واشنطن بوست توثق مواقف إدارة بايدن المتناقضة تجاه الأسد: من العزل إلى التطبيع

واشنطن بوست توثق مواقف إدارة بايدن المتناقضة تجاه الأسد: من العزل إلى التطبيع

عرّت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إدارة بايدن وخذلانها للسوريين عبر تراجعها عن الوعود التي قطعتها حال وصولها إلى البيت الأبيض.

وقال ديفيد ادسنيك مدير الأبحاث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" في مقال نشرته الصحيفة إنه في الأسابيع الأولى من رئاسة جو بايدن، أعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن التزامه "بوضع حقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة".

كما أعرب بلينكن قبل تولّيه منصبه عن أسفه العميق للطريقة التي "أخفقت بها الولايات المتحدة في منع الخسائر الفادحة في الأرواح" في سوريا وذلك خلال فترة توليه منصب المسؤول الثاني في وزارة الخارجية بعهد باراك أوباما.

 ومع ذلك، بعد أن أصبح بلينكن يشغل منصباً دبلوماسياً رفيعاً، فإن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا هي عكس ما قد يتوقعه المرء. بدلاً من عزل بشار الأسد وضمان بقاء نظامه منبوذاً، شجعت الإدارة بهدوء إعادة تأهيل الأسد دبلوماسياً.

تلك السياسة تتعارض مع روح قانون قيصر لحماية المدنيين والذي أقرّه الكونغرس في أواخر عام 2019 بدعم قوي من الحزبين حيث من المفترض أن يسعى هذا القانون إلى ترسيخ عزلة الأسد من خلال وضع شرط قانوني يفرض على الرئيس فرض عقوبات على كل من يتعامل مع نظام الأسد.

خلال الأشهر الأولى من ولايتها، تعهّدت إدارة بايدن بالتنفيذ المخلص للقانون، ومع ذلك، استغرق الأمر 6 أشهر قبل أن تفرض عقوبات على أي من كيانات نظام الأسد، في حين أن إدارة ترامب، ورغم من سياستها المتقلبة تجاه سوريا، كانت تعلن عن قوائم عقوبات جديدة شهرياً بعد دخول القانون حيز التنفيذ.

أمام الحلفاء الغربيين، تتحدث إدارة بايدن وكأنها لا تزال ملتزمة بعزل الأسد وقد أعلنت الشهر الماضي في بيان مشترك مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا رفض التطبيع مع نظام الأسد ما لم يكن هناك تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي.  

فكرة خيالية

ومع ذلك، بينما بدأت دول عربية مختلفة جهوداً لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، أشارت إدارة بايدن إلى استعدادها لقبول النتيجة. وبدلاً من الاحتجاج بشدة على هذه التحركات، قالت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، في مقابلة الشهر الماضي: "ننصح أصدقاءنا وشركاءنا في المنطقة بضرورة الحصول على شيء مقابل هذا الانخراط مع الأسد".

وتقول الإدارة إنها تتوقّع من الأسد تقديم تنازلات في مجال حقوق الإنسان مقابل التطبيع، وقالت ليف إن أولئك الذين يتعاملون مع الأسد يجب أن "يضغطوا عليه" للنظر في "أمن شعبه"، وعلى وجه التحديد، الضغط عليه "لتهيئة الظروف للسماح للنازحين داخلياً واللاجئين بالعودة إلى ديارهم بأمان"، وقد كررت ليف تلك النقاط في حديث لموقع "المونيتور" ومرة أخرى في إحاطة رقمية لوزارة الخارجية.

وبحسب الكاتب، فإن فكرة أن تؤتي تلك الطلبات ثمارها هي فكرة خيالية إذ تتمتع الأنظمة التي تتهيأ لإعادة العلاقات مع الأسد بسجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان ولن يدافعوا عن الشعب السوري.

وفيما لم تقدم الإدارة أي مبرر واضح لدعم التطبيع، يبدو أن السبب الرئيسي هو التعب حيث لا تريد الإدارة استثمار رأس المال الدبلوماسي الضروري لإبقاء الأسد معزولاً، وهو الذي يحظى بدعم لا محدود من روسيا وإيران.
  
ذلك التوجّه يأتي رغم أن الموقف المعلن بعزل بشار الأسد إقليمياً يحظى بدعم كلا الحزبين في الكونغرس، ولأسباب أخلاقية، فإن قضية عزل الأسد لا تقبل الجدل. كما تصبّ أيضاً في المصلحة الذاتية الضيقة للولايات المتحدة حيث تحوّل نظام أسد إلى أشبه بعصابة تهريب المخدرات، تغمر المنطقة بعقار شبيه بالأمفيتامين يُعرف باسم الكبتاغون. 

ولا تزال دمشق أيضاً جزءاً لا يتجزأ من الشبكة الإيرانية التي تنقل أسلحة متطورة ومئات الملايين من الدولارات إلى حماس وحزب الله والتي جعلت المنطقة على شفا حرب في وقت سابق من هذا الشهر بهجمات صاروخية على إسرائيل.

وخلص الكاتب إلى أن إعادة تأهيل الأسد وصلت إلى هذا الحد فقط لأن الإدارة أعطت جيرانه الضوء الأخضر، ولا يمكن عكس مسار تلك العملية دون تغيُّر في توجُّه إدارة بايدن.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات