في ظل إحجام إيران عن الرد، والاحتفاظ بهذا الحق للزمان والمكان المناسبين على غرار نظام الأسد وحزب الله، ويبدو وكأن الطرفان قد اتفقا ضمنياً على قواعد اشتباك تُبقي أريحيّة لإسرائيل باستهداف ما تريد من أهداف، وفي المكان والوقت الذي تريد، مع إصرار إيراني على تدعيم وجودها على الساحة السورية والسعي لجعل سوريا جبهة مواجهة إيرانية مع إسرائيل عند الحاجة مهما تكبدت من خسائر سواء كانت بالعتاد أو السلاح أو القدرات البشرية.

في هذا الإطار يبدو أن زيارة وزير الدفاع الأسدي اللواء علي محمود عباس، والتي تبعتها زيارة لقائد القوى الجوية والدفاع الجوي اللواء كاسر الغانم إلى طهران، أسفرت عن توافق إيراني- سوري لنقل منظومة دفاع جوي إيرانية من نوع "خرداد 15" إلى سوريا، كخطوة تأتي بإطار الرد على هجوم كفرسوسة وبعد سحب روسيا لمنظومة "إس 300" من الأراضي السورية لاستخدامها في الحرب مع أوكرانيا، لكن ما يجدر قوله إن إيران سبق لها ونقلت أجزاء من منظومة دفاع جوي "باور 373" وهي منظومة تعدّ أحدث من حيث القدرات وذات مدى أكبر من المنظومة الجديدة "خرداد 15" ولم تُفلح بوقف الهجمات الإسرائيلية، بل أكثر من ذلك، إن إسرائيل قامت بتدمير بطاريتين من تلك المنظومة الأولى في جبل قابيل في منطقة الزبداني والثانية في جبل مانع بالكسوة، وأيضاً دمرت إسرائيل محطتي رادار لمنظومة "باور 373"، الأولى في جبل قليب والثانية في تل المسيح في محيط محافظة السويداء، دون أن تستطيع الدفاعات الجوية الإيرانية الجديدة من الدفاع عن نفسها فكيف ستدافع عن نظام الأسد؟؟

السؤال الآخر: ماذا فعلت كل منظومات الدفاع الجوي الإيرانية داخل إيران بعد أكثر من هجوم طال مواقع حساسة لمراكز تصنيع عسكرية إيرانية لكي يتم نقلها لسوريا، منها تدمير مصنع صواريخ ومواقع أخرى في أصفهان نهاية شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، الأمر الأهم أن إسرائيل وبعد حصولها على صواريخ تُحمل جواً من طراز "هارم وستاندارد" تستطيع الوصول لأهدافها من فوق سماء الجولان المحتل ومن فوق المياه الدولية بالبحر المتوسط، لم تعد بحاجة للدخول للسماء السورية، إضافة لامتلاك تل أبيب وسائط تشويش إلكتروني قادرة على إعماء وتشتيت كل محطات سطع وبطاريات الدفاع الجوي المعادية بنصف قطر يزيد عن 500 كم.

يبقى السؤال الأهم: طالما أن إيران تمتلك منظومات دفاع جوي من صناعتها وتقول إنها تضاهي وتتفوق على المنظومات الروسية والأمريكية، لماذا تستورد منظومات دفاع جوي من روسيا "إس 300" وتفاوض موسكو على منظومة "إس 400"؟؟ 

التعليقات (3)

    عمرو

    ·منذ سنة شهرين
    خلص فهمنا

    Adham

    ·منذ سنة شهرين
    انتبهوا الضربة الأمريكية المباغتة القريبة جدا والقادمة هي لتركيا وليست لإيران المجوسية. قوتان يجب القضاء عليهما هما قوة تركيا وقوة مصر وهذا لإتمام مهمة المجوس دون عائق لهدم الكعبة وحفر قبر رسول الله لكي يهتز الإيمان في قلوب المسلمين ويخرج الناس عن الإسلام بمئات الملايين هذه هي الحقيقة المرة الذي تنطلي على الكثير.' ياأمة ضحكت منها الأمم. المجوش عملة ذهبية للماسونة العالمية. بعد الإنتهاء من المهمة الموكلة للمجوس ستصبح إيران أشلاء ممزقة. b bb b bcfdgredsg

    Ayman Jarida

    ·منذ سنة شهرين
    إذا صواريخ س ٣٠٠ وس ٤٠٠ الروسية ما أسقطت اي طائرة إسرائيلية بدأ صواريخ الخردة الإيرانية بدها سقط
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات