لماذا تحوّلت أمريكا إلى "حمل وديع" في سوريا؟!

لماذا تحوّلت أمريكا إلى "حمل وديع" في سوريا؟!

الدولة الأقوى على وجه الأرض، وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في جميع الصراعات خارج حدودها، وصاحبة الحلّ والعقد في السياسة الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.. هذا هو الوجه الذي رافق الولايات المتحدة، صاحبة الجيش الأضخم، والميزانية الدفاعية الأعلى، خلال الثمانين عاماً المنصرمة.

بحكم أن الشرق الأوسط هو أحد الملاعب المفضّلة للسياسة الأمريكية وتدخّلاتها العسكرية، فإنها لم تكن في منأى عن أحداث المَحرقة السورية، وانخرطت منذ اندلاع الثورة السورية في التصريحات التي توّجها أوباما بعبارته الشهيرة: الأسد فقد شرعيته، وأيّامُه باتت معدودة، ثم بوضعه الخط الأحمر الشهير: استخدام السلاح الكيماوي سيقلب الطاولة على الأسد وحلفائه.

لم ينتظر السوريون كثيراً ليدركوا أن كلمات أوباما لم تكن تختلف عن كلمات المسؤولين العرب حول مجازر الأسد، جعجعة بلا طحين، بينما انتظر أوباما ثلاث سنوات ليتدخل عسكرياً في سوريا، ليس ليعاقب بشار على استخدام السلاح الكيماويّ في غوطة دمشق صيف ألفين وثلاثة عشر، لكن ليطرد تنظيم داعش، الذي سيقوم بدوره بتسليم الأراضي التي كانت فصائل الجيش الحر حرّرتها، إلى ميليشيا الأسد.

اثنا عشر عاماً من عمر الثورة السورية، كانت فيها الولايات المتحدة صاحبة الدور الأكثر خجلاً من بين الدول الفاعلة، حت تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى مجرد منظمة إغاثة إنسانية تندد بإغلاق الحدود أمام المساعدات، وتفتخر بأنها أكثر دولة قدّمت مساعدات للشعب السوري.

أمام هذا الواقع، شكّل التخاذل الأمريكي فرصة ذهبية لحلفاء الأسد كي يتمددوا في سوريا، ويصبحوا أصحاب الكلمة العليا في الميدان وفي أروقة الأمم المتحدة، بينما ماطلت واشنطن تسع سنوات كاملة، لتصدر بعدها قانون حماية المدنيين السوريين، المعروف بـ "قانون قيصر"، والذي أعطى بارقة أمل للسوريين بأن جميع الذين قتلوهم ودمّروا مدنهم وهجّروهم، سيمثُلون أخيراً أمام المحاسبة، غير أن هذه البارقة من الأمل لم تلبث أن انطفأت كغيرها من الآمال، ليتضح أن عقوبات واشنطن لم تكن سوى منع من السفر إلى أراضيها، أو تجميد أرصدة غير موجودة أصلاً، أو منع التعامل الاقتصادي ودعم العسكري لدمشق، الأمر الذي لم يلتزم به سوى بعض الدول التي لا تقيم أصلاً علاقات مع الأسد وتراه فاقداً للشرعية.

في معمعة التخبّط السياسي والعسكري "المقصود" لواشنطن، كان الثابت الوحيد هو أنها سعت لتمديد عُمر الحرب في سوريا، من خلال اقتصارها على هدف "محاربة الإرهاب" المتمثّل بتنظيم داعش، دون تقديم أي جهد حقيقي يؤدّي إلى إضعاف الآلة العسكرية الأسدية أو الروسية أو الإيرانية، ودون إمداد قوات المعارضة بالمقابل بأسلحة نوعية مؤثرة في الميدان.

اكتفت الولايات المتحدة  بتلك القوات المنتشرة شمال شرق سوريا، والتي تمنع حتى اليوم حصول بشار على مناطق تمثّل السلة الاقتصادية في سوريا، واليوم باتت تلك القوات في مرمى نيران الميليشيات الإيرانية، التي تضرب مواقع الجنود الأمريكيين في الليل والنهار، حتى وصل عدد الهجمات على مصالح أمريكية بشهادة وزير الدفاع لويد أوستن، ثلاثة وثمانين هجوماً في عهد بايدن، بينما ردّت القوات الأمريكية على أربع هجمات منها فقط!.

سياسياً، أصبحت تحذيرات واشنطن من التطبيع مع الأسد تثير سخرية السوريين وغيرهم، وهم يرون قادة ومسؤولي دول عربية يتقاطرون لإعادة العلاقات مع بشار، ضاربين بعرض الحائط كل التصريحات الأمريكية، التي انتقلت من التلويح بعقوبات، إلى مجرد القول: لا نشجّع التطبيع مع الأسد.

فهل تُحوِّل أقوى دولة في العالم موقفها بغاية سحب يدها نهائياً من الملف السوري وهي التي لم تتحكم به أصلاً من البداية؟ وهل يقود ذلك إلى انسحاب مفاجئ من شمال شرق سوريا على غرار ما رأينا في أفغانستان؟ أم إن الولايات المتحدة تتقمّصُ دور الحمل الوديع بينما يعرف الجميع استحالة حل الملف السوري دون موافقتها ورضاها؟.. هذا ما باتت الإجابة عنه ربما أقرب من أي وقت مضى.           

 

 

التعليقات (3)

    سورية للعضم

    ·منذ سنة 4 أسابيع
    اول ما بتطلع بخلقتك كأني بشوف سمير جعجع ياريت لو تقللي السبب

    Adham

    ·منذ سنة 4 أسابيع
    عند النصر إن شاء الله واقتحام الساحل سنطبق قانون الله في الطائفة النصيرية وفي حميرهم أعضاء حزب البعث .أيها البعثي القذر أتستبدل شرع الله بشريعة الشيطان لعنة الله عليكم شريعة ميشيل عفللق. والغريب أن منهم من يصلي فمثلهم .مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) والبعث ترك القرآن وآحكامه واتبع إيحاء الشيطان وحدة حرية اشتراكية.عملاء وكلاب الماسونية لعنة الله عليهم..لاتقبل منك صلاة ولاصيام إن لم تحب شرع الله وتسعى لتطبيقه وعليك أيضا الكفر بالطاغوت أي بأي حاكم لايطبق شرع الله.فلا يجوز لك شرعا أن تؤمن بالطاغوت وتؤمن بالله بأن واحد فهذا يعد شركا وكفرا. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ أما الحاكم الذي لايحكم بما أنزل فهو ليس منا أي أنه ليس من المؤمنين.أما بالنسبة للحكام العرب ولا نستثني منهم أحد هم ليسوا كفارا فقط بل هم خونة عملاء ماسونيين يحرصون على القضاء على الإسلام ونشر الرذيلة بين العباد وتسليم البلاد للأعداء.

    محمد سعيد

    ·منذ 8 أشهر أسبوع
    امريكا منذ بداية الحرب السورية كانت خائفة بل ومرعوبة من الثورة، لأنها قد تجلب بلد عدو لإسرائيل، لهذا السبب رأينا دخول داعش المفاجئ في سوريا وهو ليس مفاجئاً بل كان بتخطيط وتنسيق بين اجهزة المخابرات الغربية وتركيا والجميع يعلم هذا، فكلهم سهلوا وصول مقاتلي داعش إلى سوريا، ثم ما أثار استغراب السوريين اصلاً هو ان داعش لم يقاتل النظام بل كان يقاتل الجيش الحر فقط، بحجة انهم يبدؤون بالمرتدين أولاً وان كان هذا التنظيم اسلامياً حقيقياً لكانت أهدافه غير ذلك، ثم ما لبثنا أن رأينا كيف يقاتل الجيش الحر بضراوة وبكامل قونه في ريف حلب ويسلم مناطق شاسعة للنظام في جنوب وغرب سوريا، في تدمر وريف حلب وادلب وسلم شرق وشمال سوريا لأمريكا والأكراد بوقت قصير جداً... اللعبة بسيطة و واضحة، كان تنظيماً تابعاً للمخابرات الغربية وهدفه حماية الاسد من الانهيار ومحاربة الثوار وقتلهم ونرى جميعاً كيف استقرت امريكا "بالصدفة وهي تحارب الارهاب" فوق أنهار وحقول النفط في دير الزور وتركت باقي السوريين لمصيرهم امريكا لم تدعم الثوار بل عملت على تفكيكهم وأرادت اضعافهم امام الاسد، وامريكا من شجعت على الحل السياسي لعلمها بفشل الثورة سياسياً امام دول عظمى مثل الصين وروسيا وهي دول تملك حق الفيتو امريكا ليست صديق لا للثورة ولا لكل سني يرفع صوته عالياً
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات