معهد أمريكي حمّلها المسؤولية.. كيف ستؤثر انتفاضة العشائر على علاقة واشنطن بقسد؟

معهد أمريكي حمّلها المسؤولية.. كيف ستؤثر انتفاضة العشائر على علاقة واشنطن بقسد؟

ليست المرة الأولى التي تتواجه فيها ميليشيا قسد عسكرياً مع العشائر العربية في مناطق سيطرتها في شمال شرق سوريا، لكن الاشتباكات التي اندلعت في دير الزور بعد اعتقال قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لها أحمد الخبيل، كانت الأخطر بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة الداعمة للميليشيا، ليس فقط بسبب قرب مناطق القتال من حقول النفط بريف دير الزور الشرقي، ولكن أيضاً لأن ما جرى كاد يُخرج منطقة كبيرة عن السيطرة.

وعكست الدعوات المتكررة من جانب الولايات المتحدة و"التحالف الدولي" إلى التهدئة ووقف القتال، حالة من القلق الأمريكي، لتقوم واشنطن بعد ذلك بإرسال وفد دبلوماسي برئاسة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، بهدف احتواء التوتر، تجنباً لدخول قوى أخرى على خط الاشتباكات.

وفي تصريحات بدت "تراجعية" من جانب "قسد" تحت ضغط أمريكي، تعهّد "مظلوم عبدي" بتلبية مطالب العشائر وتصحيح الأخطاء التي ارتُكبت في إدارة المنطقة، وأضاف، الخميس، لوكالة "رويترز" أنه التقى زعماء العشائر، ويحترم طلبهم بالإفراج عن عشرات المقاتلين المحلّيين الذين انتفضوا واعتُقلوا مؤخّراً، مضيفاً: "لدينا قرار بأنه سيتمّ العفو عن الجميع في عفو عام للمتورّطين في هذه الحوادث، حتى الآن أُفرِج عن جزء، وسيُفرَج عن الباقين". 

ويبدو أن التطورات الميدانية التي حصلت في بداية الاشتباكات وخاصة حالة الانهيار السريع في صفوف "قسد" خلال الأيام الأولى، ستدفع بالسؤال عن جدوى الاستمرار في التحالف مع "قسد" إلى الواجهة في الدوائر المعنية بالسياسة الخارجية الأمريكية، أكثر من أي وقت مضى.

اتفاق أمريكي على تحميل "قسد" المسؤولية

ويتّفق مع ذلك المستشار السياسي لـ"التحالف الأمريكي من أجل سوريا" قتيبة إدلبي، الذي يشير في حديثه لـ"أورينت نت" إلى "حالة من الاتفاق" في واشنطن على أن سياسات حزب "الاتحاد الديمقراطي-pyd" هي المتسبّبة بكل ما جرى في دير الزور.

وعن الخطوات القادمة، وما إذا كانت الإدارة الأمريكية مُقبلة على تغيير طريقة إدارتها لمناطق نفوذها في سوريا، يقول إدلبي: "للدقة لا نستطيع الجزم بتغيير كبير، لأن الولايات المتحدة هي من أوجدت هيكلية "قسد"، ما يعني أن التغيير القادم لا يعني أبداً استبدال "قسد"، وإنما كيف يمكن تعديل توازن القوى داخلها، بمعنى إعطاء العشائر الوزن والثقل الحقيقي".

ويقول: "حقيقة الاشتباكات الأخيرة أقلقت الإدارة الأمريكية، لأنها جاءت في وقت مفاجئ بالنسبة لواشنطن التي لم تكن تحسب حساباً لهذا التوتر"، مضيفاً: "بالتالي نحن أمام زيادة ضغط أمريكي ليس على "قسد"، وإنما على وحدات حماية الشعب، لفتح المجال أمام مشاركة أوسع للعشائر في السلطة والحوكمة، أما عن حجم المشاركة فالأمر يُترك لقدرة العشائر على التفاوض مع قسد". 

ويؤيّد حديث إدلبي عن "قناعة" في واشنطن بأن سياسات "قسد" هي المتسبّبة بالاشتباكات، مضمون دراسة نشرها معهد الشرق الأوسط الأمريكي، أقرّ فيها الباحث غريغوري ووترز بتعدد وتعقيد جذور الأزمة بين "قسد" والعشائر، مؤكداً أن "الأزمة تعود إلى سنوات مضت".

وأضاف: "إن العنف الحالي هو بمثابة رفض لنظام "قسد" برمّته كما تم استخدامه في دير الزور"، مشيراً إلى "المظالم الموثّقة" التي ارتكبتها "قسد"، وقال: "هي متجذّرة في الممارسات التعسفية والاستغلالية من قبل كل من القيادة الكردية والعديد من قادة "قسد" العرب الذين يدعمونهم، وعمليات القتل التي تقوم بها "قسد" واعتقال المدنيين الأبرياء، والافتقار العام إلى الحماية ضد هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية/داعش" والاغتيالات التي تستهدف المدنيين والقادة المحليين، والإهمال لاقتصاد المنطقة وخدماتها".

لا تغيير بوجود الإدارة الأمريكية الحالية

أما الكاتب والأستاذ في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، رضوان زيادة، فيرى أن من السابق لأوانه الحديث عن تغيّر في العلاقة بين الولايات المتحدة بإدارتها الحالية و"قسد"، قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، المقرّرة في مطلع آذار 2024.

ويقول لـ"أورينت نت": "تحظى "قسد" بدعم كبير داخل إدارة الرئيس جو بايدن، وداخل الكونغرس، بوصفهم يمثلون "الأكراد" الذين وقفوا مع أمريكا في حربها ضد تنظيم داعش، نحن أمام عوامل الوفاء والتعاطف التي تلعب دوراً في العلاقة مع "قسد" من جانب الإدارة الأمريكية".

ومثل زيادة، يستبعد المدير التنفيذي لـ"منظمة تحالف الأديان" شادي مارتيني، حدوث أي تغير على طريقة تعامل الإدارة الأمريكية الحالية مع "قسد"، مُرجعاً ذلك خلال حديثه لـ"أورينت نت" إلى تسلم بريت ماكغورك ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض، حيث يُعد ماكغورك مهندس مشروع "قسد".

كذلك يلفت إلى غياب جهة موحّدة للعشائر، حيث تفضّل وزارة الدفاع الأمريكية التعامل مع جهة واحدة بهيكلية متماسكة.

ويضيف مارتيني: "أخيراً هناك قناعة عند الشخصيات الممسكة بالملف السوري في الإدارة الأمريكية، مفادها أنه لا يمكن الوثوق بالعشائر بسبب احتمال الانتقال بتحالفاتهم بسرعة".

وباختصار، تبدو الأسباب التي أدت إلى الاشتباكات بين العشائر و"قسد" ليست "طارئة" وهي متوقّعة من جانب الإدارة الأمريكية التي ستعمل على تجنّب تكرارها من خلال الضغط على "قسد" لتوسيع مشاركة العشائر في قرار مناطقهم. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات